صدر للكاتب والناقد الادبي الدكتور قيس كاظم الجنابي كتابه الذي يحمل عنوان (المقالة الأدبية في العراق / النشأة والتطور ) عن سلسلة (نقد) التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة التابعة لوزارة الثقافة، والكتاب سياحة رائعة في تاريخ هذا الفن الادبي من بداياته الى مراحل تطوره حيث يؤكد المؤلف الباحث انها تطورت تطوراً ملحوظاً منذ الخمسينيات وحتى الألفية الثالثة بخطى وئيدة .
يقع الكتاب ، الذي صمم غلافه الفنان رائد مهدي ، في ٣٤٤ صفحة من القطع الكبير ،ويتوزع على اربعة ابواب هي :الاول : بدايات المقالة العراقية ،الثاني : تطور المقالة العراقية ،الثالث : تحولات الصحافة و تحولات المقالة الادبية والرابع : تطبيقات نقدية في المقالة الأدبية ، افتتحه بمقدمة جاء فيها : تحتل المقالة الادبية مكانة مهمة في ميدان الكتابة ، والممارسة اليومية ، لانها على تماس مباشر مع الصحافة ، وعلى صلة حيوية مع حياة و ثقافة المجتمع لأنها تكتب و تسمع معاً فهي تمارس في الصحيفة و المجلة و أحياناً في الأذاعة وتقرأ في التلفاز . واضاف: وتعد المقالة الأدبية فناً ادبياً ذا صلةً حميمةً بالصحافة والثقافة على حدِّ سواء ، وهي فن يستخدم لغة الخطاب الأدبي وسيلة للأتصال بالقارئ / المتلقي ، ولكنها تختلف في لغتها عن لغة الشعر ، لانها توظف لغتها صحفياً ، وتجعلها وسيلة لإبلاغ القارئ موقف الكاتب و أيصال قدراته و تصوراته ، وهذا ما جعلها تستخدم لغة لها مواصفاتها الخاصة بها من حيث التداول .
وتابع : ولكن المقالة الأدبية تواجه مصاعب جمة من حيث قربها من المقالة السياسية ، ومن حيث صعوبة الإلمام بها وجمع نصوصها وهذا سبب إحجام الباحثين عن دراستها وتعد المقالة الأدبية في العراق فرعاً متميزاً من المقالة الأدبية العربية ، لهذا تركزت الكثير من الدراسات حول مانشر منها في كتب) .
ففي الباب الاول من الكتاب الموسوم ( بدايات المقالة العراقية )، ذهب المؤلف الى القول :يعد فن المقالة واحداً من فنون المعرفة ولوناً من الوان الثقافة الذي تطور عن أدب الرسائل بكل انواعه السياسية والأدبية والتأريخية و الاجتماعية ثم نما و تطور ليأخذ شيئاً من فن الحكاية أو من فن الخطابة ، لانه يعتمد على النثر ، أي نثر أدبي ، علمي ، تأريخي ، جغرافي ،( مكاني) ويعتمد على السرد المعرفي المحمل بأفكار أدبية بشكل خاص ، موضحا ان (المقالة أرتبطت نشأتها بظهور صناعة الطباعة وبروز الصحافة)، ومن يتساءل : (إذا كانت المقالة فناً أدبياً مرتبطاً بالصحافة وتطورها مع تطور فن وصناعة الطباعة فهل يمكن ان تستمر على هذا
المنوال ، وهل يمكن أن تتأثر بالمستجدات الآخذه بالنهوض كـ الأنترنت وصحافة الصورة ووسائل الاتصال و عبر قنوات التلفزة ؟)
وجاء في الفصل الثاني تحت عنوان (التجارب المبكرة في المقالة العراقية) رحلة الصحافة العراقية واهم شخصيات المقالة الادبية في العراق منهم ابراهيم صالح شكر و يوسف رجيب ومحمود احمد السيد و عبدالوهاب الامين ومير بصري و رفائيل بطي وآخرين، بتوضيح (لا تشكل مراجعة الكتب في العراق قبيل الحرب العالمية الثانية ظاهرة بارزة في ميدان المقالة الادبية، وانما هي نوع من الكتابة الصحفية المدعومة برغبة الكاتب بالكتابة او المتابعة باي اتجاه كان ولكن هذا الامر لا يخلو من استثناءات ومن هذه الاستثناءات الكاتب عبدالوهاب الامين ولد سنة 1912الذي يعد من اللامعين في كتابة المقالة الادبية وله اسهامات واضحة، اما الفصل الثالث (اصداء في نشأة المقالة العراقية )، فقد ركز على تأثر وتأثير المقالة العراقية بالحركة الثقافية في مصر ، حيث يقول « اقترنت هذه الحركة الأدبية بنمو و ظهور المقالة الادبية في مصر ثم في العراق و بالذات في المجلات النجفية التي تأثرت بالحركة الثقافية المصرية ، والتي قامت على أسس موضوعية مهمة, منها أنتشار الوعي الثقافي بتأثير مباشر من الغرب .
وفي الباب الثاني من الكتاب و الموسوم (تطور المقالة الأدبية في العراق )، ثمة عناوين لستة فصول هي : الاول المقالة الأدبية و التوجهات النقدية المبكرة، الثاني المقالة الأدبية في أدب حسين مردان ، الثالث علي جواد الطاهر .. كاتب مرحلة وممثل جيل والرابع المقالة الأدبية عند مهدي شاكر العبيدي،والخامس : يوسف نمر ذياب .. ووحي الغربال فيما كان الفصل السادس بعنوان : المقالة الأدبية بين محي الدين اسماعيل و مدني صالح، وأوضح مهمة الناقد قائلا : (على الرغم من كون الكاتب يعد منتجاً للمقالة الادبية بالدرجة الاساس ، إلا انه يطرح نفسه بوصفه صاحب موقف أو صاحب مهمة ثقافية و يمنح نفسه صفة الناقد أو المرادف له بأي شكل يراه مناسباً) ، ويضيف : (وحين تتصل المقالة الأدبية بوصفها الفن السهل الممتنع بالفكر تصبح نافذة على صراع الافكار السائدة على الساحة الفكرية عربياً و عالمياً ، والمقالة الفكرية لها صلة وثيقة بالمقالة التأملية التي تعرض مشكلات الحياة والكون ، والنفس الإنسانية و تحاول أن تدرسها درساً لا يتقيد بمنهج الفلسفة و نظامها المنطقي الخاص بل تكتفي بوجهة نظر الكاتب) .
وفي الباب الثالث الموسوم بـ ( تحولات الصحافة وتحولات المقالة )، هناك عدة عناوين هي : ١- لقاء الأجيال في المقالة الأدبية ،٢- المقالة الانطباعية و النقد عند عبدالجبار عباس ،٣- ترويض النقد و4-المقالة الأدبية و الشروع النهضوي . ماجد السامرائي مثالاً و٥- ضفاف جديدة في كتابة المقالة الأدبية عند شكيب كاظم ، ومن توطئته « أسهمت الاجيال الادبية في العراق جميعاً في رفد فن المقالة الادبية بمستجدات مهمة ، وفقاً لقدرات كل جيل ولكن أبرز ما يميز كتاب هذا المحور هو حضور الستينات و بروز بعض تجارب جيل السبعينات الموازية لهم والتي تحاكيهم احياناً) .
وفي في الباب الرابع حيث يرصد المؤلف ( تطبيقات نقدية ) يذهب في سياحة في شعرية العنوان في المقالة الادبية ، و شعرية المقالة الأدبية وعرض الكتب بين الهواية والاحتراف.\
وفي خاتمة الكتاب يؤكد المؤلف الباحث بالقول : يمكن أن نلاحظ ان المقالة الأدبية في العراق ، تطورت تطوراً ملحوظاً منذ الخمسينات وحتى الألفية الثالثة بخطى وئيدة ، وانها أرتبطت بالصحافة أرتباطاً وثيقاً ، من خلال مانشر من مؤلفات و مانشر في الصحافة العراقية منذ نشأتها وحتى الآن .
سلسلة (نقد) السلسة التي تعنى بالنشاط النقدي عبر ماتقدمه من علامات في النقدية العراقية على صعيدي المنتج النقدي او قدرة منتجه في هذا الحقل المعرفي الكبير و التي تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة / وزارة الثقافة .
والمؤلف من مواليد محافظة بابل 1951، وهو ناقد ونسابة ومحقق مخطوطات وباحث عراقي ،وأستاذ جامعي حاصل على الماجستير في المخطوطات والدكتوراة في تاريخ الفكر، وله العديد من الكتب النقدية والمؤلفات المختلفة .عبد الجبار العتابي