قبيل أربعة أيام من القمة المنتظرة بين الرئيسين الأميركي والتركي، صعّدت أنقرة حرب التسريبات في قضية جمال خاشقجي، كاشفة أن واشنطن باتت على علم بالمستوى الذي صدر عنه أمر الاغتيال. وفي ظلّ تصاعد الضغوط التركية، تنصرف السعودية إلى محاولة تحسين صورتها، وتدارك الضرر الذي لحِق بها، حتى بات يشكّل تهديداً لمستقبل محمد بن سلمان
هذه العبارة أعاد وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، أمس، العزف عليها، في ما قد يكون تصعيداً للضغوط على واشنطن والرياض بهدف انتزاع مكاسب وتنازلات، أو تجلّياً لتطلّع حقيقي وجدّي لدى أنقرة إلى عملية تغييرية تتجاوز تقليم أظفار ابن سلمان. وتساءل أوغلو، في تصريحات من طوكيو، عن «الأشخاص الـ15 الذي أتوا إلى إسطنبول، مِمَّن تلقّوا الأوامر؟»، مُجدداً قول رئيسه إن الملك سلمان لم يصدر أي تعليمات بقتل خاشقجي، ومشدداً في الوقت نفسه على أن «القتلة تلقّوا تعليمات بذلك، ولا يمكنهم أن يأتوا ويقتلوا مواطناً سعودياً دون أخذ إذن من أحد». ويُتوقّع أن يشكّل ارتفاع التحفّظ التركي عن الجهر بطبيعة الأدلة التي في حوزة أنقرة، وتلويح الأخيرة بكشف تلك المعطيات للرأي العام، عنصر إحراج إضافياً لإدارة ترامب، خصوصاً إذا ما أدت نتائج الانتخابات إلى إضعاف موقف الرئيس، مع ما يعنيه الأمر من انعكاسات محتملة على قضية خاشقجي.
وحتى تتبيّن تلك النتائج، ويخرج الدخان الأبيض من قمة ترامب ـــ أردوغان، تجد السعودية نفسها مضطرة إلى إعادة لملمة أوراقها، وتصدير صورة من القوة والسيطرة، على رغم إقدامها على خطوات تراجعية من قبيل إطلاق سراح الأمير خالد بن طلال، الذي يُتوقّع أن يلحقه إلى «الحرية» أمراء آخرون من «معتقلي الريتز»، بهدف «تهدئة الغضب الدولي»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية. وللمرة الأولى منذ تولّيه العرش قبل أكثر من 3 سنوات، بدأ الملك سلمان من محافظة القصيم (وسط) جولة داخلية، تستهدف «الوقوف على أحوال المواطنين، وتدشين مشاريع تنموية مهمة»، بحسب صحيفة «عكاظ» السعودية. وتزامن انطلاق تلك الجولة غير المسبوقة مع وضع ابن سلمان الحجر الأساس لما يُفترض أن يكون أول مفاعل نووي للأبحاث في المملكة، في مدينة عبد العزيز للعلوم والتقنية.