يعد أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب “اسرائيل بيتنا” اليميني المتطرف، واحداً من أكثر الساسة الاسرائيليين شهرة وإثارة للجدل.
في مايو/أيار 2016 عُين ليبرمان وزيرا للدفاع في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد موافقته على الانضمام للائتلاف الحاكم. واستقال ليبرمان من منصبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2018، احتجاجا على قبول هدنة لإنهاء يومين من القتال مع الفصائل الفلسطينية في قطاع غزة.
ولم يلق تعينه كوزير للدفاع استحسان الجميع، واستقال موشيه يعلون، العضو البارز في حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو، من العمل السياسي عند تعيين ليبرمان وزيرا للدفاع، قائلا إن الحكومة يتم الاستيلاء عليها من قبل “عناصر متطرفة خطرة”.
وأصبح ليبرمان وزيراً لخارجية إسرائيل ونائبا لرئيس الوزراء عام 2009، بعد أن قاد حزبه للفوز بثالث أكبر كتلة برلمانية في الكنيست، وانضم إلى الائتلاف الحكومي الذي قاده حزب الليكود حينذاك.
هجرة
وولد ليبرمان في كيشيناو عاصمة مولدوفا وهي إحدى جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق عام 1958.
وعمل ليبرمان حارسا للأمن بأحد الملاهي الليلية في مولدوفا وهو دون العشرين، ثم انتقل للعمل في أذربيجان، قبل أن يهاجر إلى إسرائيل عام 1978.
وبعد وصوله إسرائيل خدم ليبرمان في الجيش الإسرائيلي، وحصل على درجة جامعية في العلوم الاجتماعية من الجامعة العبرية في القدس.
وأصبح ليبرمان ناشطا في مجال السياسة الطلابية وبدأ حياته السياسية في حزب الليكود، حيث عمل مديرا عاما للحزب ما بين عامي 1993 و 1996، ثم عمل مديرا لمكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لمدة عام، خلال الفترة الأولى التي قضاها نتنياهو في رئاسة الوزراء.
ثم غادر ليبرمان حزب الليكود وأسس حزب إسرائيل بيتنا عام 1999، والذي أصبح يتمتع بشعبية بين نحو مليون مهاجر يهودي روسي إلى أسرائيل جاؤوا إلى إسرائيل بعد سقوط الاتحاد السوفيتي السابق.
وفاز في أول انتخابات يخوضها الحزب عام 1999 بأربعة مقاعد في الكنيست.
وعمل ليبرمان وزير للبنية التحتية ما بين عامي 1999 و 2002، ثم وزيراً للنقل والمواصلات بين عامي 2003 و 2004.
لكن ليبرمان طرد من الائتلاف الحاكم عام 2004، بعدما عارض خطة رئيس الوزراء حينها أرييل شارون للانسحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، والتي نفذت في صيف عام 2005.
وأصبح ليبرمان لاعبا رئيسيا في السياسة الإسرائيلية منذ مارس/ آذار 2006، حينما فاز حزبه بـ 11 مقعدا في الكنيست.
ومهد ذلك الطريق أمامه ليصبح نائبا لرئيس الوزراء، ووزيرا للشؤون الاستراتيجية في حكومة إيهود أولمرت، التي قادها حزب كاديما.
وفي عام 2009 قاد ليبرمان حزب إسرائيل بيتنا ليفوز بثالث أكبر كتلة برلمانية، ليحل في ذلك محل حزب العمل.
ولأنه بات متحكما في 15 مقعدا في الكنيست فقد أصبح بمثابة “صانع الملوك”، وعرقل ليبرمان جهود حزب كاديما صاحب النصيب الأكبر في الكنيست لتشكيل ائتلاف حكومي، وأعلن بدلا من ذلك تأييده لحزب الليكود وزعيمه نتنياهو. وفي مقابل ذلك حصل ليبرمان على منصبي وزير الخارجية ونائب رئيس الوزراء.
يمين الولاء
وأثارت سياسات ليبرمان المتشددة كوزير للخارجية القلق داخليا وخارجيا. وأغضب عرب إسرائيل، حينما طالب بفرض يمين للولاء على غير اليهود، كشرط لحصولهم على المواطنة الإسرائيلية.
وطالب ليبرمان بأن يقسم هؤلاء على الولاء لإسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، وأن يقبلوا برموزها وعلمها ونشيدها، وأن يلتزموا بالخدمة العسكرية.
وعلى الرغم من أنه يفضل حل الدولتين لحل الصراع مع الفلسطينيين، إلا أنه تبنى فكرة تبادل الأراضي الإسرائيلية التي تسكنها غالبية من العرب، مقابل المستوطنات الرئيسية المبنية في الضفة الغربية المحتلة.
كما تبنى ليبرمان فكرة اغتيال قادة حركة حماس الفلسطينية التي تحكم قطاع غزة، وأعلن أنه سيؤيد عقوبة الإعدام ضد أعضاء الكنيست، الذين يلتقون بقادة حماس أو حزب الله.
وفي عام 2009 نقل عن ليبرمان قوله إن إسرائيل يجب أن “تستمر في قتال حماس، مثلما فعلت الولايات المتحدة مع اليابانيين في الحرب العالمية الثانية”، وهو ما فسر على نطاق واسع بأنه إشارة إلى إلقاء قنبلتين نوويتين على ناغازاكي وهيروشيما.
اتهامات بالفساد
ولوحق ليبرمان بتهم بالفساد. وأعلن المدعي العام الإسرائيلي، في ديسمبر/ كانون الأول من عام 2012، أنه سيوجه اتهام إلى ليبرمان بخيانة الإمانة، في قضية تتعلق بسفير إسرائيلي سابق في بيلاروسيا.
واتهم ليبرمان بترقية السفير الإسرائيلي السابق لدى بيلاروسيا، زئيف بن أرييه، إلى منصب أرفع، وذلك بعد أن زوده بمعلومات سرية تتعلق بتحقيقات تجريها الشرطة في أنشطته.
وفي اليوم التالي أدهش ليبرمان كثيرين، باستقالته من منصبه الوزاري وتنازله عن حصانته البرلمانية، وتعهد حينها بإثبات براءته وإنهاء القضية دون تأجيل.
وفي نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2013 برأته محكمة بالقدس من تهمة خيانة الإمانة، ورأت فقط أنه تصرف بشكل غير لائق، عندما لم يخبر لجنة التعيينات بوزارة الخارجية عن تعاملاته السابقة مع بن أرييه.
وخلصت المحكمة إلى أن ليبرمان لم يدرك خطورة الموقف، وأن تعيين بن أرييه في المنصب الجديد لم يكن ترقية.
“المبادئ أهم من الحقائب الوزاية”
استأنف ليبرمان مهامه كوزير للخارجية واستمر في منصبه حتى مايو/أيار 2015.
وفي ذلك الشهر احدث ليبرمان صدمة في المؤسسة السياسية بإعلانه أنه لن ينضم للائتلاف الحاكم المكون من أحزاب يمينية متطرفة وأحزاب دينية والذي يشكله نتنياهو إثر الأداء القوي غير المتوقع لحزب الليكود في الانتخابات في مارس/أذار من ذلك العام.
وقال ليبرمان أنه وحزبه فضلا المبادئ على الحقائب الوزراية، متهما الائتلاف بأنه “انتهازي” وليس “وطنيا”.
وفي الخامس والعشرين من مايو/ أيار 2016 أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التوصل إلى اتفاق مع حزب “إسرائيل بيتنا” اليميني المتطرف لتوسيع الائتلاف الحكومي، وتعيين زعيمه أفيغدور ليبرمان وزيرا للدفاع.
وجاء ذلك الاتفاق بعد فشل المفاوضات التي أجراها نتنياهو مع زعيم المعارضة اسحاق هيرتزوغ. وقال ليبرمان في مؤتمر صحفي عقد في مقر البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) لتوقيع الاتفاق “التزامي الأول هو بسياسة مسؤولة ومتوازنة”.