باتت الدعوة إلى اغتيال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله تتكرّر كل حين على لسان مسؤولي العدو ومراكز دراساته، نظراً إلى قدرة نصرالله وتأثيره على قيادة المعارك وعلى التأثير في بيئة المقاومة وفي العالم العربي وبيئة العدو ورموزه على حدّ سواء
في الدور الدفاعي، حوَّل الحضور الراسخ للسيد نصر الله في وعي بيئة المقاومة ووجدانها، هذه البيئة الى حصن منيع أسهم في احتواء الكثير من الهجمات التي تستهدفها في وعيها وخياراتها ومواقفها. وخصوصية هذا الدور تنبع كما عبَّر رئيس أركان الجيش الاسرائيلي غادي أيزنكوت خلال عام 2010 (كان يتولى في حينه قيادة المنطقة الشمالية) بقوله إن «الشيعة مركز ثقل حزب الله»، ويعني ذلك في قواعد الصراع أنها هدف مباشر للعدو ينبغي استهدافه بكافة السبل المتاحة، انطلاقاً من أن إسقاطها يعني الانتصار في المعركة.
في السياق نفسه، يقود السيد نصر الله أكثر من معركة بشكل متواز، من ضمنها معركة الجاهزية، وتحصين حماية لبنان وعمق المقاومة. احتدمت هذه المعركة منذ ما بعد حرب عام 2006، واستطاع خلالها وعبر رسائله التي استندت الى التفاف صلب للمقاومة وبيئتها حول قيادته، الى إرباك حسابات مؤسسة القرار السياسي والامني في تل أبيب… أدت في النهاية الى توفير مظلة ردع حمت لبنان وعمق المقاومة، وأدت أيضاً الى تطور قدرات المقاومة على كافة المستويات. هذه المفاعيل والأبعاد التي تنطوي عليها، بدا حضورها المدوي بارزاً ايضاً لدى الخبراء والمعلقين. من هنا لم يُخفِ الكاتب في مجلة جيش العدو خلفية الدعوة الى اغتيال السيد نصر الله، بالقول إن ذلك يعود الى «شخصيته وخبرته العسكرية التي حوَّلته الى مركز ثقل، (يؤدي) المس به الى النيل من كل المنظمة (حزب الله)، من كبار قادتها الى آخر مقاتل، وهكذا يتم ضرب الروح القتالية للعدو». ويُعبِّر مفهوم «مركز الثقل» عن تشخيص دقيق لنقاط قوة المنظومة المعادية وضعفها… يفترض أن تؤدي مهاجمتها الى إفقاده حريته في العمل الاستراتيجي وقدرته على مواصلة القتال، أو على الأقل «هزّ نماذجه القتالية».
قبل ذلك، تناول العقيد غابي سيبوني المزايا الهجومية للسيد نصر الله، في «نيوزويك» الأميركية (2017-10-18)، حيث شدد على «ضرورة مواجهة خطاباته المعرفية وتأثيرها السلبي في الجمهور والجيش الإسرائيليين، في زمن الحرب واللاحرب». وتوقف عند دور السيد نصر الله في المعركة على الوعي التي باتت جزءاً أساسياً من أدوات المعركة التي تخوضها المقاومة وكيان العدو. وحذَّر ايضاً من أن رسائل السيد نصر الله يمكن أن تؤثر في زمن الحرب على «معنويات الجمهور وعلى الجيش، وتؤثر ايضاً على تخطيط إسرائيل وعملياتها».
يعود إدراك قادة العدو لخطورة الدور الذي لعبه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في الصراع ضد اسرائيل، الى تسعينيات القرن الماضي. وهو ما لخّصه رئيس الاستخبارات العسكرية، «آمان»، في حينه، اللواء عاموس مالكا، في مقابلة مع صحيفة يديعوت أحرونوت (اليكس فيشمان وسمدار بيري/ 26/9/2001)، بالقول «أنا مضطر الى القول إن الشكل الذي يدير ويقود من خلاله تنظيمه يجذبني. إنه ينطوي على الدمج بين التفكير الاستراتيجي والسيطرة الكاملة والعمل التكتيكي واستغلال العامل النفسي». وأضاف مالكا أن نصر الله «شخصية تجذب كل رجل استخبارات بشكل مطلق. أشعر بأنني أفهم مركبات كثيرة لديه، لكن تواضعي الاستخباري، ولأول وهلة، لا يسمح لي بالقول إنني أعرفه سابقاً».