على طول الحدود مع سوريا، يواصل الجيش العراقي والحشد الشعبي تعزيز مواقعهما. تعزيزات تبدو مرتبطة بالإشارات التحذيرية التي أطلقها هجوم «داعش» على نقاط انتشار «قوات سوريا الديموقراطية» (قسد) قبل شهرين تقريباً. وهي إشارات لا يجد المعنيون في بغداد في إعلان الرئيس، دونالد ترامب، انسحاب قواته من الشرق السوري، إلا ما يعزّزها.
مصدر من داخل تحالف «الفتح»، الذي يمثل الحشد الشعبي في البرلمان، يرى في الخطوة الأميركية «سعياً للتخلص من الضغط التركي في ما يتعلق بقسد»، معتبراً في الوقت نفسه، في حديث إلى «الأخبار»، أن «واشنطن تعمل على توريط موسكو وطهران في صراع طويل ضد داعش وأخواتها»، وذلك بعد الانتهاء من إعادة توزيع قواتها «داخل المنطقة الساخنة»، المقصود بها المنطقة الحدودية بين العراق وسوريا. في هذا الإطار، تفيد مصادر مطلعة من داخل «الحشد»، «الأخبار»، بأن «الأميركيين، على عكس ما يروّجون، يعيدون انتشارهم في المنطقة الحدودية، من محيط مدينة حديثة الغربية، وصولاً إلى محيط مدينة القائم الحدودية، مروراً بعانه وراوة، حيث يعملون على توسيع رقعة تواجدهم، إضافة إلى رفع المستوى الدفاعي تحسّباً لأي هجوم محتمل».
تنظر قيادة «الحشد» بعين الريبة إلى «الخطوة الأميركية غير المفهومة»، خصوصاً أنها تأتي «في لحظة حساسة من عمر الصراع ضد داعش، ومع اقتراب انتهاء الحرب في سوريا»، كما يعبّر أحد القادة البارزين في «الحشد»، لافتاً في حديث إلى «الأخبار» إلى أن «الحشد، بالتعاون مع القوات الأمنية، بدأ بتعزيز قطعاته المنتشرة، تحسّباً لأي عمل عسكري مفاجئ من داعش أو غيره». ويشير القيادي نفسه إلى أن «نقاط انتشارنا في المنطقة الحدودية استُهدفت أكثر من مرة من قِبَل القوات الأميركية، وبطريقة متعمّدة. وأمام سيناريو الانسحاب، فإن إمكانية توجيه ضربة عسكرية لنا من قِبَل الأميركيين ليست بالأمر المستبعد». وانطلاقاً من ذلك، تؤكد مصادر «الحشد» أن «الحالة الدفاعية لقواتنا في المرحلة المقبلة ستكون على درجة عالية، وقد نضطر إلى الانتقال إلى حالة هجومية، نجتاز بموجبها الحدود مع سوريا، بالتنسيق مع دمشق، حفاظاً على أراضينا، ومنعاً لأي تهديد قد يطرأ مستقبلاً».
على المقلب الحكومي، تبدي مصادر من داخل رئاسة الوزراء خشيتها من أن تُرغَم الدول العربية، وتحديداً العراق وسوريا، على «دفع ثمن» الخطوة الأميركية في المستقبل، معربة عن أملها في أن «لا يعود داعش مجدّداً بسبب الممارسات الخاطئة». وتلفت المصادر، في هذا الإطار، إلى ما يحدث داخل المدن الشمالية والغربية، قائلة إن «الوضع اليوم في الموصل ـــ على سبيل المثال ـــ يذكّرنا بما جرى قبل حزيران 2014 (تاريخ سقوط المدينة بيد التنظيم)». وتختم بالقول إن «الفراغ ستملأه تركيا بصفقة مع الولايات المتحدة للاستفراد بأكراد سوريا».