تتناغم تصريحات بغداد وواشنطن حول إمكانية إعلان القضاء على تنظيم «داعش» خلال الأيام القليلة المقبلة. ثمة جيبٌ أخير للمسلحين شرق نهر الفرات، في المقلب السوري. قتل مسلّحيه، أو طردهم وعوائلهم منه، يعني، وبشكل تلقائي، القضاء على آخر معاقل التنظيم، وبالتالي إعلان «الانتصار» عليه في سوريا والعراق. واضحاً كان رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، في حديثه عن نية بغداد استعادة العراقيين المنتمين إلى «داعش»، والمحتجزين لدى «قوات سوريا الديموقراطية»، الأمر الذي يتلاقى مع عزم الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إعلانه «القضاء» على التنظيم. عبد المهدي أشار إلى أن «عائلات هؤلاء المقاتلين ستعود أيضاً، وسيتم وضعها في مخيمات أعدت لهذا الغرض»، وذلك عقب لقائه وزير الدفاع الأميركي بالوكالة، باتريك شاناهان.
اللقاء جاء، بحسب مصادر حكومية عراقية، في إطار «التخفيف» من وقع التصريحات الأميركية الأخيرة بشأن تواجد الولايات المتحدة في العراق. تقول المصادر إن الأميركيين يحاولون «ترطيب الأجواء» المتشنجة بين بغداد وواشنطن، ويسعون في تفسير مواقف ترامب على أنها «لا تمس السيادة العراقية». وعلى رغم كثرة المواقف الرافضة لتلك التصريحات، إلا أن الجانب الرسمي، وتحديداً الحكومي، يبدي، في إطار السعي للقضاء على «داعش»، تعاوناً مع واشنطن.
المعلومات حول الصفقة الأميركية مع «قسد»، في ما يتعلّق بانتقال عوائل مسلحي التنظيم إلى العراق، لا تزال ضبابية. مصادر متعدّدة تشير، في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أن انتقال العوائل، والتي يبلغ عديدها أكثر من 8 آلاف شخص، إلى الداخل العراقي، وتحديداً إلى منطقة غرب الأنبار، بدأ فعلياً قبل ثلاثة أسابيع. وفي السياق نفسه، توضح مصادر حكومية عراقية أن هذه «الهجرة» هي مطلب عراقي، إلا أن الجانب الأميركي «أرجأ إتمامها أكثر من مرة»، رابطاً ذلك بنية واشنطن الإعلان عن الانتصار على داعش أولاً، والانسحاب من سوريا باتجاه الأراضي العراقية ثانياً.
تؤكد المصادر أن العملية ستكون على مراحل عدة. يستلم الجانب الأميركي في سوريا العوائل العراقية من «قسد»، ومن ثم ينتقل بها إلى مخيمات محاذية للحدود على غرار تلك القائمة في محافظات نينوى لذوي المنتمين إلى «داعش». مخيمات مقفلة ستكون بانتظار تلك العوائل، على أن تبدأ القوات الأمنية العراقية إثر ذلك التحقيق مع أفرادها، ومن ثم إحالة من يثبت تورطه في عمليات إجرامية إلى الجهات الأمنية والقضائية المختصة، في حين يُعاد دمج هؤلاء المحتجزين مع مجتمعاتهم فور الانتهاء من الخطوات القانونية.
تسعى الحكومة إلى احتضان هؤلاء، أي تصنيفهم بين «مجرمين» و«ضحايا»، على اعتبار أن الشيوخ والنساء والأطفال يمكن أن يكونوا أبرياء، أما الرجال فلا بد من النظر في أوضاعهم بشكلٍ فردي. لكن قيادات أساسية عاملة غربي الأنبار تقول إن هذه الخطوة «صعبة التحقق» في الوقت الحالي، أو على الأقل وفق ما يأمله الجانب الأميركي.
تؤكّد المصادر الميدانية أن المعارك القائمة بين «داعش» و«قسد» تشي بأن أمدها لن يكون قصيراً في الوقت الراهن، خاصة أن مسلحي «داعش» يتوزعون بين الجالية العراقية والسورية، فضلاً عن التابعيات الأجنبية. المصادر تذهب إلى أن الواقع الميداني، خاصة لجهة انتشار قوات «الحشد الشعبي» قد لا يكون بالأمر المسهّل لعملية انتقال من هذا النوع، خصوصاً أن قيادة تلك القوات تنظر بحذر إلى إتمام صفقة مماثلة، ما يطرح إمكانية تحريك خلايا نائمة داخل تلك المخيمات، في ظلّ ترجيح مصادر أخرى أن الاتفاق يشمل فقط العوائل العراقية، أما المسلحون الأجانب فستتم إعادة إدخالهم مجدداً إلى سوريا من الجهة الجنوبية لمدينة القائم، على اعتبار أنها منطقة مفتوحة مع الجهة السورية.