بغداد/ وائل نعمة
رغم إعلان قوات سوريا الديمقراطية المعروفة إعلامياً بـ”قسد” نهاية تنظيم داعش في سوريا، إلا أن حالة الطوارئ في الجانب العراقي لم تنته بعد. ودفع العراق نحو 20 ألف مقاتل منذ 3 أشهر الى الحدود الغربية، خوفاً من تسلل مسلحي التنظيم مرة أخرى الى البلاد.
وتخشى القوات العراقية مهاجمتها من سوريا، خصوصا أن هناك عدداً من مسلحي التنظيم المهزوم مازالوا مختبئين في أنفاق قريبة من الحدود ومن بلدة القائم.
وعلى الجانب الآخر تصرّ دمشق على الإسراع بإعادة افتتاح معبر البو كمال، أو منفذ القائم بحسب التسمية العراقية.
ورغم أن أطرافاً عراقية ترفض الاستعجال في هذا الإجراء، خصوصا أن الاوضاع مازالت غير مستقرة هناك، إلا أن طريقا ستراتيجيا يربط العراق وسوريا وإيران وربما لبنان في وقت لاحق، يراد له ان يولد بأسرع وقت، وقد يمر في القائم.
يوم السبت الماضي، أعلنت (قسد) القضاء التام على تنظيم “داعش”، بعد السيطرة على آخر جيوبه عند الضفاف الشرقية لنهر الفرات، معلنة بدء مرحلة جديدة لمحاربة خلايا التنظيم النائمة.
وكانت المعارك الأخيرة تجري أحياناً على بعد 4 كليومترات فقط من بلدة القائم الحدودية، حيث يمكن للسكان هناك رؤية أعمدة نيران القصف الجوي وسماع دوي الانفجارات.
ويقول مصدر أمني قريب من الحدود لـ(المدى) طالب بعدم نشر اسمه، إن “حالة الطوارئ لدى القوات العراقية مازالت مستمرة (….) نتوقع أن يحاول بعض المسلحين المهزومين اللجوء الى العراق”.
وشارك العراق بقوة من خلال القصف المدفعي والجهد الاستخباري في تلك المعارك. ويوم الإثنين الماضي قال العميد يحيى رسول، المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة في تغريدة له عبر تويتر، إنه “بفضل تضحيات قواتنا البطلة تحقق النصر على داعش وأصبح لا يسيطر على أي منطقة في العراق وسوريا”.
وأضاف إن “قواتنا أسهمت بإضعاف الإرهابيين وسهلت مهمة دحرهم في سوريا”.
ويقول المصدر الأمني إن هناك العشرات من فلول التنظيم يختبئون في نفق يمتد لكيلومترات قرب بلدة الباغوز السوري، ويصل الى الباغوز العراقي القريب من القائم.
وبعد يوم واحد من إعلان نهاية “داعش” في سوريا، فجّر انتحاريون متسللون من الباغوز، أنفسهم في القيروان القريبة من مدينة سنجار.
وكان العراق قد تسلم الشهر الماضي نحو 400 معتقل تابعين لـ”داعش”، من قوات سوريا الديمقراطية، بينهم 13 فرنسياً واجانب آخرين رفضت دولهم تسلّمهم.
وجرت عمليات التسليم في منفذ القائم، الذي أعلن العراق في 2012 إغلاقه بالكتل الخراسانية على إثر سيطرة ما كان يعرف بالجيش السوري الحر على منطقة البو كمال.
وبحسب مصادر (المدى) فإن مستشار الامن الوطني فالح الفياض الذي زار المنطقة الحدودية قبل أسبوع، وعد بإعادة افتتاح المنفذ الرابط مع سوريا بأسرع وقت.
فتح منفذ البو كمال
كما أعلن رئيس أركان الجيش عثمان الغانمي، الأسبوع الماضي أيضا، أن الأيام المقبلة ستشهد فتح المعبر الحدودي بين سوريا والعراق، واستمرار الزيارات والتجارة المتبادلة بين البلدين.
وكان كلام الغانمي قد صدر أثناء زيارته الى سوريا مؤخراً، وعقده مؤتمراً صحفياً مع وزير الدفاع السوري العماد علي عبدالله أيوب ورئيس الاركان الإيراني الجنرال محمد حسين باقري.
بالمقابل يقول أحمد المحلاوي قائممقام القائم لـ(المدى) إن إعادة افتتاح المعبر تحتاج الى وقت طويل، مضيفا “الارض بيضاء ولا توجد فيها أي بناية أو مكتب (..) داعش دمّر كل شيء”.
وأعلن التنظيم المهزوم في آب 2014، إنشاء ما أسماه (ولاية الفرات) ضمن عملية (كسر الحدود)، معلناً إلغاء اتفاقية سايكس بيكو، التي رسمت بموجبها حدود العراق وسوريا قبل 100 سنة.
وجرف التنظيم، آنذاك، السواتر الترابية بين الدولتين لتصبح منذ ذلك الوقت طريقاً ستراتيجياً يتم عبره نقل الأسلحة والمقاتلين بسهولة، حتى إعلان بغداد النصرعلى داعش ومسك الحدود نهاية 2017.
ويقول المحلاوي “كخطوة أولى سوف يقوم الجانب العراقي بوضع كرفانات مؤقتة في المنفذ لتنظيم المرور بين الدولتين”.
ويعتقد المسؤول المحلي انه يجب التأني في عملية افتتاح المنفذ الحدودي مجددا، خوفا من إرباك الوضع الامني في القائم. ويعود الاستعجال في فتح المعبر بحسب مصدر سياسي في الانبار طلب عدم ذكر اسمه في حديث لـ(المدى) الى “إصرار من الجانب السوري بذريعة عودة التبادل التجاري بين البلدين”.
وكان حجم التبادل التجاري بين سوريا والعراق قد بلغ قبل اندلاع الأزمة السورية قرابة 3.5 مليار دولار، شكلت صادرات سوريا إلى العراق معظمها.
وتزامنت تلك التطورات مع أخبار دخول الاتفاق العراقي ـ الإيراني، إلى جانب سوريا، لإنشاء طريق بري سريع بين طهران ودمشق مروراً بالعراق، حيز التنفيذ.
وبحسب التسريبات فإنّ وفداً فنياً إيرانياً وصل إلى العراق، حول المشروع القاضي بربط شبكة الطرق الإيرانية السريعة بنظيرتها العراقية وصولاً إلى الحدود السورية فدمشق، في مسار قد يصل لأكثر من 1200 كيلومتر، وقد يمتد لاحقاً إلى الأراضي اللبنانية.
واهتمت صحف إسرائيلية بهذه الأخبار، وحذرت من أن الطريق المراد إنشاؤه سيهدد تل أبيب. واعتبرت صحف غربية أن المشروع هو “لإفلات إيران” من العقوبات ونقل الاسلحة الى سوريا وحزب الله.
وتشجع طهران الجانب العراقي بالقبول بالمشروع، على اعتبار انه سيحول الاخيرة الى “بلد ترانزيت”، ويوفر فرص عمل وسيحصل العراق على رسوم دخول الشاحنات.
بالمقابل يقول المصدر المطلع في الأنبار ان “هناك مسارين مقترحين للمشروع، أحدهما يمر من إيران الى ديالى ثم الى أطراف بغداد والانبار وصولاً الى القائم”.