شكل تقرير المحققة الأممية الخاصة بجريمة اغتيال الصحافي السعودي، جمال خاشقجي؛ أغنيس كالامارد، ضربة قوية للنظام السعودي، حيث حسم بفقرته المتعلقة برئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الشك باليقين عن احتجاز رئيس الوزراء اللبناني في نوفمبر 2017 في الرياض وإجباره على تقديم الاستقالة.
التقرير الذي عرض تفاصيل جديدة عن حادثة احتجاز الحريري وتعرضه لتعذيب نفسي كشف أن “سعود القحطاني وأحد أقرب المُقرَّبين من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اضطلع بدورٍ محوري في اختطاف واستجواب الحريري وأشار التقرير إلى أن رئيس الوزراء وقع ضحية تعذيبٍ نفسي ومعاملة قاسية ولا آدمية ومُهينة.
وقالت المُقرِّرة الخاصة للأمم المتحدة، أنيس كالامار، إنَّها علمت أنَّ القحطاني كان أحد مسؤولين اثنين استجوبا وهدَّدا شخصياً الحريري بفندق الريتز كارلتون الرياض بعد استدعائه إلى العاصمة السعوديةعام 2017 وأن القحطاني متورط في محاولة إجبار الحريري على الاستقالة من رئاسة وزراء لبنان.
ووفقاً لثمانية مصادر دبلوماسية سعودية وعربية وغربية، تعرَّض الحريري أيضاً للإهانة اللفظية والضرب حسبما نقل موقع “ميدل ايست آي”.
وجاء الكشف عن هذه الحادثة في معرض التحقيق في جريمة اغتيال خاشقجي واستعراض التقرير لتراجعٍ حقوق الإنسان بالسعودية، والذي كان ظاهراً في الاعتقال العشوائي، السجن، المحاكمة غير العادلة، استعمال التعذيب، والإخفاءات القسرية.
تقرير كالامارد فضح ملابسات اختطاف واحتجاز الحريري قسرا وتعذيبه ووصف حادثة اعتقال رئيس الوزراء اللبناني وإجباره على الاستقالة بأنها “الأوقح” في ظل ما يشكله من إحراج للحريري الذي يحمل الجنسية السعودية خاصة أنه رفض الاعتراف بتعرضه للاحتجاز القسري وإجباره على الاستقالة كما أن المملكة دأبت على نفي الحادثة مرارا.
وكان الحريري ظهر في خطابٍ متلفز ألقاه من السعودية، حيث تعيش أسرته وأعلن استقالته من رئاسة الوزراء احتجاجاً على هيمنة حزب الله وإيران على البلاد، وأضاف أنَّ حياته كانت مُهدَّدة ،الا أن الاستقالة لقيت رفضاً واسعاً في لبنان وتشكيكا في صحتها باعتبار أنها تمت تحت الضغط، وقد دعا رئيس الجمهورية اللبناني ميشال عون إلى عودة الحريري، واعتبر الحكومة غير مستقيلة والرئيس الحريري محتجز في السعودية وطالب الدول الكبرى والأوروبية التدخل والضغط على السعودية لرفع الحجز عن الرئيس سعد الحريري والسماح له بالسفر الى لبنان.
وبعد تدخُّلٍ من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي اعترف فيما بعد بأنَّ السعوديين كانوا يحتجزون الحريري، وأُطلِق سراح رئيس الوزراء اللبناني في وقتٍ لاحق من ذلك الشهر.
إلا أن تداعيات الكشف عن تفاصيل احتجاز رئيس الحكومة اللبنانية وتعرضه للتعذيب والاهانه ،لا تتوقف على الإحراج وانتهاك العلاقات بين البلدين ،بل أنها تشكل دليلا ملموسا يدين الرياض ويجرمها ويثبت انتهاكها لحرمة القوانين الدولية واتفاق فيينا الذي ينص على حصانة الرؤساء وعدم احتجازهم.