كشفت طهران، أمس، عن احتجازها ناقلة نفط صغيرة كانت تعمل على تهريب الوقود بنحو غير شرعي عبر مضيق هرمز نهاية الأسبوع الماضي، بينما أعلن دونالد ترامب إسقاط طائرة إيرانية مسيّرة، اقتربت من مدمّرة أميركية كانت تُبحر في بحر عمان. الحدثان دفعا الوضع في الخليج الفارسي نحو توتر شديد، وسط محاولات خجولة للتوسّط والتهدئة
في غضون ذلك، وضع بيان الحرس الثوري احتجاز السفينة «رياح» في سياق «عمليات الرصد والمتابعة لضبط عمليات التهريب المنظمة ومواجهتها»، بينما بدا من الواضح سعيه إلى استغلال الحدث لتوجيه رسائل قوة واقتدار في ما يتعلق بحفظ أمن الملاحة في المضيق بشكل خاص. ويظهر ذلك عبر مقاطع الفيديو التي بثتها غالبية وسائل الإعلام في إيران، والتي تظهر الزوارق العسكرية الإيرانية وهي تحوم بنحو استعراضي حول السفينة المستهدفة في مياه الخليج. بالإضافة إلى ذلك، وفي حركة لافتة، تزامن إعلان احتجاز السفينة، مع إعلان زيارة تفقدية قام بها قائد الحرس الثوري اللواء حسين سلامي «لتقييم الجاهزية الدفاعية لدى القوات المنتشرة في الجزر الثلاث في مياه الخليج الفارسي»، حيث حذّر سلامي أعداء طهران من «القيام بأي تحرك متهوّر ضد الشعب الإيراني»، مؤكداً أنه «إذا حصل أي خطأ في حسابات الأعداء، فسنغيّر الاستراتيجية الدفاعية في البلاد إلى الهجومية». كذلك، أشار إلى أن «منطقة الخليج الفارسي ومضيق هرمز والجزر والشواطئ المتعلقة بها، منطقة حسّاسة وحيوية، ليس لإيران فقط، بل للعالم أجمع، وتشكّل جزءاً لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي»، في إشارة واضحة إلى قدرة إيران الكبيرة على التأثير بالاقتصاد العالمي، عبر الخليج الفارسي.
سلامي: إذا حدث خطأ فسنتحول من الدفاع إلى الهجوم
ومع أن أياً من دول العالم لم تتبنَّ السفينة المحتجَزة وطاقمها، بالتزامن مع تجنّب طهران الكشف عن هوياتهم الحقيقية، خرجت واشنطن مطالبة بـ«الإفراج عن الناقلة المحتجزة وطاقمها فوراً»، وذلك في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، الذي قال إن «الولايات المتحدة تندّد بقوة بما تقوم به السفن التابعة للحرس الثوري الإسلامي من مضايقة مستمرة للسفن وعرقلته للمرور الآمن في مضيق هرمز وحوله»، مضيفاً أن «على إيران الكفّ عن هذا النشاط غير المشروع». بدوره، نفى المتحدث باسم الحكومة البريطانية أن تكون الناقلة المحتجَزة «ترفع علم بريطانيا»، مضيفاً أن «لا عِلم لدينا في الوقت الحالي بأيّ مصالح بريطانية في هذه الناقلة». وفي سياق متصل، قالت حكومة جبل طارق، إن رئيس الحكومة فابيان بيكاردو عقد اجتماعاً «بنّاءً وإيجابياً» مع مسؤولين إيرانيين في لندن، أول من أمس، بشأن ناقلة النفط الإيرانية المحتجزة «غريس 1».
ولا ينفصل التأزّم الحاصل في مياه الخليج الفارسي، عن سياق ضغط تمارسه طهران على الدول الأوروبية لدفعها إلى الضغط على واشنطن لرفع العقوبات والعودة إلى الاتفاق النووي. وفي سياق المبادرة الفرنسية التي يقودها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لإعادة تثبيت الاتفاق النووي والتوسط بين طهران وواشنطن وجمعهما على طاولة التفاوض، أجرى الرئيس الإيراني حسن روحاني محادثة هاتفية مع نظيره الفرنسي دعاه فيها إلى «تكثيف الجهود» التي يبذلها الأوروبيون بهدف إنقاذ الاتفاق النووي. وقالت الرئاسة الإيرانية إنّ روحاني أبلغ ماكرون أن إيران «مصمّمة على إبقاء كل القنوات التي تتيح الحفاظ على هذا الاتفاق مفتوحة». ونقل البيان عن روحاني قوله إن «هناك أشخاصاً في الولايات المتحدة لا يرغبون في نجاح محاولات الحفاظ على الاتفاق»، محذراً من أن «الوقت الضائع والفرص الضائعة ستفرض في النهاية على إيران تنفيذ المرحلة الثالثة» من الخطة التي أعلنتها بشأن الحدّ من التزاماتها في الاتفاق النووي.
المنامة: مؤتمر لـ«حماية الملاحة»… ليس تحالفاً
أعلنت مملكة البحرين، أمس، أنها ستستضيف «خلال الفترة المقبلة»، بالتعاون مع الولايات المتحدة، مؤتمراً حول أمن الملاحة البحرية والجوية ومناقشة «الخطر الإيراني». وقالت وزارة الخارجية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، إن الاجتماع يأتي «بالتعاون مع الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية البولندية، وبمشاركة أكثر من 60 دولة». وأوضحت الوزارة أن البحرين تستضيف المؤتمر «إدراكاً منها للمخاطر التي تهدد المنطقة، في ظل ممارسات إيران التي تشكل خطراً كبيراً على الملاحة البحرية والجوية، على أن يشكّل الاجتماع فرصة للتشاور، للوصول إلى السبل الكفيلة لردع الخطر الإيراني». وفي السياق ذاته، نقلت وكالة «رويترز» عن مسؤولة في البنتاغون، قولها إن «الولايات المتحدة لا تهدف بمبادرتها الأمنية الجديدة في الخليج، إلى تشكيل تحالف عسكري ضد إيران، لكنّها ببساطة تسلّط الضوء في المنطقة على ردع أي هجمات على سفن تجارية». وقالت كاثرين ويلبارغر إن «هذا ليس تحالفاً ضد إيران، إن كنّا سنواجه إيران عسكرياً، فهذا ليس الكيان الذي سنستخدمه».