العقوبات المالية الأميركية، أمس، على أربعة عراقيين، خطوةٌ «غير مفهومة» الدوافع. التبرير: فسادٌ وانتهاكٌ لحقوق الإنسان؛ واقعاً، هم من نسيجٍ سياسيٍ واحد: حلفاء طهران. واشنطن تسعى إلى محاصرة «الضاربين» بمصالحها من جهة، وعزل «الحشد الشعبي» عن حلفائه وبيئته الحاضنة من جهة أخرى. مؤشراتٌ تشي بأن مسلسلاً أميركيّاً جديداً يُعَدّ لساسة البلاد
وأكد نائب الرئيس الأميركي مايك بنس، أن «واشنطن ستفرض عقوبات على قادة اثنتين من الميليشيات المرتبطة بإيران في العراق»، قائلاً في مؤتمرٍ وزاري رفيع المستوى حول الحريات الدينية، إن «الولايات المتحدة لن تقف متفرّجة، بينما تنشر الميليشيات المدعومة من إيران الرعب». هذه العقوبات، يدرجها مطّلعون على حراك واشنطن «ضمن صنفٍ آخر من العقوبات الأميركية»، على اعتبار أنها «عقوبات على استغلال النفوذ، واضطهاد الأقليات، والاستيلاء على المساعدات الإنسانية». ويوضح هؤلاء، في أحاديثهم، أنها «أسوأ من عقوبات الإرهاب»، فهي «غير مسيسة وأخلاقية، ومُلزمة لجميع الدول التي وقّعت على اتفاقيات حقوق الإنسان العالمية ومواثيقها ».
البرزاني منزعج من انتشار قوات «الحشد» في المناطق المحاذية لـ«كردستان»
وعلمت «الأخبار» أن الشخصيات الأربع لم تكن على علمٍ بالقرار. الأسباب «مجهولةٌ» حتى الآن، في ظل افتقاد الحكومة الاتحادية لـ«إجابة دقيقة» بشأن الموضوع. وفي السياق أيضاً، أشار مصدر أمني مطّلع إلى أن الأمر مردّه إلى «سهل نينوى، حيث ينشط الأميركيون حفاظاً على مصالح لهم هناك، خاصة في المناطق المحاذية لإقليم كردستان»، مضيفاً في حديثه إلى «الأخبار» أن هؤلاء، بمعزلٍ عن بعض الملاحظات بشأن أدائهم، رفضوا عروضاً أميركية مغرية مقابل «الابتعاد عن الحشد وإيران». هذا التفسير، يُضاف إلى تفسير قدّو، الذي أكد في اتصال مع «الأخبار»، أن العقوبات الأميركية ترجمة لمساعي زعيم «الحزب الديموقراطي الكردستاني» مسعود البرزاني، المنزعج من حضور «الحشد» في المناطق المحاذية لـ«الإقليم»، حيث حالت قواته دون عودة قوات «البيشمركة» إلى نينوى وسهلها، بعدما «استعمرتها» عقب سقوط الموصل في حزيران/ يونيو 2014، قبل أن تعود وتخسرها إلى جانب تلك المتنازع عليها، في تشرين الأوّل/ أكتوبر 2017، عقب إجراء البرزاني استفتاء الانفصال عن العراق.
قدّو والكلداني يمكن وضعهم في سياقٍ واحد، بوصفهم قادة في «الحشد»، أما العاكوب، فإن التهمة المحرّكة لملفه، غرق عبّارة الموصل، في 21 آذار/ مارس الماضي. حادثةٌ دفعت الحكومة الاتحادية إلى «فتح» ملفه، وإقالته لاحقاً. يبقى السؤال الرئيس عن سبب «إلحاقه» بقدّو والكلداني؟
أما الجبوري، فقد كان لافتاً إدراجه ضمن هذه القائمة. هو رجل سياسي، بمعزلٍ عن الاتهامات الموجّهة إليه بالفساد داخل العراق. التفسير الأقرب لهذه الخطوة، عزل «الحشد» عن حلفائه، وعزل هؤلاء أيضاً عن إيران. ويعتبر زجّ الجبوري، أبرز قيادات «المكوّن السنّي»، في هذه اللحظة، رسالة إلى الآخرين، ودعوة إلى ضرورة الابتعاد عن أي «تحالفٍ» مع طهران، حفاظاً على مصالحهم.
لن تكون هذه الخطوة الأخيرة، وربّما هي الحلقة الأولى في مسلسل إدراج عدد من القيادات العراقية على لوائح العقوبات، بعدما كان آخرهم قائد «كتائب الإمام علي» شبل الزيدي، قبل أشهر. من المتوقع أن يكون رئيس «كتلة السند» النيابية أحمد الأسدي، هو التالي، إلى جانب زعيم «تحالف الفتح» هادي العامري، وآخرين، رغم محاولاتهم «الدائمة» للالتفاف على أي «عقوبات» مماثلة.