المقالات

اسرائيل قدمت الأسباب الموجبة: لم نعد نتحمل والأعداء على باب الدار | مقامرة أميركا: اللعب باسم كلّ الوكلاء

ماذا يعني أن تتّخذ حكومة أكبر وأقوى دولة في العالم قراراً وتنفّذه عنوانه: اغتيال القائد العسكري العام لمحور المقاومة قاسم سليماني؟

منطقي أن يقفز الى الذهن، مباشرة، افتراض أن أميركا مستعدة للذهاب الى أبعد الحدود. وإذا ما جرت استعادة ضربة القائم قبل أيام، والتنكيل بعشرات المقاتلين في نقطة تخصّ مريدي سليماني، يمكن تثبيت الصورة بالقول إن أميركا تقول لإيران وحلفائها: اسمعوا، أنا مستعدة للذهاب الى أبعد مما تعتقدون، فاعقلوا!
هذا يعني، ببساطة، أن الرسالة وصلت. وهذا يعني أن الأميركيين تعبوا وملّوا من كل أنواع الرسائل الملتوية. هم لا يقفون كثيراً عند اتهامهم بالفشل. أصلاً، لا أحد يحاسبهم. لذلك، يمكنهم أن يجربوا مرة ومرتين وألف مرة، فإذا ما نجحوا احتفلوا، وإذا فشلوا تراجعوا ليعاودوا الكرّة من جديد. في حالة إيران ومحور المقاومة، تعب الأميركيون من كل محاولات الهدم. لا حروب إسرائيل نفعت في سحق عظام حزب الله أو حماس أو الجهاد الإسلامي في فلسطين ولبنان، ولا كل مجانين العالم مدعومين بكل استخبارات العالم وجيوشه نجحوا في إسقاط سوريا. ولا كل الفشل السياسي والاقتصادي والوجود العسكري نجح في إمساكهم بكل العراق، ولا كل همجية آل سعود وأقرانهم من أمراء الصحراء نفعت في تركيع اليمن. وفوق كل ذلك، يرفع هؤلاء الأعداء رؤوسهم، ويعملون للمزيد، يبذلون كل الجهود العسكرية والأمنية والاقتصادية والسياسية لتحقيق «معدلات عالية من نموّ القوة»، الأمر الذي يعرف الإسرائيليون ومعهم عرب أميركا معنى أن يتحوّل ذات صبيحة الى فعل متكامل…
بهذا المعنى، يمكن فهم خلفية القرار الأميركي باغتيال القائد سليماني، ومعه أبرز قادة المقاومة العراقية أبو مهدي المهندس. وبهذا المعنى، يمكن التعامل مع ما يحصل على أنها عملية «تصفية حساب بمفعول رجعي»، قامت بها الولايات المتحدة بالأصالة عن نفسها، وبالنيابة عن كل حلفائها في المنطقة، وعلى رأسهم إسرائيل والسعودية.
ولمن لا يعرف ما الذي كان يحصل خلال العامين الماضيين، يمكن أن ندلّه على خطاب استراتيجي ألقاه رئيس أركان جيش العدو الجنرال أفيف كوخافي، قبل نحو أسبوعين في هرتسيليا، قدم فيه ما يمكن وصفه اليوم، بـ«الأسباب الموجبة لعملية الاغتيال».
الجنرال الإسرائيلي اختصر المشهد الإقليمي لناحية المخاطر التي يشكّلها محور المقاومة بكل أطرافه. وهو أشار مراراً الى قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، ودورها في رفد فصائل المقاومة بالعتاد النوعي، ليخلص إلى أن المطلوب توجيه ضربة ردعية لهذا الطرف. وهو ما يعيد الى الأذهان كلاماً تردّد مراراً وتكراراً في الآونة الأخيرة، عن رغبة أكيدة للعدو بتصفية اللواء سليماني.
قال كوخافي: «يوجد تغيير وتفاقم في التهديدات في كل المناطق التي تحيط بإسرائيل في الدائرة الأولى، وزيادة كبيرة في النشاطات السرية التي تركّز في الأساس على منع تعاظم قوة القدس في سوريا ومنع تهديد الصواريخ الدقيقة. سنواصل العمل في كل الدوائر وكل الدول». وانتقد بحسرة غياب ردود الفعل من دول الخليج والولايات المتحدة حيال الهجمات الإيرانية على منشآت النفط، مشيراً الى أنه «كان من الأفضل بكثير لو لم نكن وحدنا». وهو قال بعبارات واضحة وشفافة: «عندما تجتمع التكنولوجيا المتوفرة مع أفراد متطرفين وأعداء لدودين، لست بحاجة إلى صناعة عسكرية أو قوة سياسية لتعطيل الـ«GPS»، أو لامتلاك قدرة اختراق في السايبر. والصناعة العسكرية الإيرانية أكبر من كل الصناعات الأمنية في إسرائيل». كما كشف كوخافي أن قوة القدس في سوريا وحزب الله تمتلك أجهزة لتعطيل موجات الـ«spectrum»، وصواريخ الدفاع الجوي، و«نحن نبذل جهداً كبيراً لعدم السماح لأعدائنا بالتجهز بسلاح دقيق، وسنقوم بذلك بشكل سري وعلني وأيضاً بالمجازفة بمواجهة. وستكون هناك حالات تجازف فيها إسرائيل حتى عتبة المواجهة من أجل إحباط الصواريخ الدقيقة في الوقت المحدد»، وستواصل هذا النشاط لمنع تمركز «قوة القدس» في سوريا ومنع تهديد الصواريخ الدقيقة في كل أنحاء الشرق الأوسط.
وسط هذا المستوى العالي من الحافزية الإسرائيلية، لم يتعب الفلاسفة العسكريون في ابتداع المصطلحات التي توفر حلولاً لعقدة أن العدو غير قادر على شن حرب شاملة الآن. قالوا، في فترة سابقة، إن عدم حصول الحرب لا يمنع حصول «معارك بين الحروب». وعندما احتدمت المواجهات داخل دول الطوق، صاروا يتحدثون عن «مواجهة» أو «صدام» ما يمنع أحداً من الذهاب نحو الحروب. ومع فشل كل تجربة، ابتدع الفلاسفة إياهم الآن مبدأ «الأيام القتالية»، أي تلك التي تشير الى احتمال حصول مواجهة عسكرية تستمر لفترة زمنية وجيزة، ولا تستخدم فيها كل الأسلحة، وتنتهي بفرض وقائع جديدة أو قواعد لعبة جديدة.

ما يحصل عملية «تصفية حساب بمفعول رجعي» قامت بها الولايات المتحدة أصالة عن نفسها ونيابة عن كل حلفائها وفي مقدمهم اسرائيل والسعودية

عملياً، استنتج الأميركيون أن إسرائيل وبقية حلفائها لم يعودوا قادرين على القيام بالمهمة وحدهم. هي المرة الأولى التي تعرف فيها أميركا أنها معنية بالقيام بالعمل مباشرة. الآن، لن نسمع كلاماً عن أموال ودعم وبدل حماية وخلافه. الآن، أميركا تريد أن تحمي مصالحها، وتحمي حلفاءها الذين هم جزء من مصالحها. ولذلك، فإن فهم الواقع السياسي كان يقود الى أن الأميركيين ومعهم إسرائيل والسعودية في وارد القيام بأمور كثيرة لتحقيق أهدافهم. لكن، هل كان أحد يقدّر بأن يقدموا على ضربة كالتي حصلت أمس؟
لنضع جانباً كل التحليلات والتكهّنات. ولنتوجّه مباشرة صوب النتائج العملانية لما حصل. واشنطن تقول إنها مستعدة للعبة كبيرة جداً. وهي تحشد قواتها في البحر وفي قواعدها كافة، وتبعث برسائل نارية ودبلوماسية، قائلة إنها تريد «تأقلم إيران وأنصارها» مع الواقع الجديد. أي أن أميركا قالت، بعد اغتيال سليماني، إنها فرضت واقعاً جديداً على الأرض، وعلى إيران الإقرار به، وإذا ردّت إيران فستردّ أميركا بما هو أقسى…وعند هذه النقطة، يصبح الكلام مجرد هذيان!
الواضح أن الأميركيين، عندما اتخذوا القرار، اعتبروا أن إيران ليست في وضع يسمح لها بالمواجهة الشاملة. وبالتالي، يراهنون على أن الرد الإيراني سيكون موضعياً بما لا يدفع نحو مواجهات كبيرة. في هذه الحالة، ستتصرف أميركا على أساس أنه تم ردع إيران، وأن العراق سيكون ساحة خالية لها، وأن المعادلات التي تحكم الواقع في سوريا ولبنان ستتغير هي أيضاً.
ولأن الأميركيين يعرفون أن إيران ستردّ، عمدوا الى توجيه الضربات القاسية جداً للقول إنهم لا يناورون، وإنهم مستعدون للذهاب أبعد من ذلك. وهذا يعني، بحسب طريقة تفكيرهم، أن إيران ملزمة بحساب جديد. ولكن، هل فهم الأميركيون ما معنى أن يقوم مرشد الثورة الإيرانية بالتصدّي شخصياً لإدارة الملف من ألفه إلى يائه، وأن يضع في بيان مجلس الأمن القومي عبارة عن الرد الحتمي والقاسي، وأن يعمد مساعدون له الى التوضيح بأن الردّ لن يكون في ساحة محددة؟
ربما نجد عند الأميركيين والإسرائيليين، من يعتقد بأن بيانات طهران أو ردود فعل فصائل المقاومة تعبير عن غضب منطقي. وهنا، قد يكون مناسباً شرح جانب من الأمر:
ذات مرة، وصف صحافي غربي رجال حزب الله في لبنان بأنهم «مجانين الله». العبارة، كانت تخفي إعجابه، ليس بقدرات هؤلاء ولا بتعلمهم، بل في جرأتهم المحاطة بدرجة عالية من الحرفية والعلم. وميزة هذا النوع من «الجنون» أنه موجود في عقل قادة محور المقاومة. من السيد الخامنئي نفسه، الى الرئيس بشار الأسد في سوريا، الى السيد حسن نصر الله في بيروت، وصولاً الى قادة المقاومة في فلسطين واليمن. وهؤلاء، يحسبون الأمر من زاوية أن العقل يوجب الهدوء والتروّي، لكن الثبات يوجب الردّ على العدو بما هو أكثر إيلاماً. ولذلك، فإن المحسوم، عند هذا المحور، ليس أصل الرد فقط، بل الاستعداد أيضاً للذهاب أبعد مما تتصور أميركا نفسها. لأن الرد ليس هدفه الانتقام على الطريقة العشائرية، وإنما الردع. وهذا يعني، ببساطة، أنه مثلما قررت أميركا، بالنيابة عن كل أشرار العالم، أنه حان وقت الحساب مع قادة محور المقاومة، فإن من بيدهم الأمر عندنا قرروا، منذ وقت طويل، أنه وقت الحساب المفتوح مع قادة الشر في العالم. ومن يسعى الى الفوز، ينظر الى ما هو فوق الجباه لا إلى ما هو تحت النعال…
الرد على عملية الاغتيال هدفه القول للأميركيين وحلفائهم، وخصوصاً إسرائيل، إنه «لا يحق لكم الاستمرار في احتلالكم، ولن نسمح لكم بمواصلة عدوانكم، ولن نترككم من دون عقاب»!
شمشون الجبار أسطورة قابلة للتعديل. يمكن إضافة قليل من الحكمة والعقل، ثم دع للخالق أن يتصرّف في خلقه بما يريد!

إزالة الاحتلال كلو يعني كلو

تميّز العدو الإسرائيلي في قراءته خصمه المركزي في الشمال، أي حزب الله، في كونه تعلّم خلال ثلاثة عقود أن المسألة لا تتعلق فقط بالحسابات الرياضية. لا يعني ذلك أن المغامرة لا يمكن أن تحل مكان الفعل المطلوب. لكنه يعني أن طبيعة المعركة الوجودية بين خصمين لا مجال لحل بينهما، تفترض لحظات من الحيرة عند الحاجة الى اتخاذ قرار كبير. وأهم ما تعرفه إسرائيل أن اليقين في معرفة خطوات العدو هو العنصر الحاسم في خوض الحرب من عدمها.

العلوم الإنسانية تؤكد لنا، مرة بعد مرة، أن رأس المال القائم على السلعة هو العمود الفقري لكل القوى الإمبريالية في العالم. وأميركا اليوم، كما منذ زمن بعيد، ومعها أوروبا والدول الصناعية الكبرى، تتصرف على هذا الأساس. وليس من باب مناكفة أحد ممّن قرروا الخروج من المعركة، منهزمين أو متعبين أو لامبالين، فإن قاعدة التوسع من خلال الحروب والعنف لا تزال أساس كل السياسات الداخلية والخارجية لهذا الغرب. بهذا المعنى، تبقى إسرائيل واحدة من أدوات هذا العالم المتوحش، الذي لا يعرف غير العنف وسيلة لمضاعفة قوة رأسماله أو إضعاف قوة رأسمال خصمه.
لكن منطق التخادم، بين هذه القوى، يسمح لإسرائيل، مثلاً، بأن تشرح لأميركا، ولمن يهمه الأمر، كيفية التعامل مع العقل الذي يتحكم بخصمهم الأكثر إيلاماً، أي إيران والفصائل الرئيسية في محور المقاومة. وهذا الدرس ضروري، حتى ولو كان البعض يفترض أن مصلحة إسرائيل تتحقّق أحياناً عبر سياسات صادرة عن «جهل أميركا والغرب» في فهم إيران وحلفائها.
في حالتنا، اليوم، تملك إسرائيل كل عناصر الحافزية، السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية لشنّ أكبر حرب في تاريخها ضد عدوها الشمالي. لكن الشرط اللازم لضمان نجاح هذه الحرب هو عنصر اليقين إزاء ما قد يحصل من ردود فعل من الجانب الآخر. في هذه الحالة، تكمن مشكلة العدو في حالة اللايقين إزاء ما يمكن أن يحصل لو فكرت هي في شن الحرب علينا، علماً بأنه في حالات كثيرة، لن يتوقف العدو عند الحساب الرياضي فقط ليتخذ القرار بالحرب. لكن تبقى مشكلة اللايقين من دون علاج.
لنقل إن ما قامت به قوات الاحتلال الأميركي من عملية اغتيال واضحة ضد القائد العسكري العام لمحور المقاومة الشهيد قاسم سليماني قد وضع الحسابات الإسرائيلية جانباً. هذا لا يعني أن إسرائيل غير معنية. لكن سياق التطورات لم يعد مرتبطاً بما تقدم عليه إسرائيل. بل على العكس، فإن تل أبيب تواجه اليوم أصعب وضع في تاريخها. تقف اليوم، مثلها مثل بقية حلفاء أميركا في المنطقة، تنتظر الخطوة التالية. وليس هذا فقط، بل تنتظر الإشارة الأميركية حتى تبادر أو تبقى في حالة انكفاء عن الحدث. وإسرائيل هنا، استناداً الى خبرتها في علم اليقين، تعرف، كما الولايات المتحدة، أن المتيقن من المواجهة القائمة الآن هو أمران فقط: اغتيال العدو الأميركي سليماني في بغداد، والرد الإيراني الحتمي على هذه الجريمة. هذا يقين أكيد. لكن، من يعرف كيف تستمر المواجهة؟
نحن أمام لاعبي شطرنج محترفين. قام الأول بخطوة أولى موجعة. لكنه ينتظر خطوة الخصم. صحيح أن المنطق يقول إن أميركا يجب أن تكون مستعدة لخطوة تالية، لكنها، تحتاج، أولاً، الى معرفة طبيعة الرد الإيراني. وعند هذه النقطة يقف اللاعبان، ويتحركان بعيداً عن الطاولة، حيث يغيب اليقين، وحيث لا تبقى إلا الأسئلة الكبرى.

تل أبيب تواجه اليوم أصعب وضع في تاريخها. تقف اليوم، مثلها مثل بقية حلفاء أميركا في المنطقة، تنتظر الخطوة التالية

عملياً، منذ ما قبل انتهاء مراسم تشييع شهداء الجريمة الكبرى في كل من إيران والعراق، أقدمت قوات الاحتلال الأميركي على خطوات عملانية كبيرة. أخلت قواعد عسكرية كاملة في العراق، وطلبت من جنودها الانتشار بعيداً عن قواعد أخرى داخله وفي الدول العربية المجاورة. استحضرت على عجل منظومات متطورة وعديدة من الدفاع الجوي المخصصة لمواجهة الصواريخ الباليستية القصيرة والمتوسطة المدى. نشرت منظومة رادارات لتغطية كل سواحل الخليج العربي وبحر العرب والبحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط. أطلقت أكبر عملية تعقب تقني في تاريخها على مساحة المنطقة بأكملها. استنفرت كل الأجهزة الأمنية العميلة لها في كل المنطقة للعمل من دون توقف على رصد الإشارات ومتابعة حلفاء إيران، من العراق الى سوريا الى لبنان وفلسطين واليمن، حتى داخل دول خليجية. وطلبت من حلفاء لها في المنطقة التحرك صوب إيران لأجل تهدئتها وتهديدها في الوقت نفسه. وهي تعمل، من دون توقف، على صياغة آلية تسمح لقواتها في العراق بالاختفاء من الشوارع والمدن والابتعاد عن المناطق ذات الغالبية الشيعية، وطلبت من عناصرها الأمنية وطواقمها الدبلوماسية وغير الدبلوماسية في معظم دول المنطقة، التصرف وفق خطة طوارئ لإخلاء فوري أو التجمع في أماكن محددة. وطلبت تعزيز الحماية لجميع مؤسساتها ومصالحها في هذه الدول. ونقلت الى المنطقة قوات غير معلنة بقصد القيام بعمل عسكري إنقاذي في حال تعرض قواتها لاي هجوم. وهي تسعى بوتيرة لا تترك مجالاً للصدفة. حتى إنها قد تلجأ الى أخطاء دموية جديدة تحت عنوان إجراءات وقائية اتخذتها بحجة الخشية من تعرضها لضربات وشيكة.
حسناً، الى متى سيستمر هذا العمل. هل نحن أمام عقاب أولي اسمه «الوقوف على رجل ونص» في كل المنطقة، كما فعلت إسرائيل لأيام طويلة على طول حدودها مع لبنان بانتظار رد المقاومة على قتل مقاومين في سوريا؟ أم نحن أمام عملية إخلاء حقيقية لمناطق كثيرة من العراق وسوريا من قبل قوات الاحتلال تحت عنوان «سحب الذريعة» من يد قوى المقاومة؟ أم نحن أمام استراتيجية التراجع صوب القواعد التقليدية في حضن ملوك وأمراء القهر من الذين وجب كنسهم مع قوات الاحتلال؟ ما العمل؟
في هذه الحالة، قد يكون من الأفضل لقادة أميركا العودة الى إسرائيل، وسؤالها عن كيفية التصرف في مواجهة «اللايقين»…
صحيح أن الأميركيين يعشقون النسر. يرون فيه القوة والسموّ، ونسرهم غير نسرنا نحن، نسرنا الذي تروى حكايته في أعلى السماء، وهو لم يكن يوماً مهيض الجناح كبعوض تتخيّل نفسها طيراً، نسرنا على حقيقته، وكما روى الأقدمون، يسمع صوت العاصفة قبل وصولها، لا يهرب منها، وعندما يصطدم بها، يفرد جناحيه ويترك للريح أن ترفعه الى أعلى منها. ويرى من فوق شدتها، لكنه يستمر ليحلّق الى الأعلى منها، حتى إذا ما هدأت الريح من حوله، وسّع حدقتَيه نحو الأسفل، مدركاً يقينه، خلافاً لفريسته التي لا تخفيها جدر ولا رمول ولا رياح… وعندما ينقضّ نسرنا، لا بقية تروى للحكاية!
المتيقن المفترض ان يعرفه الجميع من اهل المقاومة وعشاقها والمؤمنين بها والمراهنين عليها، هو ان الرد على جريمة العدو الاميركي، اوله واخره، كنس كل الوجود الاميركي في بلادنا. والحديث هنا لا يتعلق بعملية بحد ذاتها مهما كانت واضحة وقاسية. الرد الايراني هو خطوة مباشرة، لكن الرد الاتي في سياق لا تقف ايران خارجه، هو رد مفتوح وله زمنه غير القصير. وهدفه الوحيد، هو كنس كل الوجود الاميركي في منطقتنا… وعلى ما انشد محبي اميركا في كرنفالات المراهقين فان كل الوجود يعني كله!