فور انتهاء تشييع الجنرال قاسم سليماني، دخلت إيران ومعها المنطقة والعالم مرحلة ترقّب الردّ على العملية الأميركية. ترقّب لم يَدُم طويلاً، إذ سرعان ما بدأ تنفيذ وعيد القيادة الإيرانية، مُدخِلاً المنطقة في مرحلة جديدة لم تشهدها من قبل، عنوانها الاشتباك الإيراني الأميركي المباشر. فمع ساعات الفجر الأولى، أعلن الحرس الثوري تنفيذ قواته «الجوفضائية» عملية «الشهيد سليماني» التي جرى خلالها قصفٌ بعشرات صواريخ أرض – أرض البالستية على قاعدة «عين الأسد» الأميركية في الأنبار، وهي إحدى أضخم القواعد الجوية الأميركية، وتضمّ عدداً كبيراً من الجود الأميركيين.
إيران تفتتح معركة طرد الاحتلال الأميركي: ترامب «يتهرّب» من الرد؟
قبل ثلاثة أيام، هدّد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصف 52 هدفاً إيرانياً، بعضها مواقع ثقافية في غاية الأهمية، «بسرعة كبيرة، وبقوة كبيرة»، في حال استهدفت إيران أميركيين أو مصالح أميركية. لكن رئيس الولايات المتحدة الأميركية نفسه، وبعد ساعات على قصف الحرس الثوري الإيراني لقاعدتين عسكريتين لقوات الاحتلال الأميركي في العراق، الليلة الماضية، أكّد أن «تقييم الخسائر والأضرار مستمر. جيد جداً حتى الآن…»، وأنه سيدلي ببيانٍ في وقت لاحق اليوم. كلامه أتى في «تغريدةٍ» فُسّرت بأنها تمهيد لعدم الرد على الرد الايراني من جهة، وانتظار ما سيقوله المرشد الأعلى للثورة الإسلامية آية الله علي خامنئي، من جهةٍ ثانية، اليوم.
عد ان بدأ الثأر لاغتياله، دُفن قائد «قوّة القدس» في الحرس الثوري الإيراني، الشهيد قاسم سليماني، في مسقط رأسه في كرمان، وسط إيران، بعد ساعاتٍ على الهجومٍ الصاروخيٍّ الذي طال عدداً من القواعد الأميركية في العراق. القوّة الجو – فضائية في «الحرس»، أعلنت عن إطلاق عشرات الصواريخ من داخل إيران، استهدفت قاعدتين عسكريتين تشغلهما القوات الأميركية، الأولى هي «عين الأسد»، في محافظة الأنبار، أما الثانية فعلى مقربةٍ من مطار أربيل عاصمة «إقليم كردستان».
وأصدر «الحرس» بياناً تناول فيه «الردّ الانتقامي الأوّل» على اغتيال الشهيد سليماني، موضحاً أنّه «انتقاماً لاغتيال واستشهاد الفريق قاسم سليماني ورفاقه، نفّذت قواتنا عمليّةً ناجحة حملت اسمه، بإطلاق عشرات الصواريخ أرض – أرض على القاعدة الجوية المحتلّة من قبل الجيش الإرهابي الأميركي، والمعروفة باسم عين الأسد». وحذّر البيان واشنطن «من أيّ عملٍ شرير أو اعتداء أو تحرّك آخر، لأنّه سيواجه ردّاً أكثر إيلاماً وقساوة»، ليذهب أيضاً إلى تحذير «حلفاء أميركا، والتي لديها قواعد للجيش الأميركي، إذ سيتم استهداف أي أرضٍ تكون مصدر أعمالٍ عدائية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية». التهديد الأبرز، الذي تضمّنه البيان، وشكّل معادلة قد تعقّد المشهد أمام الإدارة الأميركية، تأكيد طهران اعتبارها تل أبيب «جزءاً من النظام الأميركي»، إضافةً إلى دعوة الشعب الأميركي إلى إخراج جنوده من المنطقة لـ«منع وقوع المزيد من الخسائر، وعدم السماح بتهديد حياة العسكريين الأميركيين بسبب الكراهية المتزايدة لأميركا».
بدورها، أعلنت القوّة الجو-فضائية في «الحرس»، عن التأهب التام لقواعدها الصاروخية، والتي تقع في عمق 500 متر تحت الأرض، والمنتشرة في كافة محافظات ومدن البلاد، لضرب أهداف محدّدةٍ سلفاً، لافتةً إلى أن «أي إجراءٍ غير محسوب ردّاً على الهجوم المضاد، سيواجه بإجراءاتٍ قاسيةٍ للغاية ضد جميع الأهداف المحددة».
الهجوم الذي شنّته طهران، من مدينة كرمنشاه، الواقعة غرب البلاد، اعتبره وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، ردّاً على هجومٍ أميركي على مسؤولين ومواطنين إيرانيين، إنطلاقاً من قاعدة «عين الأسد». وأوضح في «تغريدةٍ» له، صباح اليوم، أنّ «إيران، ووفق المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، اتخذت خطوات دفاعية متناسبة في إطار الدفاع عن النفس، وضربت القاعدة التي استهدفت الولايات المتحدة من خلالها مسؤولين إيرانيين كبار ومواطنين، بهجوم جبان»، مشدّداً على أن «إيران ليست بوارد التصعيد أو الحرب، لكنها ستدافع عن نفسها ضد أي عدوان».
«الردّ الأوّل»، كما وصفته البيانات الصادرة عن طهران، فجر اليوم، سيشرّع الباب أمام حلفائها في المنطقة، من أفغانستان إلى العراق فسوريا ولبنان، للبدء في ردودهم على اغتيال سليماني، والتي حدّد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الهدف منها بـ«إخراج القوات الأميركية من منطقة الشرق الأوسط»، ما يعني دخول محور المقاومة في «حرب استنزاف» قوات الاحتلال الأميركي طويلة الأمد، تُعيد إلى الأذهان حقبة المقاومة العراقية (2003 – 2011)، والتي أسفرت عن خروجها، تحت النار، من «بلاد الرافدين».
مصادر عراقية نفت ما روّجته وسائل إعلام اميركية عن أن الهجمات الصاروخية الإيرانية أدّت إلى وقوع إصابات بين الجنود العراقيين. في المقابل، نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن مسؤول أميركي قوله «إذا كان ثمة إصابات في صفوف قواتنا فستكون إصابات ضئيلة»، في محاولةٍ أميركية للتخفيف من وقع ما جرى. بعد وقت قصير من الهجوم، نقل مراسلو وسائل اميركية في البنتاغون عن مصادر عسكرية أن قاعدة «عين الأسد» أصيبت بـ35 صاروخاً. لاحقاً، خفض متحدّث باسم البنتاغون العدد إلى 10 صواريخ في «عين الأسد»، وصاروخ في اربيل، و4 صواريخ أخطأت هدفها. لكن، وبصرف النظر عن الإصابات البشرية في صفوف جنود الاحتلال الأميركي، تمكّنت طهران من كسر خطوط حمر عالمية، باستهدافها قواعد عسكرية أميركية، وتبني ذلك سريعاً، في عمل لم يحدث منذ الهجوم الياباني على ميناء «بيرل هاربر» عام 1941، إذ لم يسبق أن استهدفت دولة قواعد عسكرية اميركية من دون ان تكون الولايات المتحدة الأميركية قد بدأت حرباً ضدها أو احتلت أرضها.
الإدارة الأميركية، وطوال الساعات الماضية، تكتّمت عن أي خطوةٍ يمكن أن تتخذها للردّ على الهجوم الصاروخي. وزارة الدفاع الأميركية، أكّدت أنّها «بصدد تقييم الأضرار في القاعدتين ودرس سبل الردّ»، فيما أعلن «البيت الأبيض» عن أنّ ترامب أحيط علماً بالهجوم، ويراقب الأوضاع عن كثب ويجري اجتماعاتٍ مع فريقه الأمني.
تطوّرات المنطقة، أدّت إلى قفز أسعار النفط وتهاوي أسعار الأسهم في بورصة طوكيو، صباح اليوم. فعيد نصف ساعة على بدء التداولات في البورصة المذكورة، ارتفع سعر برميل خام «غرب تكساس الوسيط» بنسبة 4.53 بالمائة، ليصل إلى 65.54 دولاراً أميركياً قبل أن يعود ويتراجع قليلاً، في حين خسر مؤشّر نيكاي الرئيسي أكثر من 2.4 بالمائة. وفيما منعت «الوكالة الفدرالية الأميركية للطيران» الطائرات المدنية الأميركية من التحليق فوق كل من العراق وإيران ومياه الخليج الفارسي وبحر عمان، شهدت سماء العاصمة بغداد تحليقاً كثيفاً للطائرات العسكرية الأميركية والعراقية، وفق مصادر ميدانية تحدّثت إلى «الأخبار».
إذاً، تحمل الساعات المقبلة، الكثير من المفاجئات، بدءاً من الإعلان الرسمي العراقي والأميركي عن حجم الأضرار أوّلاً؛ ومواقف طهران وبغداد وواشنطن ثانياً؛ وردود حلفاء طهران على المصالح الأميركية في المنطقة ثالثاً، خاصّةً أن الردّ فتح الباب لإدخال القوات الأميركية في «حرب استنزافٍ» مقرون أمدها بسرعة انسحابها من المنطقة.
«قيام» و«ذوالفقار»: سيوف طهران على «عين الأسد»
أعلن «الحرس الثوري الإيراني» أنّه استهدف بعشرات الصواريخ، قاعدتين عسكريتين في العراق، تشغلهما القوات الأميركية، الأولى في غربه وهي «عين الأسد»، أما الثانية فتقع في محيط مطار أربيل الدولي، في عاصمة «إقليم كردستان». ووفق البيان، فقد تمّ الهجوم باستخدام صاروخي «ذو الفقار» و«قيام»، من إنتاج مصانع وزارة الدفاع الإيرانية.
ويُعدّ «قيام» أوّل صاروخٍ دون جنيحات من إنتاجٍ محلّي إيراني، وقد وضع مخططه الشهيد حسن طهراني مقدم، الذي اغتيل بعملية تحمل بصمات إسرائيلية عام 2011. يصل وزن رأسه الحربي 746 كيلوغرام، أما مداه فـ 300 كيلومتر، ويتمتّع بإمكانيّة التخفّي المنظومات المضادة للصواريخ. أما «ذو الفقار»، والذي يعدّ صاروخاً مطوّراً عن «فاتح 110»، فيتميّز بالقدرة على التخفّي وإصابة أهدافٍ بشكلٍ نقطوي. يبلغ وزن رأسه الحربي 450 كيلوغرام، أما مداه فـ 700 كيلومتر.
«قاعدة عين الأسد الجويّة»، تعدّ ثاني أكبر القواعد الجويّة في العراق، بعد «قاعدة بلد الجوية»، وهي مقر قيادة «الفرقة السابعة» في الجيش العراقي. تقع في ناحية البغدادي، في محافظة الأنبار غربي البلاد، وعلى مقربةٍ من نهر الفرات، وقد بدأ بتشيدها عام 1980، واكتمل عام 1987. تحوي القاعدة مدارج عدّة، وعدداً من المرافق العسكرية والمدنيّة، من مبانٍ وملاجئ محصّنة، ومخازن وغيرها.
مع الاحتلال الأميركي للبلاد في نيسان/ أبريل 2003، اتخذت القوات الأميركية من القاعدة مركزاً رئيسياً، ومقرّاً لقيادة عملياتها في المنطقة الغربية. كانت هدفاً لمرّاتٍ عدّة من قبل المقاومة العراقية، بين عامي 2003 و2011، عندما تسلّمتها القوات العراقية بصورة نهائية.
ومع سقوط مدينة الموصل بيد تنظيم «داعش» في حزيران/ يونيو 2014، وتشكيل واشنطن «التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب»، عادت إلى العراق لتقود «حرباً» على التنظيم. تواجد في القاعدة أكثر من 1500 جنديٍّ أميركي، تحت عنوان تدريب القوات العراقية. ورغم بُعدها كيلومتراتٍ عدّة عن ناحية البغدادي، والتي سيطرة عليها «داعش» أوائل العام 2015، لم تشهد القاعدة أي هجومٍ يذكر، بل ظلّت «صامدة» حتى إعلان بغداد عن «الانتصار العظيم» على أكثر التنظيمات تطرّفاً في كانون الأوّل/ ديسمبر 2017.
بين عامي 2017 و2019، استهدفت القاعدة بعددٍ من صواريخ «الكاتيوشا» وقذائف «الهاون» مجهولة المصدر. فُهمت أنّها تبادلٌ للرسائل بين طهران وواشنطن، رغم أن الأوّلى وحلفاءها لم يتبنوا تلك العمليات، فيما اكتفت الولايات المتحدة بالتلميح من دون الاتهام الصريح والمعلن، إلا في الأشهر القليلة الماضية.
القاعدة تضم طائراتٍ أميركية من طراز «أف 35»، المقاتلة، إضافةً إلى طائرات مسيّرة عن بُعد، ومئات العسكريين الأميركيين. لا تملك بغداد أي إحصاء رسمي، وترفض واشنطن هي الأخرى تقديم إحصاءٍ دقيقٍ لعديد قواتها. في زيارته الوحيدة إلى «عين الأسد»، في كانون الأوّل/ ديسمبر 2018، التقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بالجنود العاملين في القاعدة. أظهرت الصور التي التقطت مشاركةً أكثر من 1000 عسكري أميركي، ووالذين احتفلوا بقدوم ترامب، رغم أن «زيارته الخاطفة» لم تسر بالشكل المطلوب، إذ أُحيطت بـ«سريّةٍ» مطلقة خوفاً من أي استهداف صاروخي قد
بالرايات الحمر… الجماهير المليونية تودّع الـ«سردار»: قصف «عين الأسد» أوّل الردود
فور انتهاء تشييع الجنرال قاسم سليماني، دخلت إيران ومعها المنطقة والعالم مرحلة ترقّب الردّ على العملية الأميركية. ترقّب لم يَدُم طويلاً، إذ سرعان ما بدأ تنفيذ وعيد القيادة الإيرانية، مُدخِلاً المنطقة في مرحلة جديدة لم تشهدها من قبل، عنوانها الاشتباك الإيراني الأميركي المباشر. فمع ساعات الفجر الأولى، أعلن الحرس الثوري تنفيذ قواته «الجوفضائية» عملية «الشهيد سليماني» التي جرى خلالها قصفٌ بعشرات صواريخ أرض – أرض البالستية على قاعدة «عين الأسد» الأميركية في الأنبار، وهي إحدى أضخم القواعد الجوية الأميركية، وتضمّ عدداً كبيراً من الجود الأميركيين. ووفق الإعلام الأميركي، فإن القصف جرى بحوالي 35 صاروخاً، فيما تحدّثت وسائل إعلام إيرانية عن أنه طاول الجناح الذي يتواجد فيه الجنود الأميركيون، وأنه تمّ من داخل الأراضي الإيرانية. ونقل شهود عيان لـ«الأخبار» سماع دويّ انفجارين في أربيل، عاصمة إقليم كردستان العراقي، بالتزامن مع القصف، إلا أنه حتى ساعة متأخرة لم تتّضح طبيعة الانفجارين، في وقت كانت تتوالى فيه الأنباء عن موجة ثانية من الصواريخ طالت غالبية القواعد الأميركية في العراق.
قبل الردّ على اغتيال سليماني ورفاقه، كانت المؤشرات والمعلومات في إيران تشي بأن القرار هو بردّ سريع ضمن سلسلة ردود ستتوزّع على مستويات ثلاثة:
ــــ الأول، ردّ عسكري تقوم به القوات الإيرانية على القوات الأميركية بوجه علني مباشر وصريح. وهذا ما حصل أمس كفاتحة للردود الأخرى. في المقابل، بات الردّ الأميركي على الردّ أمراً شبه محسوم، ما دفع سريعاً بالسؤال حول ردّ الفعل وتداعياته إلى الواجهة. المسؤولون الإيرانيون كانوا استبقوا التهديد الأميركي بالحديث عن تجهيزهم ردّاً على «الردّ على الردّ»، مع البيان الثاني الصريح للحرس الثوري بضرب إسرائيل في حال الردّ الأميركي. وفي كلمته التأبينية في كرمان، كان قائد الحرس الثوري قد قال: «إرادتنا حازمة… وإذا ضربوا (مجدداً) فسوف ندمّر مكاناً محبباً لقلوبهم»، مضيفاً: «هم يعرفون عن أيّ أمكنة أتحدّث». وسريعاً، عكفت إدارة دونالد ترامب على تقييم هجوم «عين الأسد» وفق ما أعلن البيت الأبيض، حيث أجرى الرئيس اجتماعاً عاجلاً مع مسؤولي الأمن القومي.
ــــ الثاني، متابعة عملية طرد الأميركيين من العراق سياسياً، وعبر تفعيل ملف المقاومة العسكرية التي بدأت تشكيلاتها بالاستعداد العملي والتنسيق مع حلفائها الإقليميين، لتكون هجماتها الخطوة الثانية من الردّ، ولاسيما أن البيت الأبيض أكد رفضه الخضوع لقرار البرلمان والحكومة العراقيين بالانسحاب، ما سيجعل المواجهة حتمية.
ــــ الثالث، عمليات انتقامية أمنية وعسكرية متعددة في أكثر من ساحة في المنطقة، تقوم بها «قوة القدس» وحلفاؤها، وربما تتكرر لتقلب الأهداف الأميركية، وتكون عمليات استنزاف طويلة الأمد للوجود الأميركي خدمة للهدف الجديد الذي يلوّح به محور المقاومة: «طرد الولايات المتحدة من الشرق الأوسط»، كما أعلن سلامي أمس.
وفق الإعلام الأميركي فإن قصف القاعدة جرى بحوالي 35 صاروخاً
في طهران، بالنسبة إلى كثيرين، التوحّد الشعبي منقطع النظير لدى مختلف التيارات السياسية والشرائح الشعبية والثقافية التي شاركت في تكريم سليماني كان الردّ العفوي الأول. وفي هذا الإطار، بدا لافتاً ما أدلى به وزير خارجية إيران إبان حكم الشاه، أردشير زاهدي، الذي شبّه في حديث إلى «بي بي سي» سليماني بجنرالات الحرب العالمية الثانية الكبار، كديغول وآيزنهاور، واصفاً إياه بأنه «جندي وطني شريف». على المنوال نفسه، توالت تعليقات مشاهير، فنانين وكتاب ومفكرين، إيرانيين يقفون على مسافة العداء الثقافي أو السياسي مع النظام.
وكان البرلمان الإيراني قد بعث، أمس، برسالة إلى المرشد طالبه فيها بـ«انتقام شديد مناسب ومباشر وعسكري في أسرع وقت». وصادق النواب على قانون يدرج «البنتاغون» الأميركي على لائحة الإرهاب، مطالبين الحكومة بدفع مبلغ 200 مليون دولار لـ«قوة القدس» من احتياطي «الصندوق الوطني للتنمية». وفي خطوة بالغة الدلالة، كان «مجلس خبراء القيادة» قد بعث برسالة إلى خامنئي اعتبر فيها أن الاغتيال «إعلان حرب»، مطالباً بالانتقام الشديد، وداعياً «القوى الثورية» إلى الاستعداد لإخراج القوات الأميركية من العراق، كأدنى ردّ.
الاتصالات السياسية
على وقع هذه السيناريوات وما ستفضي إليه من انقلاب شامل للمشهد الإقليمي ستتأثر به مختلف بلدان الإقليم، حطّ سريعاً وزير الدفاع السعودي، الأمير خالد بن سلمان، في الولايات المتحدة، حاملاً رسالة من شقيقه ولي العهد الأمير محمد، ولبحث ما يمكن اتخاذه من إجراءات للحفاظ على استقرار المنطقة بعد اغتيال الجنرال سليماني، وفق ما قال. والتقى ابن سلمان وزيرَي الدفاع والخارجية والرئيس دونالد ترامب، الذي أفاد بأن الاجتماع كان «جيّداً للغاية… تباحثنا حول المجالات التجارية والعسكرية وأسعار النفط والأمن والاستقرار في الشرق الأوسط». وقال خالد بن سلمان إن اللقاء بحث «أوجه التعاون والتنسيق والعمل المشترك بين البلدين الصديقين في مختلف الجوانب، بما فيها الجهود المشتركة لمواجهة التحديات الإقليمية والدولية». وفي الزيارة التي تظهر كمحاولة لتحييد الرياض نفسها عن المواجهة، نقلت شبكة «سي أن أن» الأميركية عن مصدر سعودي أن الأمير خالد «سيدعو خلال لقاء بومبيو إلى ضبط النفس، ويناقش معه وقف التصعيد».
في غضون ذلك، سمع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من نظيره الإيراني، تهديداً صريحاً. إذ أبلغ الأخير الرئيس الفرنسي أن مصالح وأمن الولايات المتحدة في الشرق الأوسط باتت «في خطر» و«لا يمكن أن تنجو من تداعيات هذه الجريمة الكبرى». تهديد روحاني جاء في وقت كان يحاول فيه ماكرون الاتصال للدعوة إلى التهدئة، قبل أن يواجَه بالرد الصلب.
التشييع
بالرايات الحمر، شعار الانتقام، خرجت ملايين إيران، أمس، لوداع «سردار حاج قاسم». لم تشهد بلاد فارس يوماً مشابهاً في العقود الماضية، سوى في محطتين: الثورة، وتشييع مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني. لحظات تاريخية عرفتها البلاد على مدى ثلاثة أيام في تكريم جثامين الجنرال قاسم سليماني ورفاقه، وهي تشقّ طريقها بين مئات الآلاف في مسير مهيب من غرب البلاد إلى شرقها، فوسطها. دموع المرشد علي خامنئي، وهو يؤمّ الصلاة على جثامين سليماني والمهندس ورفاقهما، وخلفه مسؤولو الصف الأول في إيران وقيادات حركات المقاومة، كانت اختصاراً لحجم ما أصاب نظام طهران وشعبها كما حلفاءها، وبالتالي مدى ما يمكن أن يذهب إليه الإيرانيون كردّ على الاستهداف.
أمواج بشرية بقيت تتدفق على مدى الأيام الثلاثة، من الأهواز وصولاً إلى مشهد، فالعاصمة طهران، ومن ثم العاصمة الدينية قم، إلى آخر محطة وهي كرمان، موطن الجنرال سليماني حيث أوصى بأن يُدفن. على امتداد محطات التشييع، كانت الجثامين تُحمل على سيارات كبيرة تسير ببطء، والجماهير المليونية من حولها تتّشح بالسواد رافعة شعارات تطالب بالثأر، وتتزاحم للتبرّك بالأجساد عبر رمي قطع قماش للجنود الذين يحيطون بالجثامين على ظهر السيارة، يقومون بمسحها على التوابيت وإعادتها لأصحابها الذين سيحتفظون بها كتذكار. كلّ ذلك أعاق عملية التشييع وفق الجدول الزمني الذي وضعه منظّمو المراسم، وتسبّب بتأخير لساعات طويلة. أمس، تكرر هذا المشهد في كرمان، ما أعاق الدفن في موعده المقرر، ولا سيما بعد تسجيل حوادث مأسوية جراء الازدحام والتدافع غير المسبوق (نجم عنه بحسب التلفزيون الإيراني حوالى 50 وفيّة و213 مصاباً). في الأثناء، أعلن أمين «اللجنة العليا للثورة الثقافية»، محمد آقاسي، إطلاق تسمية «يوم المقاومة العالمي» على يوم 3 كانون الثاني/ يناير من كلّ عام، ذكرى استشهاد سليماني.
التقدير الاستراتيجي السنويّ في إسرائيل: سيناريوات ما بعد الاغتيال
تزامن صدور التقدير السنوي لـ«معهد أبحاث الأمن القومي» في إسرائيل مع اغتيال الولايات المتحدة قائد «قوة القدس» في الحرس الثوري الإيراني الفريق قاسم سليماني، ونائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» العراقي أبشو مهدي المهندس، ما فرض إدخال تعديلات على التقدير، نتيجة هذا الحدث المفصلي الذي أنتج سياقاً جديداً على مستوى المنطقة، وربما يؤدي إلى تغيير استراتيجي فيها، بحسب التقدير، الذي نبّه إلى أن التحدّيات الأمنية في الجبهة الشمالية تشكّل التهديد الأخطر خلال سنة 2020.
وعلى رغم الحديث المتكرّر، كما في كلّ تقدير سنوي، عن تعزّز المكانة الاستراتيجية لإسرائيل، وتمظْهُر ذلك في قوة ردعها وانخفاض إمكانية المبادرة إلى حرب ضدّها، أكد التقدير أن إسرائيل لم تنجح في ترجمة قدراتها (العسكرية) إلى إنجازات سياسية، لافتاً إلى غياب أيّ «استراتيجية متكاملة» لمواجهة تعدّد التحديات التي تتّصف بمزايا متنوّعة. وفي المقابل، أشار المعهد إلى أن «المحور الراديكالي الشيعي متكتّل وعدواني، ويستخدم أساليب متنوّعة ضدّ إسرائيل»، وأن «إيران تُظهر جرأة في نشاطها العسكرية، وفي المجال النووي»، مضيفاً أن الاهتمام الدولي بالشرق الأوسط يتراجع، ومعه يتراجع الاستعداد للمساعدة في حلّ مشكلات المنطقة. وإذ اعترف بأن مشروع الصواريخ الدقيقة بقيادة إيران يتقدّم على رغم الجهود الجارية لكبحه، تَوقّع إمكانية حدوث تصعيد متعدّد الساحات في أعقاب نشاط عملاني إسرائيلي ضمن إطار «المعركة بين الحروب»، إذ ستبدأ إيران وحزب الله حينها بردود عسكرية على النشاطات الإسرائيلية.
ستتلقّى الجبهة الداخلية نيراناً صاروخية كثيفة جزء منها صواريخ دقيقة
كذلك، تناول التقدير الاستراتيجي نيّات الولايات المتحدة إزاء طهران، لافتاً إلى أنه بعد عملية الاغتيال عمدت واشنطن إلى تعزيز قواتها في المنطقة، لكن «ليس في نيّتها الوصول إلى مواجهة شاملة». ورأى أن من السابق لأوانه تقييم انعكاسات الحدث الآن، لكنه شدّد على ضرورة استعداد إسرائيل للسيناريوات كافة، بدءاً من تصعيد محدود وانتهاءً بصراع واسع النطاق بين إيران والولايات المتحدة. واعتبر أن احتمال التوصل إلى اتفاق نووي بديل تراجَع في أعقاب الاغتيال، الذي رأى أنه يعزّز مشاعر العداء للولايات المتحدة في منطقة متّصفة باللااستقرار وغياب اليقين وارتفاع إمكانات التفجّر، في ظلّ استمرار الهزّة الإقليمية التي بدأت قبل تسع سنوات (في إشارة إلى ما سُمّي بالربيع العربي).
وفي ما يتصل بالمآلات المحتملة لأيّ تصعيد إسرائيلي في وجه تعاظم قدرات محور المقاومة، تحدّث التقدير عن سيناريوين: الأول أن يتطوّر التصعيد إلى «حرب لبنان الثالثة» مع حزب الله، والتي ستكون أكثر تدميراً وقوة بكثير من «حرب لبنان الثانية» عام 2006، والثاني أن تقع «حرب الشمال الأولى» مع الحزب في لبنان، وأيضاً مع قوات في سوريا والعراق وإيران ودول أخرى. لكن بعد اغتيال سليماني، أصبح احتمال أن يتولّد التصعيد من الردّ الإيراني ضدّ أهداف إسرائيلية وارداً. وفي حال حدوث ذلك، ستتلقى الجبهة الداخلية نيراناً صاروخية كثيفة، جزء منها صواريخ دقيقة، إضافة إلى محاولة اختراق قوات برية للأراضي المحتلة.
«ساعة الصفر» بدأت… والمقاومة في أتمّ جهوزيتها | بدء فرار المتعاقدين الأميركيين من العراق
بغداد | قوبل تأكيد العراق – على لسان رئيس حكومته المستقيل عادل عبد المهدي – تسلّمه رسالةً من القيادة العسكرية الأميركية تفيد بـ«إعادة تموضع قواتها تمهيداً للانسحاب من العراق»، بتأكيد الإدارة الأميركية بقاءها في هذا البلد، وإعلانها أن «الرسالة أُرسلت عن طريق الخطأ». عبد المهدي، وفي كلمة ألقاها أمام وزرائه أمس، أشار إلى أن «الرسالة موقّعة من قائد العمليات العسكرية الأميركية في البلاد، وهي توضح اتخاذه إجراءات معينة لضمان الخروج من العراق، تبدأ بعمليات إعادة تمركز خلال الأيام والأسابيع المقبلة». رئيس الوزراء المستقيل، والذي يُرجّح أن يستمرّ في منصبه إلى أمد غير معلوم، لفت إلى أن «الرسالة رسمية، وجاءت في سياقها الطبيعي، وليست ورقة وَقَعت من الطابعة أو أتت بالصدفة». وفيما كشف أن فريقه قال للجانب الأميركي إن «الترجمة العربية تختلف عن الترجمة الإنكليزية، فعادوا وأرسلوا نسخة عربية أخرى تتطابق ترجمتها مع الإنكليزية»، رفضت القيادة العسكرية الأميركية أيّ حديث مماثل، متمسّكةً بالقول إنه «ما من قرارٍ على الإطلاق بمغادرة العراق… نقطة على السطر».
وعلى رغم تضارب المواقف الأميركية في العلن، إلا أن الحركة الميدانية تشي بأن ثمة «إعادة تموضع» بالفعل. وفي حين ذكرت مصادر ميدانية أن قاعدة بلد الجوية (64 كيلومتر شمال بغداد) و36 نقطة عسكرية (في المناطق الوسطى والمحاذية للعاصمة) تم إخلاؤها بالكامل، أوضحت مصادر حكومية، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الانسحابات لم تشمل (إلى الآن) القوات الأميركية، إنما الشركات الأميركية المتعاقدة مع الجيشين العراقي والأميركي، والعاملة في برنامج التدريب للطيارين والدعم اللوجستي (ضمن برنامج FMS)»، مضيفةً أن «شركتَي لوكهيد مارتن وسالي بورت الأميركيتين وشركات أخرى قد انسحبت فعلاً من قاعدة بلد». من جهتها، أكدت مصادر أمنية أن «القيادة الأميركية أوعزت إلى قواتها بعدم سلوك أيّ طريق برّي، والتنقّل حصراً بالطائرات»، في ما يعكس خوف الولايات المتحدة من أيّ هجوم قد يطال قواتها المنتشرة على طول الخريطة العراقية. ووفقاً لمعلومات «الأخبار»، فإن «جهاز مكافحة إلارهاب»، المدرَّب على يد القوات الأميركية، طلب من الأخيرة مغادرة أيّ مقارّ مشتركة الإشغال من قِبَل الجانبين، بعدما صدرت خلال الأيام الماضية دعوات للقوات العراقية بالابتعاد عن أيّ نقطة عسكرية أميركية.
في موازاة ذلك، تؤكّد مصادر مطّلعة من داخل أكثر من فصيل عراقي مقاوم أن «جبهة المقاومة العراقية على أتمّ الجاهزية والاستعداد للردّ على الجريمة الأميركية، والتي أودت بحياة الشهيدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، في انتظار ساعة الصفر التي ستكون لحظة الردّ الإيراني» الذي انطلق ليل الثلاثاء – الأربعاء، مضيفةً في حديثها إلى «الأخبار» أن «طهران ستتولّى الردّ رسمياً على الجريمة، وليس عن طريق حلفائها»، وهو ما بدأ فعلاً. وتُبيّن المصادر أن الردّ العراقي سيتخذ بُعدين:
1- الاقتصاص لشخصية جهادية عراقية، إلى جانب كلّ الشهداء الذي طالهم العدوان الأميركي أخيراً، حتى لا يتكرّر «حمّام الدم» هذا في ظلّ تمادي الأميركي وخرقه المستمرّ للسيادة العراقية، خصوصاً وأن إشارات متعددة أفادت بنية واشنطن مواصلة عمليات التصفية لشخصيات «جهادية»، بهدف «تطويع الحشد»، وإبعاده عن المعادلة الإقليمية بوجه المحور الأميركي – الصهيوني.
على رغم تضارب المواقف الأميركية إلا أن الحركة الميدانية تشي بأن ثمة «إعادة تموضع» بالفعل
2- الوفاء لقاسم سليماني، صاحب الدور الأبرز في بناء فصائل المقاومة العراقية، وتسليحها وتدريبها وتأهيلها. مقتضى الوفاء، وفق المصادر، عبّر عنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، بدعوته إلى إخراج الاحتلال الأميركي من منطقة الشرق الأوسط عموماً، والعراق خصوصاً، الذي يضمّ وفق بعض التقديرات 25 ألف عسكري.
لكن مصادر حكومية ترفض أيّ تقدير مماثل، حاصرةً العديد الأميركي في العراق بما دون 10 آلاف عسكري. وفي حديثها إلى «الأخبار»، تؤكد المصادر أن «بغداد تجهد لحلّ مسألة بقاء القوات الأميركية من خلال الجهود السياسية، تجنّباً لإراقة المزيد من الدماء»، مضيفة أن عبد المهدي يرى أن «الحلّ الأنجع للأزمة الراهنة هو خروج القوات الأميركية عن طريق التفاهم مع واشنطن»، وهذا ما عبّر عنه في كلمته أمس. لكن المصادر تنبّه – في الوقت عينه – إلى أن العراق «لا يأمن الجانب الأميركي»، وعليه، لا ضمانة لاستمرار التفاوض السياسي، بل إن ثمة ما يؤشّر إلى أن الانسحاب الأميركي لن يكون إلا بـ«النار»، خصوصاً في ظلّ الموقف الجامع لفصائل المقاومة، وحديثها عن «تنسيق جبهتها» لمواجهة الاحتلال. جبهةٌ لا يبدو إلى الآن أنها ستكون جامعة، بعد رفض الكتل «السُنّية» و«الكردية» التصويت على قرار برلماني يُلزم الحكومة الاتحادية بإخراج القوات الأميركية، ورسالة رئيس الجمهورية برهم صالح إلى الأمم المتحدة، والتي حملت موقفاً «ضعيفاً جدّاً» يدعو إلى إدانة أعمال واشنطن، ويطالب الجميع – بمن فيهم بغداد – بـ«ضبط النفس»!
وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى أن إصرار واشنطن على البقاء في العراق من جهة، وإعادة تموضع قواتها من جهة ثانية، يعني انسحاب القوات الأميركية من المناطق الجنوبية، ذات الغالبية «الشيعية»، وانتقالها إلى «مناطق آمنة» في الشمال والغرب، حيث الغالبية «الكردية» و«السنية»، في خطوة مدروسة تعزّز الخطّة الأميركية الساعية إلى «رسم حدود الأقاليم» بمعزل عن تثبيتها رسمياً، وفي تكرار أيضاً لما يجري في «إقليم كردستان» الذي يضمّ 6 قواعد أميركية لا تعرف الحكومة ما يدور فيها. هذا المخطّط، في حال سلك سبله إلى التنفيذ، سيمثل خرقاً صريحاً للدستور، وتلويحاً مبطناً بـ«حرب أهلية، وعودة داعش» كما تقول المصادر، في ظلّ تحضيرات جدّية لإحياء مشروع «الصحوات» (سبق أن تحدّثت «الأخبار» عنه في أيلول/ سبتمبر الماضي)، بهدف حماية تلك القواعد، على اعتبار أن القوات الأميركية تحمي المناطق المذكورة من «التمدّد الشيعي أو الاستهداف الشيعي».
هكذا إذاً، سيتمّ على ما يبدو تسعير الخطاب الطائفي في الأيام المقبلة، وسط جهود تبذلها الجيوش الإلكترونية التابعة للسفارة الأميركية في بغداد في بثّ دعاية تدعو إلى ضرورة بقاء الاحتلال، وتتّهم من يشارك في قتاله بـ«التبعية لإيران». دعاية تشي بوضوح بأن الولايات المتحدة ستلجأ إلى سلاح «التفتين» داخل البيت العراقي، من أجل نزع الصبغة الوطنية عن الخطاب المناهض للاحتلال، وتحويل قضية بحجم تحرير العراق وتعزيز استقلاله إلى مادّة خلافية بين «المكوّنات»، التي اخترعها الأميركيون ولا يزالون يجهدون لإبقائها متفرّقة مشتّتة.
المهندس إلى مثواه الأخير في النجف
بعدما شُيّع جثمانه إلى جانب جثمان قائد «قوّة القدس» في «الحرس الثوري» الإيراني الشهيد قاسم سليماني، في العاصمة الإيرانية طهران، عاد نائب رئيس «هيئة الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، إلى مسقط رأسه مدينة البصرة، حيث شيّعه عشرات الآلاف، قبل أن ينتقل على متن طائرة مروحية إلى مدينة النجف، حيث ووري الثرى مساء أمس، هناك، في مقبرة «وادي السلام»، إلى جانب عدد كبير من الشهداء. جثمان المهندس كان نُقل إلى طهران لإجراء فحوصات الحمض النووي؛ إذ لم يستطع أحد التعّرف عليه، فيما أفاد رئيس «لجنة الأركان الإيرانية للبحث عن المفقودين والشهداء المجهولين»، محمد باقر زاده، بأن «جثّة أبو مهدي المهندس كانت قطعاً عدّة لا أكثر».