لم تبذل الحكومة الأمريكية جهودا في محاربة عصابات الإرهاب في سوريا، بقدر ما بذلتها في قصف مواقع الجيش السوري والمناطق السكنية الآمنة، وتقديم السلاح والعتاد والأدوية والمُؤن للتنظيمات الإرهابية، من أجل إضعاف الجيش الوطني وإطالة أمد الأزمة السورية، التي بدأت مؤشرات نهايتها بالظهور، بفضل رجال الجيش الصامدين، ودعم قوات الحلفاء الميامين، ودروهم في قلب الموازين، وافشال خطط الغزاة والارهابيين.
ولم تكن عدوانية السياسة الأمريكية غائبة أثناء سنوات الأزمة السورية. وكان حضورها فاعلا وواضحا، في الكثير من كَذِب ادعاءات وبيانات وزارتي الخارجية والدفاع، عن الإنتصارات الأمريكية المزعومة على داعش، والتي لا يصدقها الا الحمقى، خصوصا اذا ما أخذنا بنظر الإعتبار، حقيقة معرفة العالم بأن أمريكا دولة مارقة، تقودها حكومات منافقة، لأرواح الملايين زاهقة، ولثروات الشعوب سارقة، وللأزمات الدولية خالقة، باعتمادها على التفرقة، وفرض ظروف خانقة، متناسية ان الشعوب حانقة، ونيّة مجابهتها صادقة، وعلى ترامب وامثاله باصقة.
لقد مَرَّت تسعة أعوام عجاف، على الدمار المُبرمج، والتخريب المُمنهج، والإعلام المؤدلج ضد سوريا وشعبها، لم تُظهِر خلالها الولايات المتحدة، ولا الأمم المتحدة، ولا ما يسمى “الجامعة العربية”، اي مؤشر ايجابي، أو تصرف انساني، لوقف نزيف الدم، والدمار، والهجرات الجماعية، وتفاقم الأوضاع المعيشية للملايين من أبرياء الناس، وكل ما رأيناه ولمسناه كان عكس ذلك. فقد واصلت الحكومة الامريكية دعمها للإرهابيين عسكريا وماديا واعلاميا، وهو ما فعلته حكومة الدكتاتور التركي، رجب طيب اردوغان وبعض دول الخليج، في الوقت، الذي اكتفت فيه الأمم المتحدة بالتعبيرعن ” قلق” سكرتيرها الدائم، تجاه ما يحصل.
أما “الجامعة العربية”، فلم تختلف في مواقفها من سوريا،عن صلف المواقف الأمريكية والصهيونية ودول الخليج . فقد صرح أبو الغيط اكثر من مرة بأن ” الوقت لم يحن بَعد، لعودة سوريا إلى الجامعة العربية، وأن الأمر “مبكر وحساس” لأنه كلما أثير، قال البعض إن الأمر غير ناضج، فيما يرى البعض الآخر، أنه ليس على جدول أعمالنا، ويقول آخرون ” نحتاج لعملية سياسية وأرضية يلتقي فيها السوريون”.
ويبدو ان حَجّاج الجامعة العربية (ابو الغيط) قد تعامى عن الرؤوس الصهيونية التي اينعت، والكؤوس التي رُفِعَت في سفارة العدو وسط القاهرة، ولم يسمع أقوال رئيسه ” ان أمن اسرائيل من أمن مصر”، ولكنه يرى “النضج” السريع لثمار العلاقات الاقتصادية مع اسرائيل، مقابل تضييق الخناق على الفلسطينين في غزة، ويا للعار والشنار!
وقاحة تصريحات، وقباحة تهديدات القائمة بأعمال السفير الأمريكي في عمان، كارين ساساهارا :
– “على بغداد تعويض جميع خسائر الحرب إذا أصرت على إخراج قواتنا”.
مَن يُعوض مَن، المُعتدي ام المُعتدى عليه ؟. لا أحد سوى الخونة والعملاء والعبيد، يوافق على بقاء قواتكم الفاشية في العراق يا كاترين. ولولا شريعة ما دون شريعة الغاب السائدة بسببكم في العالم، ولولا حكومات الاحتلال المنصبة من قبلكم، لطالبَ العراق بترليونات الدولارات، كتعويض عن قتلكم للآلاف من أبناء شعبه، وتدمير مدنه، وسرقة ثرواته، ونهب آثاره .
– “تواجدنا في العراق جاء بحكم ضرورة الحفاظ على أمنه وأمن المنطقة كلها”.
لم تشعر المنطقة بمثل هذا القدر من التوتر وانعدام الأمن والاستقرار، مثلما شعرت به بعد عدوانكم وأثناء وجودكم. وما مِن أمن للعراق والمنطقة، إلا بخروجكم طوعا، أو كرها.
– “الجنود الأمريكيون في العراق يُعتبرون ضمانا لاستمرار الديمقراطية فيه، وحال خروجهم سيكون هذا البلد على أعتاب التفكك والخراب كما حدث سابقا في سوريا فضلا عن تجميد ممتلكاته في الولايات المتحدة”.
لو عَقُلت لسَكتَت، لكنها بالباطل نَطَقت. فالجيش الأمريكي، المسؤول الأول عن جرائم القتل والخراب والدمار والتفكك في العراق . أما “الديمقراطية”، التي تنافق بها كارين وحكومتها، فهي ليست سوى الدم- قراطية، التي مارسها ويمارسها جنود الإحتلال للعراق وعبيدهم، منذ 2003 .
– ” إذا أصرت بغداد على إخراج قواتنا سيتعين عليها تعويض جميع الخسائر التي تكبدها الجيش الأمريكي خلال حرب تحرير العراق وإنقاذ هذا البلد من براثن الخلافة الإسلامية “.
أنتم وعملائكم فقط، مَن يعتبر جريمة الاحتلال” تحريرا”. واذا ما تخلص العراق من برابرة داعش، فالفضل في ذلك، يعود لتضحيات الجيش العراقي ومقاتلي الحشد الشعبي، الذين انقذوا العراق من براثن “الخلافة الإجرامية. أما طيرانكم، فقد ألقى الكثير السلاح والمؤن للارهابيين، بينما شن غاراته الاجرامية على مواقع الجيش والحشد بشكل متعمد.
ستخرجون صاعرين من بلادنا، ولا مجال لبقاء قواتكم عندنا.
فأخرجوا وخذوا مَن حَضرَ السقيفة، ولا تتشبثوا بأعذار البقاء السخيفة، فوجودكم سيعني وقوع أحداث مخيفة، لن تكون الردود عليها ضعيفة، بل مؤلمة بالنسبة لكم وعنيفة، ولن يوقف مَدَّها العملاء ولا “الخليفة”، فارحلوا وأريحونا يا أقذر جيفة .
د. وسام جواد
موسكو
08.02.2020