شكلاً ومضموناً، بدت مواقف المرجع الديني علي السيستاني، بُعيد استقباله أمس الممثلة الخاصة للأمين العام لـ«الأمم المتحدة» في العراق، جينين هينيس بلاسخارت، «لافتة» كما تصفها أوساط سياسية عديدة، اعتبرت «رسائل النجف تأسيسية وتحذيرية في آن واحد»
1- إجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في موعدها (حزيران/ يونيو 2021)
2- استعادة الدولة لهيبتها
3- منع التدخلات الأجنبية في شؤون الدولة
هذه المواقف تباينت الآراء إزاءها، بين مَن رأى فيها دعماً غير مباشر للكاظمي وقراراته، ومنحه الغطاء اللازم للمضيّ فيها، وبين مَن اعتبرها رسالة إلى رئيس الوزراء بأن «خطواته لم تكن على قدر التوقّعات»، وبأنه «مدعوٌّ إلى إثبات أهليّته في الحكم». وما بين الرأيين، ترفض مصادر مطّلعة على أجواء النجف «الخوض في أيّ نقاشات تفسيرية أو توضيحية»، متحدّثة عن «مراقبة الأداء الحكومي، والاكتفاء بمواقف السيد».
في النقطة الأولى، أعرب السيستاني عن تمسّكه بطرحه الداعي إلى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة، مع توفير شروطها، من «قانون عادل ومنصف بعيداً عن المصالح الخاصة… ومراعاة النزاهة والشفافية في مختلف مراحل إجرائها، وبالتنسيق مع الدائرة المختصة بذلك في بعثة الأمم المتحدة». ووصف السيستاني الانتخابات المبكرة بـ«المسار السلمي الصحيح للخروج من المأزق الراهن… لأنها فرصة المواطنين في تجديد النظر في خياراتهم السياسية، والانتخاب بعيداً عن أيّ ضغطٍ…»، في ما يستبطن تأسيساً لمرحلة ما بعد الانتخابات، بحسب الأوساط السياسية.
أما التحذير فقد جاء في قوله إن «المزيد من التأخير في إجراء الانتخابات أو إجرائها من دون توفير الشروط اللازمة لإنجاحها، وبحيث لا تكون نتائجها مقنعة لمعظم المواطنين، سيؤدي إلى تعميق مشاكل البلد والوصول إلى وضعٍ يهدّد وحدته ومستقبل أبنائه، وسيندم عليه جميع الأطراف المعنيّين الممسكين بزمام السلطة في الوقت الحاضر». موقفٌ يبدو لافتاً فيه التحذير من مخاطر التقسيم، والتي تعود لتطلّ برأسها في ظلّ استمرار التعقيدات في العراق من دون أيّ حلول أو انفراجات، ووسط طروحات إقليمية تُتداول في الكواليس قوامها «تعديل الخارطة الجغرافية» لبعض الدول.
أما في النقطة الثانية، فقد دعا السيستاني الحكومة إلى الاستمرار والمضيّ بحزم وقوة «في الخطوات التي اتخذتها في سبيل تطبيق العدالة الاجتماعية، والسيطرة على المنافذ الحدودية، وتحسين أداء القوات الأمنية، وفرض هيبة الدولة وسحب السلاح غير المرخص فيه، وعدم السماح بتقسيم مناطق من البلد الى مقاطعات…»، مضيفاً أن «الحكومة مدعوّة أيضاً إلى اتخاذ خطوات جادّة واستثنائية لمكافحة الفساد، وفتح الملفات الكبرى في هذا الشأن بحسب الإجراءات القانونية… والكشف – أيضاً – عن كلّ مَن مارس أعمالاً إجرامية مِن قتل أو جرح أو غير ذلك بحق المتظاهرين أو القوات الأمنية أو المواطنين الأبرياء، أو قاموا بالاعتداء على الممتلكات العامة أو الخاصة، منذ بدء الحراك الشعبي المطالب بالإصلاح في العام الماضي، ولا سيما الجهات التي قامت بأعمال الخطف أو تقف وراء عمليات الاغتيال الأخيرة».
وفي تعليقه على تلك المواقف، جدّد الكاظمي التزام حكومته بإجراء الانتخابات المبكرة في موعدها، و«الحفاظ على السيادة وفرض هيبة الدولة ومحاربة الفساد رغم التحديات والعراقيل». كما تعهّد بـ«محاسبة المتورّطين بدماء العراقيين، وقد انتهت المرحلة الأولى من إجراءات التحقق والتقصّي بإحصاء الضحايا من شهداء وجرحى أحداث تشرين 2019 وما تلاها، وستبدأ قريباً المرحلة الثانية المتمثلة بالتحقيق القضائي وتحديد المتورطين بالدم وتسليمهم إلى العدالة».
وبالعودة إلى كلام السيستاني، وتحديداً في النقطة الثالثة، فقد كرّر رفضه أيّ تدخل أجنبي في الشأن العراقي، من أيّ جهة أتى، مٌحذّراً في غير موضع في بيانه من خطر تجزئة البلد وتقسيمه، معتبراً أن «المطلوب من مختلف الأطراف الارتقاء إلى مستوى المسؤولية الوطنية، وعدم التفريط لأيّ ذريعة بسيادة البلد واستقراره واستقلال قراره السياسي».