سلط موقع “ميدل أيست أي” البريطاني، على الظهور المفاجئ للأمير بندر بن سلطان، وتصريحاته المثيرة للجدل والتي اعتبرت بمثابة تمهيد الطريق أمام ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للتطبيع مع إسرائيل بعيداً عن مبادرة السلام العربية التي طرحتها السعودية عام 2002.
وقال الموقع، وفق مقال للكاتب ديفيد هيرست، إن بندر بن سلطان طوال حياته المهنية الطويلة تمسك بمبدأ واحد هو خدمة سيده سواء كان ملك السعودية أو رئيس الولايات المتحدة، أو كليهما.
قصور الرياض وأبو ظبي ستطير قريبا
وأوضح هيرست، أن المزاج في الرياض وأبوظبي حاليا قاتم، إذ إن “سقف” قصورهم الكهفية يمكن أن يطير قريبا، تاركا أصحابها مكشوفين. فليس هناك جاريد كوشنر، صهر ترامب وكبير مستشاريه بالبيت الأبيض، لتلقي مكالمات منتصف الليل التي تسأل عما إذا كان بإمكانهم غزو قطر.
وأشار إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “لا يبالي” فهو محارب قديم عاصر أربعة رؤساء أمريكيين، اثنان منهم ديمقراطيان، يعرف كيف يكون الشتاء في واشنطن، مضيفاً: “نتنياهو رجل لكل الفصول، لم يتوقف عن إقناع البيت الأبيض بغسل ملابسه المتسخة”.
ويشير هيرست إلى أن نتنياهو أبلغ الكنيست الذي صادق على اتفاق التطبيع الإماراتي، الخميس، أنه ما زال يعتقد أن الفلسطينيين سوف “يستيقظون”. فهو “يلعب اللعبة الطويلة”. بينما ولي عهد السعودية محمد بن سلمان وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لا يستطيعان الانتظار. إذ يحتاج الرجلان اللذان يخططان للسيطرة على العالم العربي السني إلى “نتائج الآن”.
ويقول الكاتب إن مليارات الدولارات التي ضخوها على الرئيس دونالد ترامب، والتي هم على وشك خسارتها إذا خسر الانتخابات، هي أقل مشاكلهم.
وأضاف: “خططهم للاعتراف العربي بإسرائيل تتعطل، لم تنضم أي دولة عربية كبيرة إلى الصفقة، لا فرح بعد من السودان أو عُمان أو الكويت، حتى الآن، اعترفت دولتان صغيرتان فقط من دول الخليج بإسرائيل، الإمارات العربية المتحدة والبحرين، ولا بد من وضع حجر الأساس لعملهما.
وتابع كاتب المقال: “الساعة تدق يحتاجون لاستبدال الرئيس الفلسطيني محمود عباس برجلهم محمد دحلان، ويجب إخراج المقاومة من القادة الفلسطينيين- أو هكذا يعتقد محمد بن زايد”.
أحضروا بندر
وتابع الكاتب: “لذا قاموا الأسبوع الماضي بإخراج أمير سعودي مخضرم للتنديد بالقادة الفلسطينيين “الطفوليين” في محاولة لتليين الرأي العام العربي، وخلق أرضية للمملكة العربية السعودية لتحذو حذو المطبعين”.
وفي حديثه على قناة العربية المملوكة للسعودية، الأمير بندر بن سلطان الذي لديه ما يزيد عن 37 عاما في الدبلوماسية السعودية، 22 عاما كان سفيراً لها في واشنطن. كان موضوعه بسيطا: “أعتقد أننا في المملكة العربية السعودية، نعمل بناء على حسن نيتنا، كنا دائما هناك من أجلهم [الفلسطينيون]. وكلما طلبوا النصيحة والمساعدة، سنوفر لهم كليهما دون توقع أي شيء في المقابل، لكنهم سيأخذون المساعدة ويتجاهلون النصيحة. ثم يفشلون ويعودون إلينا مرة أخرى، وسنقوم بدعمهم مرة أخرى، بغض النظر عن أخطائهم وحقيقة أنهم كانوا يعلمون أنه كان عليهم أخذ نصيحتنا”.
وقال بندر إن الوقت قد حان لكي تسلك المملكة العربية السعودية طريقها الخاص وتتبع مصلحتها الوطنية. وقد خلقت تصريحاته رد فعل عنيف في جميع أنحاء العالم العربي.
وقال الكاتب: “بعيدا عن الفلسطينيين، ذكّر بندر بن سلطان الذي احتل مركز الصدارة مرة أخرى ملايين العراقيين والسوريين والمصريين كم كلفتهم السياسة الخارجية السعودية على مدى العقدين الماضيين، وكان بندر وجه كل الصفقات الخلفية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية ضد الدول العربية الشقيقة، وهو وجه استمر في الظهور مهما كانت الفضيحة شنيعة، أو عدد الذين دفعوا الثمن
وأكمل: “لقد ذكّرهم بكل حرب أمريكية أو صفقة قذرة شارك فيها بندر شخصيا. والقائمة هي: فضيحة إيران-كونترا، صفقة اليمامة للأسلحة، حرب الخليج الأولى، الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، وأخيرا الحرب في سوريا. كان بندر منغمسا في كل ذلك حتى رقبته.
حرب الخليج الأولى
واستطرد: “في حرب الخليج الأولى، كان قريبا جدا من الأمريكيين لدرجة أن الأمير السعودي، على حد تعبير برنت سكوكروفت، كان “عضوا فعليًا في مجلس الأمن القومي”. شارك جورج دبليو بوش خطط الغزو الأمريكية للعراق مع بندر قبل بدء الحرب في عام 2003. وفي سوريا، كان بندر بن سلطان هو الذي أطلق سراح 1200 سجين محكوم عليهم بالإعدام ودربهم وأرسلهم إلى “الجهاد”- كرئيس للمخابرات السعودية- في سوريا”.
واستكمل: “كان بندر وجه كل الصفقات الخلفية التي أبرمتها المملكة العربية السعودية ضد الدول العربية الشقيقة، وهو وجه استمر في الظهور مهما كانت الفضيحة شنيعة، أو عدد الذين دفعوا الثمن”.
“لم يخجل بندر أبدا”، يقول هيرست. ويضيف أن صديقا فلسطينيا دعاه مرة لرؤية بندر عندما كان سفيراً. كانت المملكة العربية السعودية مهتمة بالتواصل مع المنظمة التي عمل بها بعد ذلك. كان على مائدة بندر كيسا كبيرا مليئا بالدولارات.
وأضاف: “كان بندر يتقاضى 30 مليون جنيه إسترليني كل ثلاثة أشهر لمدة عشر سنوات على الأقل من قبل شركة هندسة الطيران البريطانية كجزء من عمولاته لصفقة أسلحة اليمامة. أراد مكتب مكافحة الاحتيال الخطير في بريطانيا توجيه اتهامات. أوقف توني بلير، رئيس الوزراء آنذاك، التحقيق “لأسباب تتعلق بالمصلحة الوطنية”.
صحيفة عبرية تحتفي بتصريحات “ابن أمه” بندر بن سلطان وهذا ما قالته عن موعد التطبيع الذي حدده ابن سلمان
احتفت صحيفة “معاريف” العبرية بتصريحات رئيس الاستخبارات السعودي الأسبق الأمير بندر بن سلطان، الأخيرة عن التطبيع والهجوم اللاذع الذي شنه على القيادات الفلسطينية.
وذكر خبير الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي “جاكي خوجي”. في مقاله بالصحيفة أن حوار “بندر” موجه بالأساس إلى “الجمهور السعودي”. مشيرا إلى أن “العديد من الإسرائيليين رأوا أن كلمات الأمير السعودي تعبر عن التقارب معهم. بعد أن ساعدت الرياض في دفع أبوظبي والمنامة إلى حضن تل أبيب”.
وأضاف: “حديث بندر يعني أن الرياض بحاجة لاحتضان الصهاينة من أجل كسب الصراع الوجودي ضد إيران”. لافتا إلى أن “الأنظمة العربية منذ سنوات عديدة تهمس في أذن إسرائيل في الخفاء، لكن هذا الأسلوب عفا عليه الزمن، وحان الوقت للخروج منه”.
هذا واشار خبير الشؤون العربية بإذاعة الجيش الإسرائيلي إلى أن “تلميحات بندر تعني أن التقارب مع إسرائيل قد يصنف على أنه حاجة وطنية سعودية”. مضيفا: “كل هذا يؤكد أن المملكة العربية السعودية تقود ثورة عقلية في المنطقة العربية، وتحديدا فيما يتعلق بإسرائيل والقضية الفلسطينية. وليس أقل منها تجاه نفسها وسكان الخليج”.
وأكمل بحسب المقال:”الإمارات العربية المتحدة والبحرين والسعودية 3 شقيقات. يجمعها تحالف سياسي واقتصادي وقبلي قوي، تتناغم قراراتها الاستراتيجية مع كل التفاصيل”.
وختم الكاتب الإسرائيلي مقاله بأن السعوديين اختاروا القناة الالتفافية حين شعروا أن الطريق المباشر باتجاه إسرائيل مسدود. “فأرسلوا إخوانهم بدلا منهم، على أمل أن ينضموا هم أنفسهم إلى الرحلة في المستقبل، لأن الطريق هناك باتجاه إسرائيل مليئة بالألغام. وما فعله بندر بن سلطان هذا الأسبوع هو بداية أعمال التفكيك لهذه الألغام”.
ودافع الأمير بندر بن سلطان خلال مقابلته مع قناة “العربية” قبل أيام. عن التطبيع قائلا: “من الصعب الوثوق بالقيادة الفلسطينية، بعد نكران الجميل من قبلهم. وهذا لن يؤثر على تعلّق السعودية بقضية الشعب الفلسطيني”.
واتهم رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق القيادة الفلسطينية بـ”التهرّب من حل القضية”، زاعما أنها تعتبر “تركيا وإيران أهم من مصر ودول الخليج”.
كما اتهم الأمير بندر غزة “بتصدير الإرهاب والقتل لمصر، التي تسعى ليل نهار لحل القضية الفلسطينية، ورفع الحصار عن القطاع”، حسب زعمه.