نشر موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، مقالاً لرئيس تحريره الكاتب الشهير، ديفيد هيرست، قال فيه إن تحالف حكام المنطقة الذين استثمروا الكثير من الجهد في إخماد الديمقراطية بدأ يضعف.
البغضاء بين حكام المنطقة
وأوضح ديفيد هيرست، أن ذلك جاء بعد أن بدت البغضاء بين المساهمين في التحالف، وإن هناك إمكانية لتحالفات جديدة مثيرة في المنطقة، لكنها لم تتأكد حتى الآن.
وأضاف هيرست: “التحالف المكون من حكام عرب ظل يعمل طوال العقد الماضي على مواجهة نضال شعبي لا رجعة فيه. وانطلق من أجل حقوق الإنسان في العالم العربي”.
وأشار إلى أن هؤلاء الحكام التقوا في أواخر عام 2015 سراً على يخت لتحقيق أهدافهم بوقف مسيرة الثورات العربية. وتعاونوا لأجل هذه الأهداف مع فرنسا وبريطانيا وقوى عالمية أخرى بحجة محاربة “الإسلاموية”.
وتابع: “أما اليوم، أي بعد ستة أعوام على ذلك الاجتماع، فلن يكون من السهولة بمكان جمع نفس الشخصيات. على متن قارب واحد يطفو على مياه البحر الأحمر”.
مصر وحلفاء الخليج
وبين الكاتب، أن مصر بدأت تدرك أن مصالحها لا تنسجم مع حلفائها الخليجيين دائما، وذلك لعاملين رئيسيين”.
أولهما، وفق الكاتب يتعلق بوصول بايدن للسلطة في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي دفع السيسي للتفكير. بتموضع جديد بعيدا عن مواجهة بايدن.
وحسب الكاتب، فإن العامل الثاني، فهو الهزيمة العسكرية التي تكبدها الجنرال خليفة حفتر في ليبيا، عندما. اندحرت قواته من طرابلس. وانسحبت إلى سرت بسبب تدخل تركيا وفعالية طائراتها المسيرة.
وبين أن ذلك أدى إلى حصول صدمة لمصر. التي كانت الإمارات هي من يدير لها أجندتها في ليبيا. وكانت مصر قد استثمرت الكثير في تدريب وتسليح وتموين قوات حفتر.
الإمارات ومصر وليبيا
وأشار هيرست إلى أن الإمارات ومصر أدركتا أنهما تقفان في جانب المهزوم في ليبيا، ولأن الأخيرة مهمة لمصر. واستقرارها وازدهارها يصب في مصلحة ازدهار مصر.
وتابع: “لقد فتحت هزيمة حفتر الطريق أمام إجراء محادثات مباشرة مع الحكومة في طرابلس ومحادثات. سرية مع كبار المسؤولين في المخابرات التركية”.
واستكمل: “نتيجة لذلك، تمت الموافقة من قبل تركيا ومصر معاً على مرشحي القائمة التي خسرت الانتخابات. في التنافس على منصب رئيس الوزراء”.
وأضاف: “عندما رفض الليبيون هؤلاء المرشحين لم يعكر ذلك صفو التفاهم الضمني بين أنقرة والقاهرة”.
التقارب التركي المصري
وعلى الرغم من تقليل القاهرة من أهمية التصريحات التركية الداعية للتقارب مع مصر، وإعلان بعض الإعلاميين القريبين. من النظام عن شروط للمصالحة بين البلدين. إلا أن هيرست يرى أن مصير هذه الشروط سيكون مثل مصير الشروط الثلاثة عشر التي وضعتها دول الخليج. الثلاثة ومصر لإنهاء الحصار على قطر، قبل أن تتخلى عنها وتبدأ مصالحة مع الدوحة.
وأضاف هيرست أن أحد الأسباب التي قد تدفع للتقارب بين أنقرة والقاهرة هو العرض الذي تقدمت به تركيا للتوسط. بين مصر وإثيوبيا في أزمة سد النهضة. في الوقت الذي تقوم به الإمارات العربية المتحدة بالعكس تماما، إذ تعرض المساعدة على رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد.
زيارة دحلان السرية لأديس أبابا
وأشار ديفيد هيرست، إلى أن محمد دحلان، القيادي الفلسطيني الهارب والذي يشغل منصب مستشار ولي عهد أبو ظبي. محمد بن زايد، قد وصل إلى أديس أبابا في زيارة معلنة.
وتابع: “أما ما لم يتم الإعلان عنه فهو أن ولي العهد محمد بن زايد كان برفقته”. وذلك بحسب ما صرح به مصدر مطلع لميدل إيست آ
وأضاف هيرست أن مصر لا تزال مترددة في التجاوب مع مبادرة التقارب التركي
ونقل عن مسؤول مصري صرح لموقع ميدل إيست آي قوله إن مصر “تريد من أنقرة أن تتخذ على الأقل خطوة رمزية. فيما يتعلق بتواجد جماعة الإخوان المسلمين داخل تركيا”.
ويعتقد هيرست أن هذا الشرط قد يمثل عقبة في التقارب بين البلدين، لأن “جماعة الإخوان المسلمين ليس لها. وجود فعلي على شكل مكتب إقليمي في تركيا، ولذلك لا يوجد ما يمكن إغلاقه”.
تعقب الجالية المصرية في إسطنبول
وأكمل: “أما تعقب أعضاء الجالية المصرية الكبيرة في إسطنبول بشكل فردي، فسوف يعني تسليم المطلوبين. وهذا أمر لن تقدم عليه تركيا، كما لا وجود حتى الآن لضغوط تركية ملموسة على وسائل إعلام المعارضة المصرية في إسطنبول”.
وأضاف ديفيد هيرست أن تركيا لا يمكن أن تقدم على تسليم مطلوبين لمصر، لأسباب تتعلق بسياستها الخارجية، وأخرى داخلية. تتعلق بالصورة التي يريد الرئيس أردوغان رسمها لنفسه في بلاده أمام ناخبيه، كزعيم ذي “توجهات إسلامية”.
أبوظبي والقاهرة مجدداً
وحول العلاقة بين أبو ظبي والقاهرة، قال هيرست إن الأمور لا تبدو أفضل حالا بينهما، أولا بسبب نقص الدعم المالي. الإماراتي لمصر منذ سنوات.
وثانيا حسب الكاتب، بسبب الموجة الثانية من التطبيع مع إسرائيل، والتي تقودها الإمارات، حيث إن اعتراف أبو ظبي. بإسرائيل سيقلل من أهمية مصر الاستراتيجية. لأنها والأردن كانتا تمثلان البوابة العربية للتعامل مع تل أبيب.
ويرى ديفيد هيرست أن هناك إمكانية لتحسين العلاقات بين تركيا والسعودية، مشيرا إلى أن طائرات مسيرة تم بيعها. من شركة تركية خاصة للسعودية بدأت بالخدمة. كما أن الرياض قد تكون معنية بتحسين العلاقة لمواجهة سياسات بايدن. الذي يقود سياسة تختلف عن سياسات ترامب تجاه البلدين.
قطر وتركيا والسعودية
وقال هيرست إن قطر عرضت وساطة بين تركيا والسعودية، وإن هناك عوامل قد تدفع لحصول تقارب بين البلدين. منها استمرار العلاقة بين الرئيس أردوغان والملك سلمان.
واستدرك بالقول إنه لم يحصل تقدم في هذا المجال حتى الآن، فيما لا تزال المقاطعة السعودية للبضائع التركية قائمة.
وأكد هيرست أن هناك إمكانية لإصلاح العلاقات بين تركيا وكل من السعودية ومصر، إذا تصرفت الدول وفق مصالحها. خصوصاً أن المحور الذي كان قائما لمحاربة الديمقراطية والثورات بدأ ينهار.
وأشار إلى أن العلاقات القائمة على مصالح الشعوب هي علاقات تقف على أرض صلبة، فيما العلاقات السرية والقائمة على مصالح الحكام تقف على رمال وسرعان ما تنهار.