بينما يستمر الوضع في لبنان وسوريا على ما هو عليه، هدّد جنود مقربون من النظام السابق، الحكومة الانتقالية السودانية بالإنقلاب، وفقدت في الأثناء السلطة الفلسطينية، بقيادة محمود عباس شرعيتها بين السكان الفلسطينيين الثائرين.. هذا هو الوضع العربي الحالي، الذي لا يزال متأزما، يتخبط بين استبداد الزعماء وتدخل القوى الخارجية، وتطرف المتمرّدين.
وحسب تقرير نشرته صحيفة ” إل سالتو دياريو” الإسبانية، فانه ليس هناك حل للأزمة اللبنانية، خاصة بعد تأكيد خبراء من مختلف المجالات أن هذا البلد المتوسطي الصغير، يعاني من أسوأ أزمات العالم من الناحيتين الصحية والاقتصادية.
يمكن للحكومة الجديدة، التي أُعلن عنها رسميا هذا الأسبوع أن تطلق العنان للمساعدات الدولية، لكن هذه الخطوة، لا يمكن أن توهم المحتجين اللبنانيين، الذين يعرفون جيدا أن الوزراء الجدد قد تم انتخابهم مرة أخرى، من قبل الزعماء التقليديين.
سوريا تخوض حربا منسية والفلسطينيون يرفضون قيادة محمود عباس
في الجهة الأخرى، لا تزال سوريا تخوض حربا منسية، من قبل الأنظمة العربية والعالمية، حيث ضاعف نظام بشار الأسد، من عمليات القمع من خلال شن اعتقالات تعسفية، وُصفت من خلال تقرير أممي، أنها تفسح المجال أكثر لممارسة التعذيب والاغتصاب وحتى الاختفاء القسري والموت. وفق ما ترجمت “وطن”.
وفي جنوب شرق المتوسط، كشف استطلاع للرأي أن 80 بالمئة من الفلسطينيين، في كل من الضفة الغربية وقطاع غزة، يرفضون قيادة الرئيس محمود عباس، التي تأثرت شعبيته بعد وفاة الناشط الشهير نزار بنات بعد اعتقال الشرطة له وبسبب قمع العديد من المتظاهرين، الذين خرجوا للاحتجاج على موته.
أما في السودان، زعمت القوات المسلحة بأوامر من المجلس الانتقالي، أنها أحبطت محاولة انقلابية من قبل دوائر مقربة من الديكتاتور السابق عمر البشير.
وفي خضم هذه المعارك، فاز ملاكم إيطالي ومنَاهض للفَاشية من مواليد المغرب في نهائي بطولة للملاكمة، خاضها مع خصم، يغزو جسمه وشم يمجد من خلاله الرّموز النازية.
يعاني لبنان من أسوأ الأزمات الصحية والاقتصادية
الأزمات المتعددة التي يمر بها لبنان عميقة، لدرجة أن الصحفيين غير قادرين على حصرها جميعًا مرة واحدة، في خضم كل هذا، شدد الخبراء أنه ينبغي أن يكون للبنان الآن الأولوية، بعد أن أصبح للبلاد حكومة جديدة، حيث ستصل الأموال الأجنبية قريبا إلى البلد.
في هذا السياق، قال البنك الدولي قبل أشهر إن لبنان يعاني من أسوأ الأزمات الاقتصادية منذ منتصف القرن التاسع عشر، وذكرت بلومبرج أول أمس أن بلد الأرز، يعاني من أسوأ تضخم في العالم كله، متجاوزًا أزمات فنزويلا و زيمبابوي.
هذا وتضيف منظمة الصحة العالمية، أنه لا توجد منطقة في العالم تعاني من أزمة صحية مثل لبنان، التي شهدت في الأشهر الأخيرة هجرة 40 بالمئة من أطبائه و 30 بالمئة من ممرضي البلاد، حيث لا تستطيع الدولة ضمان استمرار أكثر من ساعتين من الكهرباء في اليوم لكل من المستشفيات والمساكن.
من جانبه، منح مجلس النواب اللبناني ثقته هذا الأسبوع للسلطة التنفيذية، التي اقترحها الملياردير نجيب ميقاتي، وبذلك كسر حصارًا سياسيًا استمر 13 شهرًا، فقدت أثناءه البلاد القدرة على اتخاذ القرارات.
وجدير بالذكر، أنه في أقل من عامين، انتقل خط الفقر من التأثير على ما يزيد قليلا عن 2 بالمئة من السكان إلى أكثر من 75 بالمئة.
وعلى الرغم من أن تشكيل السلطة التنفيذية سيطلق العنان للمساعدات الدولية، التي ستساعد في التخفيف من الأزمة اللبنانية المعقدة، إلا أن هذا لم يطفئ غضب المتظاهرين أو جماعات المعارضة، التي بالكاد تحافظ على شعلة الاحتجاج التي بدأت في أكتوبر / تشرين الأول 2019.
وعلى الرغم من أن السلطة التنفيذية تتكون من العديد من الأفراد ذوي التفكير المستقل، فقد تم اختيار أسمائهم من قبل القادة التقليديين الذين تشبثوا بالسلطة منذ نهاية الحرب الأهلية، مما ترك العديد من المتشككين، في إمكانية اتخاذ إجراءات مناسبة للبلاد، دون خدمة مصالح الطبقة السياسية.
يُذكر أن ميقاتي، رئيس الحكومة ورئيس الوزراء في مناسبتين سابقتين، كان شريكا لشقيقه، الذي يعتبر أغنى رجل في لبنان بعد أن حققت مجموعتهم، M1، ثروة كبيرة في البلدان التي تسيطر عليها الأنظمة الاستبدادية، على غرار ميانمار، وهي تمثل آخر غزو تجاري لهم. بعد الانقلاب، الذي قاده المجلس العسكري في ميانمار، قررت مجموعة Telenor النرويجية، التي كانت مسؤولة عن الاتصالات السلكية واللاسلكية في الإقليم، من الحد من خدمات الهاتف والإنترنت.
في المقابل، اشترت شركة ،M1 الترخيص من Telenor مقابل 105 ملايين دولار فقط. ومؤخرا، أعربت 470 مجموعة مدنية في ميانمار، عن قلقها بشأن استحواذ M1 على الشركة، بدعوى أنها تشكل خطرا على حقوق الإنسان. يخشى النشطاء داخل وخارج البلاد على حد سواء، أن تستسلم الجماعة لضغوط المجلس العسكري وتسمح لهم بالوصول إلى بيانات المستهلك الخاصة، مما قد يؤدي كما ورد في البيان إلى القمع والموت من معارضي النظام.
تصاعد العنف في سوريا
على الرغم من أن الصراع مستمر والقوى العظمى تتقاتل فيها، والمدنيون يعانون من تبعاته، إلا أن الحرب في سوريا أصبحت منسية من قبل الإعلام والأطراف الدولية.
في هذا الخصوص، حذرت لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن سوريا الأسبوع الماضي، من زيادة العنف الذي يعاني منه السكان السوريون، وأوضح باولو بينيرو، رئيس اللجنة، “بعد عقد من الزمان، مازالت أطراف النزاع تواصل ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، منتهكة حقوق الإنسان الأساسية للسوريين”.
في المقابل، استنكرت لجنة الأمم المتحدة، عدم وجود محاولات واضحة للعمل من أجل المصالحة السياسية للبلاد، خاصة مع ارتكاب نظام بشار الأسد، جرائم على غرار، الاعتقالات التعسفية، التي يتبعها في كثير من الأحيان التعذيب والعنف الجنسي وحتى الموت والاختفاء.
كما شددت المفوضية، أن “هذا ليس الوقت المناسب، ليفكر أي شخص أن سوريا دولة مستعدة للترحيب بعودة اللاجئين “.
وبينما يعيش البلد بأكمله تقريبًا تحت خط الفقر، يواصل الأسد وحليفه الأكبر فلاديمير بوتين التآمر، للاستيلاء على أراضي البلاد الخارجة عن سيطرته، التي تمثل 30 بالمئة من إجمالي سوريا تقريبًا. ولأول مرة منذ 2018، استضاف بوتين الأسد في موسكو يوم الاثنين المنقضي.
وفي إشارة واضحة إلى الولايات المتحدة وتركيا، انتقد الرئيس الروسي وجود قوات أجنبية في سوريا لا يرحب بها الأسد، زاعمًا أنها تمثل عقبة أمام حكومة الأسد “الشرعية” لتعزيز جهود تحسين البلاد. وعقب الاجتماع، أعلن بوتين والأسد عن اتفاق “تحرير الأراضي المحتلة”، في إشارة إلى شمال غرب البلاد، التي تسيطر عليها ميليشيات مرتبطة بتركيا، وشمال شرق البلاد، الذي يديره الأكراد.
إحباط انقلاب في السودان
أيقظت عمليات إطلاق النار بعض سكان أم درمان، ثاني أكبر مدينة بالسودان، في الساعات الأولى من صباح يوم الثلاثاء 22 سبتمبر / أيلول، حيث أثار تحرك بعض الدبابات انتشار شائعات حول عملية انقلاب، لكن سرعان ما أوضح بيان رسمي، تم نقله بعد ساعات على التلفزيون الحكومي، أن ما حدث كان محاولة انقلاب فاشلة، أُحبطت من قبل الدولة وأن كل شيء تحت السيطرة الآن.
من جهته، أعلن محمد الفقي سليمان، المتحدث باسم المجلس الانتقالي الذي يحكم البلاد، على موقع فيسبوك، أن الثورة لا تزال منتصرة. وبحسب صحيفة اشراق الإخبارية، حاول المهاجمون أيضًا السيطرة على محطات التلفزيون والإذاعة.
وفقًا للصحافة المحلية، كانت هناك بالفعل أصوات في البلاد، تفيد بأن القوات المقربة من الديكتاتور السابق عمر البشير، ستحاول إخراج ما يسمى بالمجلس الانتقالي الحالي عن مساره. صرح بذلك رئيس الوزراء السوداني، عبد الله حمدوك، الذي ربط ما حدث بـانقلاب دبره مجموعات داخل وخارج الجيش، وهم أشخاص مرتبطين بالنظام السابق، يريدون إجهاض التحول الديمقراطي والمدني .
وذكرت السلطات أنه تم اعتقال 21 شخصًا من كبار المسؤولين العسكريين.
يُذكر أن البلاد مرت بمرحلة انتقالية ضعيفة منذ عام 2019، بعد شهور من التعبئة الشعبية، التي أطاحت بالبشير الدكتاتور، الذي استمر في السلطة لعدة عقود، ثم تولى مجلس من الجيش والمدنيين مسؤولية إدارة البلاد، حتى إجراء الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في نهاية عام 2022.
فلسطين لا تريد أن يكون عباس رئيسا لها
فقد محمود عباس، الزعيم الثمانيني لحركة فتح والسلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية، الدعم من الشارع الفلسطيني، حيث أظهر استطلاع للرأي شمل مواطنين من الضفة الغربية وقطاع غزة، أن 80 بالمئة من الفلسطينيين يرغبون في أن يترك عباس قيادة السلطة الفلسطينية. وتقدر نفس الدراسة التي أجراها المركز الفلسطيني للسياسة واستطلاعات الرأي أن 45 بالمئة من الفلسطينيين يريدون من حماس أن تقودهم، في حين أن 19 بالمئة فقط يريدون أن يبقى عباس في السلطة.
إن وفاة الناشط نزار بنات، الذي يعتبر من أشد ناقدي ومناهضي حركة فتح وعباس في يونيو/حزيران الماضي، كانت سببا في إلحاق الضرر بالرئيس الفلسطيني. ويعتقد 63 بالمئة من الفلسطينيين أن وفاته أثناء الاحتجاز لدى الشرطة، كانت اغتيالا بأوامر من السلطة الفلسطينية وليست خطأ أو تَجاوزا غير مقصود.
في الحقيقة، إن القمع المتزايد الذي تمارسه السلطة الفلسطينية على العديد من النشطاء، الذين تم اعتقالهم في احتجاجات على مقتل بنات، والذين وجهت لهم اتهامات بـ “التجمع غير القانوني” أو “التشهير بالشخصيات العامة”، كان سببا كافيا لنبذ عباس وسياسته. وليس هذا فقط بل أظهر استطلاع للرأي، الدعم الكبير الذي تتمتع به حماس، بعد أن منحها أدائها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة في أيار (مايو) الماضي، في نظر الكثيرين، دور الحامية لفلسطين.
من جانبه، قال خليل الشقاقي، رئيس المركز الذي أجرى الاستطلاع، إن “عباس لم يكن في مثل هذا الوضع السيئ الذي هو عليه اليوم، حيث أنه قبل بضعة أشهر، ألغى بالفعل أول انتخابات منذ 15 عامًا، خوفا من مواجهة الهزيمة الصعبة التي تنبأت بها جميع الأطراف. وعلى الرغم من ذلك، أعلنت السلطة الفلسطينية مؤخرًا الدعوة لإجراء انتخابات بلدية في 11 كانون الأول (ديسمبر) المقبل.
ملاكم مغربي الأصل مناهض للفاشية يهزم خصمه النازي
“لا يمكنني أن أنكر أن هزيمة شخص بهذا الوشم، بمثابة فوز مزدوج.” هذه كانت كلمات حسن نور الدين، الملاكم الإيطالي المولود في المغرب، بعد فوزه ببطولة الملاكمة الإيطالية في فئة وزن الريشة الأحد الماضي ضد ميشيل برويلي، الملاكم، الذي تغزو الوشوم النازية جسده.
في طريقه إلى الحلبة، كان على نور الدين أن يتحمل محبي خصمه الفاشيين، الذين رحبوا به من خلال الأغاني، التي تحمل الكلمات والعبارات النازية بالإضافة إلى التحية الفاشية الشهيرة. وفقًا للصحافة الإيطالية، قام برويلي بنفسه بإلقاء التحية الفاشية على أعضاء فريقه قبل بدء المنافسة.
من جانبه، أخبر نور الدين، الذي وصل إلى إيطاليا وهو في السادسة من عمره ويجمع بين الملاكمة والعمل في أحد المصانع، صحيفة لا ستامبا الإيطالية بعد المنافسة، عن مدى اشمئزازه من رؤية وشُوم الملاكم ميشيل برويلي، التي تمجد النازية.
وفي رسالة وجهها إلى اتحاد الملاكمة الإيطالي، الذي انتُقد بشدة لسماحه للملاكم ميشيل برويلي، بالمشاركة في المسابقة، لفت نور الدين أنه “كان ينبغي على الاتحاد معرفة أن هذا الملاكم لديه ميول أيديولوجية معينة، وأن التحريض على الكراهية، أمر يعاقب عليه القانون”.
وأضاف أنها معتقدات لا مبرر لها، قائلا إنه “يجب أن يعرف الشباب أن هذه الرسائل خطيرة، كما ينبغي أن نذكرهم بأن هذه الرموز أدت في وقت ما إلى إبادة جماعية، لا ينساها التاريخ”.