مع دخول اليوم العاشر للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، شهدت مناطق مختلفة من القطاع موجة جديدة من الغارات الجوية الكثيفة وأحزمة نارية على الأحياء السكنية ما أسفر عن وقوع مزيد من الشهداء والجرحى والدمار.
يواصل العدو الصهيوني عدوانه جوًا وبرًا وبحرًا مرتكبًا مزيدًا من المجازر الوحشية بحق العائلات الفلسطينية، إذ أعلنت وزارة الداخلية في غزة عن سلسلة غارات جوية استهدفت منازل المواطنين، في مناطق متفرقة من قطاع غزة، ودمرتها على رؤوس ساكنيها. وأشارت الوزارة إلى أنّ آخر هذه المجازر كان باستهداف منزل لعائلة “العقاد” وآخر لعائلة “شبير” في خانيونس، ما أسفر عن وقوع عدد كبير من الشهداء والجرحى.
كما استشهد 4 مواطنين بينهم 3 أطفال في حصيلة أولية لاستهداف طائرات الاحتلال منزل عائلة فرج الله في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة. كما دمّرت طائرات الاحتلال منزلًا لعائلة درويش فوق رؤوس ساكنيه في بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة.
وأعلن المكتب الإعلامي الحكومي في غزة عن استشهاد المستشار محمد فهمي النجار عضو مجلس إدارة الهيئة الوطنية لتوثيق وملاحقة جرائم الاحتلال، في مجزرة راح ضحيتها ١٦ من أفراد عائلته، بعد قصف منزله بشكل مباشر. كما شنّت طائرات الاحتلال سلسلة غارات عنيفة على المباني السكنية، في منطقة تل الهوا، وتحديدًا محيط مستشفى القدس جنوب مدينة غزة.
واستشهد خمسة من طواقم الدفاع المدني في غزة، وأصيب عدد آخر، وبعضهم في حال الخطر، إثر قصف طائرات الاحتلال مقر الدفاع المدني في حي التفاح شرق مدينة غزة. كذلك قصفت طائرات الاحتلال منزلًا يعود لعائلة “أبو مصطفى” بحي الأمل غرب خانيونس ما أدى الى سقوط عدد من الشهداء والمصابين.
ورأى المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أنّ قصف الاحتلال لمقرّ الدفاع المدني واستشهاد خمسة من طواقمه وإصابة ثمانية آخرين هو “جريمة حرب جديدة تضاف لجرائم الاحتلال التي تتطلب المساءلة والملاحقة والعقاب”.
وأوضح المكتب الإعلامي الحكومي أنّ الدفاع المدني جهاز مدني يقدّم خدمات الإنقاذ والإطفاء، وقد تعرضت طواقمه أكثر من مرة للاستهداف خلال المهام الميدانية منذ بداية العدوان. وأضاف المكتب: “بدلا من الاستجابة لنداء الإغاثة الذي أطلقه جهاز الدفاع المدني للعالم قبل ساعات، بطلب المعدات وأجهزة الإنقاذ اللازمة لانتشال مئات الشهداء وتسريع مهام إجلاء الجرحى من تحت أنقاض البنايات المدمّرة، قام الاحتلال بقصف مقره، بشكل مباشر، في رسالة تحدٍّ للعالم واستهتار بكل المواثيق التي تكفل حماية طواقم الإنقاذ وتفرض تقديم المساعدة اللازمة لإنجاح مهامهم”.
وأكد المكتب أنّ هذه الجريمة تستدعي ردًا دوليًا عمليًا يتناسب وفداحتها، وتتطلب تدخلًا فوريًا من المنظمات الدولية وفي مقدمتها اللجنة الدولية للحماية المدنية، لحماية طواقم الدفاع المدني وإمدادهم بالمعدات المطلوبة لإنجاح مهامهم في إنقاذ الجرحى وانتشال الشهداء.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة ارتفاع حصيلة الشهداء إلى أكثر من ٢٧٥٠ شهيدًا والمصابين أكثر من ٩٧٠٠ جريح، إضافة إلى ٥٨ شهيدًا وأكثر من ١٢٥٠ جريحًا في الاعتداءات المتواصلة على الضفة الغربية.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الأشغال الفلسطينية في غزة أن حجم الدمار الذي خلّفه العدوان المتواصل على الأحياء السكنية في قطاع غزة، “دمار واسع جدًا وغير مسبوق مقارنة بعدوان 2014”. وقال وكيل الوزارة ناجي سرحان في تصريح: “إنّ 10500 وحدة سكنية دُمّرت بشكل كامل، والأضرار شملت البنية التحتية خصوصًا المياه والصرف الصحي والاتصالات”.
وأضاف: “إن العمل توقف في محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة”، لافتًا إلى أنّ انقطاع الكهرباء أدى إلى توقف العمل في محطة تحلية المياه وفي الآبار، مؤكدًا أن مراكز إيواء النازحين تفتقر إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية.
“حماس”: الاحتلال قتل أكثر من ألف طفل خلال عدوانه المتواصل على غزة
وأكّد الناطق باسم حركة “حماس” حازم قاسم أنّ الاحتلال الإسرائيلي قتل أكثر من ألف طفل، في عدوانه المستمر على قطاع غزة، في سلوك نازي وجريمة حرب مكتملة الأركان ما يستدعي موقفًا واضحًا من المؤسسات الدولية كلّها.
وقال قاسم “إنّ الدول التي تقدّم دعمًا للاحتلال في عدوانه هي شريكة في قتل الأطفال والنساء والمدنيين”، مضيفًا: “على كلّ الدول والكيانات والمؤسسات الدولية أن تنحاز لما تعلنه من قيم ومبادئ، وتعلن استنكارها الواضح لهذا القتل المفتوح والمستمر للأطفال في غزة”.
“ذا إنترسبت”: أميركا شريكة أساسية في معاناة الفلسطينيين
رفض موقع “ذا إنترسبت” الأميركي، تشبيه عملية “طوفان الأقصى”، بأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001، محمّلًا الإدارة الأميركية مسؤولية المشكلات التي تشهدها الشرق الأوسط، بما فيها الاعتداءات الصهيونية المتكررة وصولًا إلى ما يجري اليوم في قطاع غزة.
ونشر الموقع الأميركي تقريرًا حول العدوان الصهيوني المتواصل على الشعب الفلسطيني، في قطاع غزة، رأى فيه أنّ: “أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر هي أشبه بأعمال شغب نفّذت داخل سجن، وليس مثل أحداث الحادي عشر من أيلول”.
وتحدث الموقع عن الحصار الذي فرض على غزة منذ حوالي عقدين من الزمن، وقال إنّ: “إسرائيل” والولايات المتحدة حاولت قطع القطاع وسكانه عن العالم”.
وأضاف الموقع أنّ: “الإعلام الأميركي لم يقدم في الغالب إطارًا وخلفية منذ أن بدأت الأحداث الحالية”. وقال: “إن إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش (الابن) وكما في الكثير من المشكلات التي تشهدها الشرق الأوسط، إنما تتحمّل مسؤولية كبيرة إزاء ما يجري اليوم”.
وتحدث الموقع عن قيام سلطات الاحتلال الصهيوني ببناء الجدران وتوسيع الأنشطة الاستيطانية في الضفة الغربية، بينما فرضت الحصار على غزة. وأردف أنّ: “إدارة بوش الابن وانطلاقًا من حرصها على إرضاء الجناح اليميني المؤيد لـ”إسرائيل” والمتمثل بالمسيحيين الانجيليين، لم يتحرك في ظل هذه الممارسات “الإسرائيلية””، وقال: “إنّ هذه الإدارة كانت تسعى إلى استقطاب أصوات الأميركيين اليهود”.
ولفت الموقع إلى أنّ: “المساعدات الخارجية لغزة استنزفت بينما فرضت الولايات المتحدة العقوبات على السلطة الفلسطينية بسبب وصول حركة “حماس” إلى الحكم”.
وتحدث الموقع عن تجاهل شبه كامل للفلسطينيين منذ حقبة بوش الابن، وذلك تزامنًا مع مساع “إسرائيلية” للتخلي عن فكرة إقامة “الدولة الفلسطينية”. وأوضح أن عدم تحرك الولايات المتحدة بوجه جنوح “إسرائيل” نحو اليمين يعود إلى صعود اليمين المسيحي الإنجيلي في السياسة الأميركية. مشيرًا إلى أنّ الانجيليين باتوا يشكّلون قوة بارزة داخل الحزب الجمهوري عندما جاء بوش الابن إلى الحكم، لدرجة أنهم غيّروا الحسابات الأميركية السياسية الداخلية حيال “إسرائيل””.
كما أوضح أنّ الإنجيليين يعتقدون أنّ الإنجيل يُلزمهم بدعم “إسرائيل”، وأن إقامة “دولة “إسرائيل” العام ١٩٤٨ هي تحقيق نبوءة الانجيل عن “إعادة تجمع اليهود”. كذلك أضاف أنّ: “الإنجيليين يعتقدون أن اليهود سيواصلون حكم “إسرائيل” حتى “عودة المسيح”، ما يستوجب بقاء “إسرائيل” حتى حدوث “نشوة الطرب” التي ستحصل بعد ظهور المسيح، وفقًا لمعتقد هذه الفئة.
وتابع الموقع أنّ: “موقف المسيحيين الإنجيليين الداعم بقوة لـ”إسرائيل” دفع بالجمهوريين إلى السعي لكسب أصوات الأميركيين اليهود، الأمر الذي أثار قلق الديمقراطيين الذين يخشون من جهتهم انشقاق اليهود عن الحزب الديمقراطي الذي هو تقليديًا الحزب الذي ينتمون إليه”.
وقال الموقع :”إنّ الديمقراطيين يرفضون – كما الجمهوريون- الوقوف بوجه الحكومات “الإسرائيلية” اليمينية أو إعادة إحياء المفاوضات الجادة حول “الدولة الفلسطينية””، مضيفًا أنّ: “الأصوات القليلة في الحزب الديمقراطي المحسوبة على الجناح التقدمي، والتي تنقد “إسرائيل”، يُسكتها زملاؤهم الديمقراطيون وأيضًا الجمهوريون”.
وعليه، خلص الموقع إلى أنّه: “لا وجود لأصوات قوية داخل الولايات المتحدة تحذّر من مستنقع دموي آخر في الشرق الأوسط”، متوقعًا أن تستطيع “إسرائيل” التحرك بضوء أخضر أميركي شبه مطلق خلال الأسابيع القادمة.
“فورين بوليسي”: “طوفان الأقصى” نتاج لما يعانيه الفلسطينيون منذ عقود
من جهته أكّد الخبير الأميركي، في الشؤون السياسية، إيان لوستيك أنّ عملية “طوفان الأقصى” جاءت نتاجًا طبيعيًا لما يعانيه الفلسطينيون منذ عقود، مشيرًا بذلك إلى السياسة الصهيونية الظالمة بحق الشعب الفلسطيني في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي مقالة له، نُشرت بمجلة “فورين بوليسي”، تحدّث لوستيك فيها عن ردود فعل أميركية “عاطفية” على عملية طوفان الأقصى، مشددًا على أنّ ردود الفعل هذه لن تمنع حدوث المزيد من العنف والمطلوب هو “تفكيك السجن” في قطاع غزة.
وتحدّث الكاتب عن ضرورة تحديد مسبّبات ما حدث ومعالجتها، مضيفًا أنّ: “الموضوع يعود إلى حال البؤس وسجن سكان القطاع”. وأضاف أنّ: “المسألة لا تتعلق بما إذا كان على الجيش الصهيوني أن يدخل بمواجهة مباشرة مع الدول العربية الخصمة أم يعتمد على مناطق منزوعة السلاح، مؤكدًا أنّ التحدّي هو قدرة “إسرائيل” على العيش “حياة طبيعية بحماية الجدران وسط حال من الترهيب”.
وشدّد الكاتب على ضرورة تغيير الإطار المرجعي إذا ما كان المراد معرفة أسباب ما حدث. كما قال: “إنّ عملية طوفان الأقصى ليست ناتجة عن “شر فلسطيني أو إسلامي”، بل إنها ناتجة عمّا يعانيه سكان قطاع غزة على مدار عقود”.
كذلك شدّد في الوقت نفسه على أنّ الحدث لا يمكن تفسيره على أنه ناتج عن فشل وإهمال الحكومة “الإسرائيلية” وجهازها الأمني، وهنا أكّد أنّ أي نظام مصمّم من أجل احتواء الضغوط المتراكمة سيفشل مع مرور الوقت. وأشار الكاتب إلى العام ١٩٤٨، مؤكدًا أنّ مقاربة الموضوع من الزاوية التاريخية هذه تقدم رواية مختلفة بشكل أنّ حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” لم تبدأا الحرب؛ بل نفذتا أعمال “شغب” من داخل السجن، وفقًا لقوله.
ولفت لوستيك إلى أنّ منطقة “غلاف غزة” كان يوجد فيها عشرات المناطق والقرى الفلسطينية العربية قبل “إعلان قيام “إسرائيل”، في العام 1948، كما لفت إلى أنّ كبرى هذه المناطق كانت مدينة المجدل التي تعرف اليوم بــــ”مدينة عسقلان اليهودية”.
كذلك ذكر أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة صوتت، في أواخر العام 1947، لمصلحة تقسيم فلسطين إلى دولة يهودية وأخرى فلسطينية، وأنّه وبحسب هذا القرار، كان من المفترض أن تكون غزة والمناطق المحيطة ضمن “الدولة العربية”، وكذلك صحراء النقب، إلّا أنّ الأمم المتحدة لم تقدم المال والقوات أو المساعدة الإدارية من أجل تنفيذ هذا القرار، مذكّرًا أن بريطانيا سحبت قواتها بينما اندلعت “حرب أهلية” بين اليهود والعرب.
وتابع الكاتب؛ أنّ النتيجة كانت المعارك بين “إسرائيل” ودول عربية، بالإضافة إلى حملات “إسرائيلية” ممنهجة من أجل طرد العرب من المناطق التي كان من المفترض أن تشكّل “الدولة العربية”. كما أشار في السّياق نفسه إلى تشريد 750000 فلسطيني، وإلى أن 200000من هؤلاء وجدوا ملاذًا في ما بات يعرف اليوم بقطاع غزة.
ورأى الكاتب أنّ رفض سلطات الاحتلال الصهيوني السماح للفارين أو المطرودين من منازلهم بالعودة، وتدميرها، إنما جعل من هؤلاء المشردين لاجئين. وأضاف أنّ :”السكان اللاجئين حلّوا مكان السكان الأصليين في غزة، حيث كانوا تحت حكم مصر من العام 1949 حتى 1956، ومن ثم تحت حكم “إسرائيل” من العام 1956 حتى 1957، قبل أن يعود الحكم المصري من العام 1957 حتى 1967، بينما يعيش سكان القطاع تحت حكم “إسرائيل” منذ العام 1967 حتى اليوم.