أسعد أبو خليل
نحن أمام غضبة شيعيّة تتنامى، ولو لم يتمّ علاجها فإنّ انفجارها سيكون حتميّاً. لماذا نتحدّث عن انفجار سياسي في سياق طائفي؟
لأنّ لبنان بلد طائفيّ، ولأنّ تحقير الشيعة من قِبل تيّارات سياسيّة (انعزاليّة طائفيّة في غالبها بالإضافة إلى أتباع السعودية والإمارات من الطرَف المدني اللّبناني) يجري بصورة تنميط طائفي بغيض («لا يشبهوننا»، «ليسوا مثلنا»، أو اختصار الشيعة-كلّ الشيعة-باللّطم وبزواج المتعة، وكلّ ما يمتّ بصِلة للطقوس والعادات والمسموحات) فإنّ ردّة الفعل لا بدّ أن تكون طائفيّة شيعيّة. هناك استفزاز مستمرّ.
والمطالبة بنزْع السلاح تستهدف كلّ الشيعة؛ لأنّ المُراد ترْكهم عزّلاً من السلاح كي يستفرد بهم الإرهابي الإسرائيلي والسلفي الجهادي المُتربّص على الحدود. لو أنّ الحزب تخلّى عن سلاحه، فإنّ إسرائيل ستجتاح لبنان وستطلب من اليونيفيل والجيش اللّبناني أن يدلّاها على منازل وأماكن مَن تريد من الشيعة فقط، والقلّة الذين أيّدوا المقاومة من خارج الطائفة. لبنان سيكون مستباحاً بالكامل.
إنّ شعار «نزع سلاح الحزب» (الذي-يا للعجب العجاب-ردّدَه وزير الحزب، محمد حيدر، قبل يومَين) يعني أن تحقّق إسرائيل في لبنان ما عجزت عن تحقيقه في الحرب الشاملة التي شنّتها على لبنان. والتقييد والمضايقة التي يتعرّض لها الزوار من العراق ومنْع الطيران المدني الإيراني (بأمر من إسرائيل فقط في عصْر انطلاق قطار الإصلاح من قِبل الحُكم الجديد الذي يريد الاستفادة من «الفرصة»-عن أيّ فرصة يتحدّث هؤلاء-؟
الفرصة الإسرائيليّة مثل كلام بشير الجميّل عن اجتياح ١٩٨٢ قبل حدوثه؟) يستهدف الشيعة كشيعة، ولو أنّ هذه الإجراءات تتعرّض لليهود اللّبنانيّين كيهود، كان الإعلام السعودي والإماراتي (عبر كلّ فريق الإعلاميّين والفنانين والمثقّفين اللّبنانيّين التغييريّين) قد ثارَ واحتجَّ وطالبَ الناتو («المجتمع الدولي») بتطبيق الفصل السابع. الذي جرى على طريق المطار قبل أشهر لم يكن مخطَّطاً من قِبل الحزب، بل الحزب هو الذي أوقفه ومنع انتشاره.
في ١٩٨٢، انفصل شيعة عن تنظيماتهم كي يؤسّسوا لحالة جديدة. ولو أنّ الحزب لم يُحسن التعامل مع غضبة الجمهور، فإنّ الجمهور سيتجاوزه تطرّفاً.