على رغم إعلان حيدر العبادي، مسبقاً، أن حكومته بصدد إبرام صفقةٍ مع «سيمنس» لإعادة تأهيل الشبكة الكهربائية في العراق، رجّحت «فايننشال تايمز» مشاركة «جنرال إلكتريك» الشركة الألمانية بالعقد البالغة قيمته 15 مليار دولار، إثر الضغوط الأميركية على حكومة العبادي، وهو ما تنفيه مصادر الأخيرة «جملةً وتفصيلاً»
وفيما التزمت الحكومة العراقية بالصمت إزاء تقرير الصحيفة البريطانية، والذي أثار جدلاً واسعاً على شبكات التواصل الاجتماعي، رافضةً التعليق عليه، نفت مصادر حكومية مطّلعة أي حديثٍ عن ضغوط أو تدخل أميركي في هذا الصدد، مشيرةً في حديثها إلى «الأخبار»، إلى أنّه «من مصلحة العراق تعدّد الشركات العاملة فيه، لأنّه سوقٌ كبيرة، ومن الممكن أن تعمل فيه شركاتٌ متعدّدة». وأضافت المصادر أن «التعاقد مع الشركة الألمانية أسهل من غيرها، لأن الحكومة الألمانية تشجّع البنوك لضمان الشركات العاملة»، أما «البنوك الأميركية فلا تموّل مشاريع في العراق، أما جنرال إلكتريك فقد تمكّنت أخيراً من توفير قروضٍ لمشاريعها في البلاد»، لافتةً إلى أن «رئيس الوزراء أوقف التوقيع مع الشركة الأميركية نتيجة استعجال الوزارة، إذ طلب من وزير الكهرباء أن تعرض على الدائرة القانونية أوّلاً، ومن ثم تعاد إليه حتى يوقعها».
ستقدّم «سيمنس» منحة برمجيات بقيمة 60 مليون دولار أميركي
بدورها، أعلنت «سيمنس» أمس، عن توفيرها «آلاف فرص التعليم أمام الشباب في العراق، وإضافة الطاقة الإنتاجية للشبكة الكهربائية 11 ألف ميغاواط خلال السنوات الأربع المقبلة». وقال الرئيس التنفيذي للشركة جو كايسر، إنّ «سيمنس تخطّط لإضافة 11 ألف ميغاواط من الطاقة الجديدة لشبكة الكهرباء العراقية على مدار 4 سنوات»، مبيّناً أن «المشروع سيوفّر طاقة مستدامة يعتمد عليها حوالى 23 مليون مواطن عراقي، وسيزيد من معدلات نقل وتوزيع الكهرباء في البلاد بصورةٍ ملحوظة، خصوصاً في المناطق الجنوبية». وأضاف أن «خبراء سيمنس قاموا بإجراء تحليل دقيق ومتكامل لمنظومة الطاقة العراقية، وتوصّلوا إلى أنّه مع زيادة الطلب على الكهرباء بصورة مطردة كل عام، يحتاج العراق لزيادة قدراته في توليد الطاقة بمعدل 40 غيغاوات حتى عام 2025»، لافتاً إلى أن الشركة «تدرك تماماً الضغوط الهائلة التي تتعرض لها شبكة الكهرباء الوطنية في العراق حالياً، خصوصاً خلال فصل الصيف». ولفت كايسر، في بيانه المطوّل، إلى أن «سيمنس» (ومن باب تحفيز العراق حكومةً وشعباً) «ستقدّم منحة برمجيات بقيمة 60 مليون دولار لتمكين طلاب الجامعات العراقية على اكتساب المهارات الرقمية المتطورة»، على أن يتمكن هؤلاء ـــ ومن خلال المنحة ــــ من التعامل مباشرةً مع برنامج «سيمنس لإدارة دورة حياة المنتج (PLM) والتدريب العملي عليها».
معركة الفوز بالعقد ليست وليدة الأمس، خصوصاً أن موقف بغداد لم يُحسم بعد، وهو مرهونٌ بتشكيل الحكومة الاتحادية التي كُلّف بتأليفها عادل عبدالمهدي. السباق الألماني ــــ الأميركي على إعادة تأهيل كهرباء «بلاد الرافدين»، انطلق مطلع العام الحالي، حيث التقى رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي بكايسر أكثر من مرّة، وفي أكثر من بلد، كان آخرها في أيلول الماضي، في العاصمة بغداد، وبحضور وزير الشؤون الاقتصادية الألماني توماس بارايس، وبـ«مباركة» المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، التي اتصلت بالعبادي، وأيّدت إبرام الصفقة.
اقتراب «سيمنس» من توقيع العقد، لم يمكن مستساغاً لدى «جنرال إلكتريك»، ومن خلفها إدارة ترامب؛ فجاء إعلان الناطق باسم الشركة الأميركية لوكالة «فرانس برس» في أيلول/ سبتمبر الماضي، عن عرضٍ قدّمته لحكومة العبادي «يشمل صيانة وتحسين محطات الطاقة الموجودة، وإضافة قدرات جديدة لإنتاج الطاقة، وتعزيز شبكات النقل والتوزيع للاستجابة للحاجات المتنامية إلى الطاقة في العراق»، مشيراً إلى أن المجموعة توظّف حالياً حوالى 300 شخص في البلاد.