هدوءٌ نسبي حذر يلفُّ مفاوضات كتلتي «البناء» و«الإصلاح» لإتمام الحقائب الشاغرة. السؤال المطروح حالياً: هل سيتخلى «الفتح» عن ترشيح فالح الفيّاض إن لزم الأمر، حتى يُتمَّ عادل عبد المهدي حكومته، في ظل عنادٍ صلب يبديه مقتدى الصدر وحلفاءه إزاء ترشيح الفياضبغداد | مجدّداً، يخيّم هدوءٌ نسبي على المشهد السياسي العراقي. ائتلافا «البناء» و«الإصلاح» غارقان في نقاشات داخلية قد تُثمر «تقارباً» خلال الأيام المقبلة، إزاء نقاطهم الخلافية، والمتعلّقة بالحقائب الثماني الشاغرة. مصادر «الفتح» تؤكّد لـ«الأخبار»، أن النقاشات مع الكتل الأخرى منطلقها «التمسّك بالفيّاض» ــــ حتى الآن ــــ وهو أمرٌ قابلٌ للتعديل في الساعات المقبلة. في المقابل، تلفت مصادر «الإصلاح» إلى أن زعيم «التيّار الصدري» مقتدى الصدر، متمسّكٌ بضرورة إسناد وزارتي الداخلية والدفاع إلى «شخصيّات مستقلّةٍ كفوءة»، مشيرةً إلى أن كتلة «سائرون» وحلفاءها في الكتل الأخرى، على استعدادٍ لكسر نصاب الجلسة المقبلة (الثلاثاء 18 كانون الأوّل الجاري) «حتى لا يُمرّر الفيّاض»؛ وبناءً عليه فإن «البناء» في طور إعداد «خطّةٍ بديلة» بهدف استيعاب الصدر مرّةً أخرى، وإتمام التشكيلة الوزارية، حتى لو كان ذلك ثمنه «التضحية بالفيّاض».
موقف رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، أمس، خلال مؤتمره الصحافي الأسبوعي كان صريحاً جدّاً: «موضوع استكمال التشكيلة الوزارية رهن اتفاق الكتل السياسية على تسمية المرشحين»، محدّداً أنّه «في مسألة حقيبتي الداخلية والدفاع، فإنّه خيار الكتل، وليس رئيس الوزراء». أعاد عبد المهدي الكرة إلى ملعب الكتل، غير أنّه ردّ على زعيم «الفتح» هادي العامري، في مقابلةٍ سابقة قبل أيام، عندما قال إنّ «الفتح لم يرشح الفيّاض، على اعتبار أنّه مرشح عبد المهدي». هذا الأخذ والردّ، تفسّره مصادر متابعة بأن «الفتح» بات محرجاً من دعم الفيّاض، وأنّه لم يعد ممكناً تأجيل إتمام «الكابينة» أكثر من ذلك، لذا «يجب علينا التنازل أمام عناد الإصلاح، وتحديداً الصدر». وفي السياق عينه، ثمّة ما يؤكّد أن الفيّاض قد استشعر «خذلان» بعض حلفائه، وإمكانية تخليهم عن دعم ترشيحه بحجة «تحقيق التوافق الوطني، ونزع القضايا الخلافية»، لأن تحالف العامري ــــ الصدر هو «المسيّر» الحقيقي لحكومة عبد المهدي، و«حتى نحافظ على هذا المسار/ الانسجام علينا مراعاة السيد (مقتدى)، وإن أدى ذلك إلى التخلّي عن بعض حلفائنا». حقيقةٌ بات الفيّاض مدركاً لها، وقد عبّر أمام عددٍ من مقربيه أن «هذا الاستحقاق سيكشف مَن الحليف الفعلي ومَن لا».
وإن كان موقف «الفتح» ضبابيّاً بعض الشيء إزاء دعم الفيّاض، خصوصاً أن وجهات نظر مكوّناته إزاء هذا الموضوع بلغت حد «التضارب»، فإن الموقف عينه مسحوبٌ على «البناء» أيضاً، وتحديداً في ما يتعلّق بموقف «دولة القانون» بشكلٍ خاص و«الدعوة» بشكلٍ عام. أحد المتضررين الرئيسيين من حكومة عبد المهدي، هو «الدعوة»، وفق ما تقوله مصادر مطلعة. الحزب، بزعيمه نوري المالكي، يعبّر عكس ذلك، لكن حديث الأروقة منافٍ له. تنقل المصادر أن «الدعوة» بجناحيه (المالكي، وحيدر العبادي) مجمعٌ على ضرورة إفشال حكومة عبد المهدي. ثمّة من اعتبر في تصريح المالكي، الأسبوع الماضي، استفزازاً للصدر، واتهامه إيّاه بأنّه «يريد إسقاط العملية السياسية». أحد أسباب كسر نصاب جلسة الأحد الماضي كان هذا التصريح. الأمر يكمن في تفسيرٍ للمصادر المتابعة، التي ترى في تصريح المالكي ضرباً لعبد المهدي والفيّاض على حدٍّ سواء، لأن «الدعوة» لا يريد نجاحاً لعبد المهدي ولا تريد «صعود» نجم الفيّاض مجدّداً، لأن الرجل قد يُعاد طرحه لرئاسة الوزراء في الدورة المقبلة.