الرياضة

ما هي أسباب خسارة المنتخب الإسباني أمام إنكلترا؟

بعد خسارة المنتخب الإسباني يوم الاثنين أمام المنتخب الإنكليزي بنتيجة 3-2 ضمن الجولة الثالثة من بطولة «دوري الأمم الأوروبية»، لا بدّ من الوقوف حول أسباب هذه الخسارة، على الرغم من أنّ الفوارق الفنيّة كبيرة بين المنتخبين، وأن المباراة لُعبت على الأراضي الإسبانية. تلقّى المنتخب الإسباني خسارته الأولى في هذه البطولة، بعد أن كان قد حقق الانتصار في المباراتين السابقتين أمام كلٍّ من إنكلترا نفسها بنتيجة 2-1 على ملعب ويمبلي، وأمام المنتخب الكرواتي بنتيجة كبيرة وصلت إلى ستة أهداف من دون ردٍّ في مدينة إلتشي في إسبانيا.

غياب إيسكو

يعتبر صانع ألعاب نادي ريال مدريد الإسباني فرانشيسكو إيسكو، وبرأي الكثيرين أفضل لاعب إسباني في الوقت الرّاهن. لاعب يمتلك مهارات فرديّة عالية، كما أنّه أحد الأحجار الأساسيّة التي لم تغِب عن المنتخب الإسباني في المباريات الأخيرة التي خاضها المنتخب. يشغل «الماجيكو» كما يلقّب مركز الجناح الأيسر مع منتخب بلاده، عكس دوره في «الميرينغي» والذي يكون غالباً خلف المهاجمين. غاب إيسكو بسبب الإصابة، ما دفع بالمدرب لويس انريكي لإشراك ماركو أسنسيو بديلاً له في هذا المركز. أسنسيو، يفضّل الجهة اليمنى، حيث قدّم أداءً مميّزاً في المباراة السابقة أمام كرواتيا، فمشاركته في مركز الجناح الأيسر، حدّت كثيراً من إمكانيات إحدى أبرز المواهب في الكرة الأوروبية حالياً. وفي هذا الصدد أيضاً، شارك لاعب سيلتا فيغو اياغو اسباس، اللاعب الذي لم يشارك كثيراً مع المنتخب الإسباني، ما أدّى إلى تراجع نسبة التفاهم بينه وبين الثنائي أسنسيو ورودريغو مورينو رأس الحربة الذي لم يقدم أداءً جيّداً.

المداورة وتغيير الأسماء

كما عهده الجميع عندما كان المدير الفني لنادي برشلونة، لم يغيّر مدرب المنتخب الإسباني الحالي لويس انريكه من هوايته المفضّلة. تغيير التشكيلات من مباراة إلى أخرى، يتميّز انريكه بهذا الأمر. ففي مباراة المنتخب الإسباني أمام كرواتيا، كان لاعب ريال مدريد داني سيبايوس أساسياً، وقدّم أداء مميزاً وساهم في تحقيق الانتصار الكبير أمام لوكا مودريتش وزملائه. في مباراة الاثنين، أجلس انريكه سيبايوس على مقاعد الدبلاء، ودفع بتياغو ألكنتارا، لاعب بايرن ميونيخ الألماني. المشكلة ليست في تياغو، بل في تغيير لاعب يقدّم المطلوب من دون أن تُذكر الأسباب. وكما حال سيبايوس، أقحم لويس انريكه كلّاً من الظهيرين الأيمن والأيسر، ماركوس ألونسو لاعب تشلسي الإنكليزي، وجوني لاعب واتفورد، ليكونا بديلين لكل من أودريوزولا لاعب ريال مدريد، وخوسي غايا لاعب فالنسيا. المداورة أمر لا بدّ من اللجوء إليه بين فترة وأخرى، إلّا أن المداورة في المباريات المهمّة دائماً ما تعطي نتائج سلبية نظراً إلى اختلاف الأسماء بين المباريات.

تراجع أداء بوسكيتس

في مباراة كرواتيا، كان إلى جانب سيرجيو بوسكيتس، كل من ساوول لاعب أتليتيكو مدريد، وداني سيبايوس لاعب ريال مدريد، بالإضافة إلى عودة ايسكو في كثير من المناسبات لبناء الهجمة من الخلف. بوسكيتس، وتحديداً في المباراة أمام إنكلترا، لم يقدّم دور لاعب الارتكاز، الذي يسدّ ثغرات قلبي الدفاع في حالة الهجمات المرتدة، بل إنّه بالغ في التقدّم هجومياً. وهذا ما لوحظ بشكل واضح مع كل هجمة مرتدّة يقودها الإنكليز باتجاه مرمى ديفيد دي خيا. كما أن غياب السرعة عن لاعب خط الوسط أثّر على المنتخب.

المشاكل الدفاعية

عانى المنتخب الإسباني في المباراة أمام إنكلترا من تراجع كبير في الأداء الدفاعي، فإلى جانب تراجع أداء بوسكيتس وبطئه في العودة ومساندة خط الدفاع، ظهر ضعف كبير في قلب الدفاع المتمثّل بقائد المنتخب سيرجيو راموس وزميله في ريال مدريد ناتشو فيرنانديز. سوء في التغطية، مبالغة في التقدّم وفي المشاركة في صناعة اللعب ونزعة هجومية واضحة من سيرجيو راموس، إضافة إلى الأداء «الكارثي» للاعب واتفورد جوني كاسترو، خاصّة من ناحية العودة السريعة في الهجمات المرتدة. هذا الأمر ظهر بشكل واضح في كرة الهدف الثاني للإنكليز والذي وقّعه ماركوس راشفورد. لا يمكن إنكار بأن المنتخب حالياً، يفتقد للاعب كداني كارفخال، الظهير الأيمن المصاب، والذي يعتبر من بين أفضل الأظهرة في العالم لناحية التوازن ما بين الدورين الدفاعي والهجومي.

عدم إشراك اللاعبين المتألقي

نقطة أخرى يمكن التطرّق لها، فمع غياب ايسكو، ومشاركة ماركو أسنسيو كبديل في مركز الجناح الأيسر، أصبح مركز أسنسيو الأساسي (مركز الجناح الأيمن) فارغاً، وبحسب مراقبين كان يجب على المدرّب أن يُشرك لاعباً آخر ليسدّ هذه الثغرة. كان اياغو اسباس لاعب سيلتا فيغو، هو الخيار الأول بالنسبة إلى لمدرب لويس انريكه، خيار من الناحية التكتيكية ربّما صائب، نظراً إلى مشاركة أسباس في أكثر من مناسبة كبديل مع المنتخب، إلّا أن انريكه، يمتلك على مقاعد البدلاء، لاعباً يتصدّر في الوقت الحالي ترتيب صناعة الأهداف في الدوريات الخمسة الكبرى بست تمريرات حاسمة، سوسو لاعب ميلان الإيطالي. الأخير، شارك في المباراة الودّية الأخيرة أمام ويلز، وقام بصناعة هدفين، بالإضافة إلى انطلاقة الموسم المميزة التي يعيشها سوسو.

كرة بيكفورد

بعد أن تقدّم المنتخب الإنكليزي بثلاثيّة نظيفة في الشوط الأول، تمكّن المنتخب الإسباني وبقيادة المتألق أخيراً باكو ألكاسير الذي دخل بديلاً لأسباس من تقليص الفارق في الدقيقة 58. اشتعل الملعب، وبدأ الجمهور يؤمن بعودة إسبانية نظراً إلى الضغط الكبير الذي شكّله منتخب «لاروخا» على حارس المرمى الإنكليزي بيكفورد. الأخير، ومع حلول الدقيقة 63، ارتكب خطأً فادحاً عبر محاولته مراوغة مهاجم المنتخب الإسباني رودريغو، الذي تمكّن من افتكاك الكرة منه، واتجّه نحو المرمى لتسجيل الهدف، إلّا أن بيكفورد تمكّن وبطريقة «مثيرة للجدل» من أن يسحب رودريغو من قميصه ويمنعه من الوصول إلى المرمى ومن ثمّ استخلاص الكرة برجله لتخرج من أرض الملعب. هي ركلة جزاء واضحة، لم يحتسبها حكم المباراة البولندي زيمون ماركينياك، والتي كانت بكل تأكيد ستغيّر مجرى المباراة. طبعاً هذا لا يعني بأن إسبانيا لا تعاني من مشاكل كثيرة، ولكن كان من الممكن أن يقترب المنتخب الإسباني من العودة، أو أن يقلب النتيجة لصالحه.