يبدو أن الولايات المتحدة باتت أقرب إلى القيام بتدخل عسكري في فنزويلا، في ظلّ مراوحة الأزمة مكانها، وعدم تمكّن خوان غوايدو من إحراز تقدم يُذكر في الداخل. وفيما باتت التصريحات الأميركية عن إمكانية القيام بهذا التدخّل شبه يومية، فقد توّجها دونالد ترامب، أمس، بتهديده بإرسال قوات إلى البلد اليساري
وأعلن ترامب، أمس، أن إرسال قوات إلى فنزويلا هو «أحد الخيارات» المطروحة، مشيراً إلى أنه رفض طلباً من الرئيس مادورو للقائه. وقال في مقابلة مع شبكة «سي بي أس»: «من دون شك، هذا أحد الخيارات»، مضيفاً أن مادورو طلب لقاءه قبل أشهر عدة، لكنه رفض طلب الزعيم الفنزويلي. وفي مقتطفات بثتها الشبكة، قال ترامب: «لقد طلب لقائي وأنا رفضت ذلك. نحن على مسافة بعيدة جداً في هذه العملية». وأضاف: «وبالتالي، فإن هذه العملية تتطور، وهناك احتجاجات كبيرة وواسعة للغاية».
وفيما تتوقع فنزويلا أسوأ الاحتمالات، أعلن سفيرها لدى مكتب الأمم المتحدة، جورج فاليرو، أن التدخل العسكري الأميركي «باتت مسألة وقت»، مؤكداً أن «ملايين الفنزويليين مستعدون لمقاومة طويلة الأمد». وفي تصريح لوكالة «الأناضول»، قال إنه «من المحتمل أن تواجه الولايات المتحدة الأميركية المصير الذي واجهته في فيتنام، مشيراً إلى أن «الفنزويليين مستعدون لاستخدام كافة أنواع الأسلحة لصد الحملة الأميركية». وأضاف أن الولايات المتحدة تقوم بكافة الاستعدادات العسكرية للقيام بحملة ضد فنزويلا.
وتأتي هذه التطوّرات في وقت ردّ فيه مادورو، أول من أمس، على ضغوط المعارضة والغرب باقتراحه مرة جديدة إجراء انتخابات تشريعية مبكرة لتغيير البرلمان الذي تهيمن عليه المعارضة، وسط الآلاف من أنصاره المجتمعين في كاراكاس. وكانت ألمانيا وإسبانيا وفرنسا وهولندا والبرتغال وبريطانيا أمهلت مادورو ثمانية أيام للدعوة إلى انتخابات رئاسية جديدة. وفي حين انتهت أمس المهلة التي حدّدتها، وصفت باريس عرض مادورو بـ«المهزلة». وقالت الوزيرة الفرنسية للشؤون الأوروبية، ناتالي لوازو، إن «المهلة تنتهي هذا المساء (أمس). وإذا لم يعلن مادورو، في هذه الأثناء، إجراء انتخابات رئاسية جديدة، سنعتبر غوايدو رئيساً شرعياً قادراً على تنظيم الانتخابات، وسنعتبره أيضاً رئيساً بالوكالة إلى حين عقد انتخابات شرعية». وأضافت أن «ردّ مادورو حتى الآن» بأنه سينظم انتخابات تشريعية، وأنه «سيتخلص» من غوايدو «المدعوم من المحتجين» هو «مهزلة، مهزلة تراجيدية».
نيكولاس مادورو: لم نكن ولن نصبح بلداً متسولاً
في غضون ذلك، أعلن المستشار النمسوي، سيباستيان كورتز، أن فيينا مستعدة للاعتراف بزعيم المعارضة الفنزويلية رئيساً بالوكالة، في حال لم يدعُ الرئيس مادورو إلى إجراء انتخابات استجابة لطلب دول الاتحاد الأوروبي. أما وزيرة الخارجية الأوروبية فيديريكا موغيريني، ورئيس الأوروغواي تاباريه فاسكيز، فقد أعلنا أن أول لقاء لمجموعة الاتصال الدولية التي شكّلها الاتحاد الأوروبي لدعم تنظيم انتخابات رئاسية جديدة في فنزويلا، سيُعقد في 7 شباط/ فبراير في مونتيفيديو. وأعاد المسؤولان التذكير بأن مجموعة الاتصال «تسعى إلى المساهمة في إيجاد الظروف اللازمة للتوصل إلى عملية سياسة سلمية تسمح للفنزويليين بتحديد مستقبلهم، عبر انتخابات حرة شفافة وذات صدقية».
في هذه الأثناء، يواصل غوايدو مساعيه للاستحواذ على السلطة، مُستغلّاً الدعم الأميركي والأوروبي. فقد أعلن من منصة أمام مقر بعثة الاتحاد الأوروبي في كراكاس أن شباط/ فبراير سيكون «حاسماً» لطرد مادورو من السلطة. وقال: «سنواصل التحرك في الشوارع إلى أن نصبح أحراراً، إلى أن ينتهي اغتصاب» السلطة. ودعا غوايدو أنصاره إلى مواصلة الضغوط في تظاهرة جديدة في «يوم الشباب في فنزويلا» في 12 شباط/ فبراير، كما أعلن عن تعبئة أخرى لتوزيع المساعدات في الأيام المقبلة، من دون مزيد من التفاصيل.
إلا أن مادورو ردّ بالقول: «لم نكن ولن نصبح بلداً متسولاً». وأضاف: «هناك بعض الذين يشعرون أنهم متسولون من الإمبريالية، ويبيعون وطنهم بعشرين مليون دولار»، ملمّحاً بذلك إلى قيمة المساعدة الإنسانية التي وعدت بها واشنطن غوايدو، والتي لا يمكن نقلها من دون موافقة الجيش والسلطات، وأيضاً إلى الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، الذي أعلن عبر موقع «تويتر»، فتح بلاده ثلاثة مراكز لجمع المساعدات الإنسانية، بما فيها أغذية وأدوية، لفنزويلا. ولمواجهة ما وصفه بأنه «خطة مروعة» للولايات المتحدة، أعلن مادورو أمام مناصريه عن زيادة عدد الجنود، داعياً وحدات الدفاع الشعبي التي تتألف من مدنيين إلى الانضمام إلى الجيش. ويشكّل الجيش دعامة لنظام مادورو، وحتى الآن لم يتخلَّ عنه سوى ملحق عسكري في واشنطن وجنرال آخر في سلاح الجو أعلنا تأييدهما لغوايدو، فيما أعلن سفير فنزويلا لدى العراق جوناثان فيلاسكو تأييده للمعارضة.
فنزويلا… أن تقول لا في وجه «الإمبراطورية»
لندن | تتّسم الصورة عن الصراع الأميركي ــــ الفنزويلي، الذي أخذ طوراً جديداً هذا الشهر بتنصيب السلطات الأميركية منتحل صفة غير منتخب رئيساً للبلاد، بتشويه كثير ومتعمّد للحقائق، وتلاعب بالوقائع لم تَسْلم منه التيارات اليسارية الغربية من الولايات المتحدة إلى أوروبا فالشرق الأوسط. شعوب الجنوب الفقير جميعها ستخسر كثيراً بانطفاء شعلة الثورة البوليفارية، على رغم كل عيوبها، وستغلق بوابة أمل لنهوض مشروع تضامن بينها لا يمرّ في المركز الشمالي الغني.
لا يحتاج الفنزويليون تحديداً إلى أن يتلقوا نصائح من الإمبرياليين العريقين في الولايات المتحدة وأوروبا في شأن الديمقراطية وإجراء الانتخابات، ولا أن يُعيَّن لهم برجوازي فاسد رئيساً بفرمان إمبراطوري من البيت الأبيض بدلاً من رئيسهم الشرعي المنتخب. وهو أمر يعلمه هؤلاء الأسياد السابقون تماماً، ويعرفون أن الشعب الفنزويلي، قبل قيادته، لن يأخذ هذا الهراء على محمل الجدّ، لكنهم مع ذلك يستمرون في ترديد النصائح وإصدار التهديدات وتحديد مواعيد مستحيلة لتنفيذ طلباتهم، وكل غرضهم خلق فضاء من الضجة المفتعلة يغطي لهم داخلياً أمام شعوبهم، قبل الفنزويليين، ذلك التحالف الآثم الذي تقوده الولايات المتحدة بالأصالة عن ذاتها وبالنيابة عن المنظومة الرأسمالية العالمية لإسقاط حكومة الثورة البوليفارية التي يقودها الرئيس نيكولاس مادورو.
هذا التحالف البنيوي والموضوعي بين دول الشمال الغني ضد فنزويلا (وضد أي دولة من دول الجنوب عموماً تتجه إلى تحقيق استقلال حقيقي والخروج من ربقة المنظومة) لم يكن وليد اللحظة عندما تظاهرت المعارضة في العاصمة كاراكاس، وأعلن رئيس «الجمعية الوطنية» المنحلّة استعداده لتولي منصب الرئيس، إذ إن التحالف ذاته يعمل بدأب منذ عشرين عاماً على إسقاط سلطة البوليفاريين الوطنية من خلال حرب طويلة دعمت فيها مجموعات المعارضة اليمينية البرجوازية نفسها، وفرضت خلالها واحداً من أقسى الحصارات والعقوبات الاقتصادية في القرن الحادي والعشرين، فضلاً عن التآمر مع وكلاء النفط الأميركي في السعودية والخليج العربي لإبقاء أسعار النفط العالمية عند مستويات متدنية، وضخ كميات إضافية إلى الأسواق لضرب موارد الدولة الفنزويلية المعتمدة بشكل أساسي على تصدير النفط. ولا شك في أن لحظة الانقلاب المعلنة تلك ليست إلا نقلة نوعية مبنية على تراكم جهود تقودها المخابرات المركزية الأميركية، وشاركت في رعايتها الإدارات الأميركية المتعاقبة، وهي مجرّد نسخة منقحة من انقلاب 2002 الذي نفذته المجموعات ذاتها التي لم تتورع وقتها عن قنص متظاهريها أنفسهم لتبرير محاولتهم الاستيلاء على السلطة، كما عدّة محاولات لم تتوقف لإثارة القلاقل والفوضى.
يحاول الأميركيون الإيحاء عبر وسائل الإعلام الغربية، التي مهمتهما الحصرية الترويج للخرافات الأيديولوجية للرأسمالية، بأن البوليفاريين يديرون نظاماً اشتراكياً فاسداً، وأن الرئيس مادورو، ومِن قَبله الرئيس التاريخي الراحل هوغو تشافيز، ديكتاتور شرس يخنق معارضيه. وبينما يدلي خبراء مأجورون يرأسون مراكز أبحاث استراتيجية بتلميحات عن ضرورة السيطرة على النفط الفنزويلي لمصلحة الشعب الأميركي واستقرار النظام العالمي، يُفسَّر اصطفاف دول أميركا اللاتينية وأوروبا وإسرائيل خلف اعتراف الرئيس الأميركي بـ«شرعية» منتحل صفة الرئيس بكونه خضوعاً للتوجيهات الأميركية. لكن معظم هذه الأساطير والتفسيرات المجتزأة تكتفي بلمس العوارض الظاهرية من دون العبور نحو جذر المسألة: ما تمثّله الظاهرة الفنزويلية النبيلة من خطر ماحق على المنظومة المتشابكة من النخب الرأسمالية المتحالفة على نهب دول الجنوب، كنموذج للتحدي والبقاء والصمود، بل ولاستعادة المبادرة للشروع في تأسيس اقتصاد دولة يكسر علاقة التبعية وترتيبات الهيمنة، وقد يلهم دولاً أخرى تمثّل في مجموعها قطباً بديلاً لا يحتاج إلى المرور اقتصادياً عبر المركز الشمالي.
ليست فنزويلا بنظام اشتراكي، والبوليفاريون تبنوا إلى الآن شعارات اشتراكية وتجارب كميونات معزولة ليست بذات تأثير واسع، وذلك لتمويه مشروع قومي مرتبط كلّية بالاقتصاد الرأسمالي العالمي، يستهدف التقليل من انعدام العدالة الشديد بين الطبقات في البلاد، من خلال إعادة توزيع ملطّف للثروة الريعية الطابع المتأتية من تجارة النفط. وهم، بعد عشرين عاماً من إطلاق مشروعهم على يد تشافيز عام 1999، ما زالوا يتعايشون مع الطبقة البرجوازية ذاتها التي لم يتغيّر أي شيء تقريباً في مدى سيطرتها المطلقة على مفاصل الاقتصاد والإعلام ومؤسسات المجتمع المدني في فنزويلا، ويراهنون على شعور وطني لديها للانخراط في تسوية تكفل استمرار الأوضاع القائمة، وهو أمر أثار دائماً حنق حلفاء البوليفاريين من شيوعيين وتاباكآماروس، الذين اعتبروا أن هذا التعايش لن يكون في النهاية لمصلحة الكثرة الفقيرة من الفنزويليين، وكادوا يسحبون تأييدهم للرئيس (المهادن) مادورو خلال الانتخابات الأخيرة التي منحت وريث تشافيز الفترة الرئاسية الثانية (تنتهي عام 2025)، بينما على الجهة الأخرى لم يترك المعارضون موبقة إلا ارتكبوها بحق الأمة الفنزويلية، ليس فقط بتآمرهم مع الأجنبي فحسب، بل أيضاً باقترافهم جرائم قتل وتعذيب وسرقة وإطلاق أعمال تخريب واسعة النطاق في عدة مناسبات، والمشاركة الفعالة في فرض الحصار الاقتصادي على بلادهم، وتعاونهم مع المافيات على ضرب الاقتصاد المحلي وتهريب النفط المدعوم إلى الخارج، وهم رفضوا المشاركة في الانتخابات الرئاسية الأخيرة لاقتناعهم الأكيد بأن أياً من مرشحيهم المحتملين لن ينتصر على مادورو الذي تناصره الكتلة الشعبية الأكبر.
وما لا يعرفه الكثيرون عن فنزويلا، ربما، أن مجتمعها مثله مثل غالبية مجتمعات أميركا اللاتينية التي تعاني من انقسام عرقي حاد موروث من الحقبة الاستعمارية الأوروبية، حيث كثرة من السكان الأصليين وذوي الأصول الأفريقية والمختلطة تحكمها نخبة بيضاء تنحدر من أبناء المستعمرين الأوروبيين. ولذا فإن عداء هذه النخبة الإلغائي تجاه التشافيزية (هوغو تشافيز كان أول رئيس فنزويلي ينحدر من أهل البلاد الأصليين) إنما هو تغليف لعنصريتها المقيتة واستعلائها العرقي تجاه عموم المواطنين.
وإن كان للشعوب الأوروبية أن تتغاضى عن سياق الحرب الدائرة ضد الشعب الفنزويلي بحكم خضوعها الكلّي لتوجيهات الإعلام الغربي، فإنه مما يثير الألم ذلك الغياب المُريب للتيارات اليسارية ــ الغربية تحديداً ــ عن تقديم دعم حقيقي لفنزويلا في مواجهة العنتريات الأميركية، والأحجام المايكروسكوبية للتجمعات الرمزية المتضامنة مع الدولة البوليفارية بحجة غياب المشروع الاشتراكي والفساد المستشري في قطاعات من الجيش والدولة، مصطفّين بذلك إلى جوار بقية جوقة أعداء التشافيزية الكثر، بل إن النواب الاشتراكيين في البرلمان الأوروبي صوتوا بكل صفاقة مع المحافظين اليمينيين على مشروع القرار الذي يعترف بمنتحل صفة الرئيس الفنزويلي، ودعوا دولهم إلى القيام بخطوات عملية في الاتجاه نفسه.
هذا الموقف السلبي من فنزويلا وشعبها قِصَر نظر استراتيجي تعاني منه تيارات اليسار الغربي (كثيراً ما اشتكى منه سمير أمين)، ويعكس قصوراً في رؤية طبيعة الصراع مع الإمبراطورية المعولمة، وتحديد الأولويات تجاهها. فالتاريخ أولاً وأخيراً تاريخ إمبراطوريات، وعندما تختار الإمبراطورية إخضاعك لا يعود مهماً عندها إن كنت برجوازياً فاسداً، أو تاجر نفط ديكتاتوراً، أو حتى اشتراكياً ثورياً. يجب أن تبقى فنزويلا حرة، ليس لأجل البوليفاريين الشجعان، بل من أجلنا جميعاً في الجنوب… كوّةَ ضوء لا يطفئها ظلام الإمبراطورية الأميركية. وهذه أولوية لم تجد لها مكاناً بعد عند اليسار الغربي المعني بتحسين ظروف عيش مواطنيه في ظل الرأسمالية الغربية، ولا عند يسارات العرب التي تنتظر أن يفكر لها الآخرون.
اعتراف أوروبي منقوص بغوايدو: مادورو يطلب «مساعدة» الفاتيكان
عطّل الانقسام الإيطالي في شأن الاعتراف بخوان غوايدو رئيساً لفنزويلا، مساعي الاتحاد الأوروبي إلى الخروج بموقف موحّد من هذه المسألة. كما أنه أعاد تسليط الضوء على الصعوبات التي يواجهها الاتحاد على مستوى السياسة الخارجية، التي لم تعد مشتركة على ما يبدو
وبينما سعت هذه الدول إلى الظهور بمظهر القوة، من خلال المساهمة في تصعيد الضغوط على الرئيس نيكولاس مادورو، وبالتالي الدفع نحو فرض أمر واقع في فنزويلا، عكس الرفض الإيطالي عدم قدرة الاتحاد الأوروبي على تبنّي موقف موحّد، الأمر الذي عبّر عنه وزير لم يشأ كشف هويته بالقول: «لم يعد لدينا بعد اليوم سياسة خارجية مشتركة». وجاء الموقف الأوروبي غير الموحّد بعد أيام من السجال بين الدول الأعضاء في الاتحاد، في شأن طريقة التعامل مع الوضع في فنزويلا. وهو أظهر الانقسام داخل إيطاليا نفسها حول السياسة الخارجية، حيث حثّ الرئيس سيرجيو ماتاريلا حكومة بلاده على إنهاء خلافاتها الداخلية، والتعبير عن دعم غوايدو. وقال ماتاريلا، خلال افتتاحه مركزاً جديداً للاجئين في روما، إن «علينا إبداء المسؤولية والوضوح باتخاذ موقف مشترك مع باقي شركائنا وحلفائنا في الاتحاد الأوروبي». إلا أن أليساندرو دي باتيستا، أحد أبرز شخصيات حركة «5 نجوم» التي تشكل نصف الائتلاف الحاكم، أكد من جهته أن «إصدار إنذارات وفرض العقوبات وتجميد السلع الفنزويلية، ربما يعني فتح الطريق أمام التدخل العسكري». وقال إن «حركة 5 نجوم وهذه الحكومة لن تعترف أبداً بأناس يعلنون أنفسهم رؤساء». لكن «حزب الرابطة»، شريك الحركة في الائتلاف الحاكم، أيّد غوايدو بقوة. وقال ماتيو سالفيني، زعيم الحزب، في بيان، إن «مادورو أحد آخر الدكتاتوريين اليساريين، وهو يحكم باستخدام القوة وتجويع شعبه. الأمل ينعقد على (إجراء) انتخابات حرة في أسرع وقت ممكن».
روسيا: محاولات منح السلطة المغتصبة شرعية تعدّ تدخّلاً مباشراً
وبينما سعى غوايدو إلى استعطاف الإيطاليين، أعلنت وزارة الخارجية الفنزويلية، في بيان، أن كاراكاس ستعيد تقييم علاقاتها الدبلوماسية مع الدول الأوروبية التي اعترفت بغوايدو رئيساً انتقالياً للبلاد. وأورد البيان أن السلطات الفنزويلية «ستعيد في شكل كامل تقييم العلاقات الثنائية مع هذه الحكومات، اعتباراً من هذه اللحظة، إلى أن تعدل عن تأييد الخطط الانقلابية». وجاء تصريح وزارة الخارجية في الوقت الذي لا يزال فيه مادورو يبدي تفضيله الحوار من أجل حلّ المسألة، معوّلاً في هذا المجال على دور ربما يلعبه البابا فرانسيس. وفي مقابلة مع قناة تلفزيونية إيطالية، أعلن مادورو أنه وجّه رسالة إلى البابا، وقال: «أبلغته أنني في خدمة قضية المسيح، وفي هذا السياق طلبت مساعدته في عملية لتسهيل الحوار وتعزيزه». وأضاف: «طلبت من البابا أن يبذل أقصى جهوده، وأن يساعدنا على طريق الحوار. آمل تلقّي ردّ إيجابي». من جانبه، قال غوايدو، في مقابلة صحافية نُشرت أمس، إنه سيبذل كل ما في وسعه لضمان دعم إيطاليا التي انقسمت حكومتها في شأن ما إذا كانت ستدعمه رئيساً مؤقتاً لفنزويلا. وقال لصحيفة «كورييري ديلا سيرا»: «سنفعل كل ما هو ممكن حتى نحصل على دعم الحكومة الإيطالية المهم للغاية بالنسبة إلينا، إلى جانب الدعم الذي عبّرت عنه باقي (دول) الاتحاد الأوروبي».
في غضون ذلك، ندّدت روسيا بالمواقف الأوروبية. وقال المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف: «نعتبر محاولات منح السلطة المغتصبة شرعيةً بمثابة تدخل مباشر وغير مباشر في شؤون فنزويلا الداخلية». كذلك، أكد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، أن المنظمة الدولية لن تنضم إلى أي مجموعة دول تسعى إلى حلّ الأزمة في فنزويلا، «حفاظاً على مصداقية عرضنا للمساعدة في إيجاد حل سياسي».