بغداد | مطلع الشهر الجاري، أتمّ رئيس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، مهلة الـ«100 يوم» التي ألزم نفسه بها، كـ«مهلة تجريبية أولى لأدائه». إنجازات متواضعة إلى الآن، لعلّ أبرزها إزالة الحواجز الاسمنتية من شوارع العاصمة بغداد، وتأسيس «المجلس الأعلى لمكافحة الفساد». في المقابل، لا يزال الرجل عاجزاً عن إتمام «كابينته الوزارية»، وهو أمرٌ يُحسب عليه قياساً إلى الشعارات التي رفعها لحظة إعلانه «منهاجه الوزاري» في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي. وإثباتاً لجديته في إحالة شعاراته سياساتٍ إجرائية، سرّع عبد المهدي نشر «البرنامج الحكومي 2018 – 2022»، بعد تعهّده بإنجازه خلال «100 يوم». خطوة تعكس إرادة الحكومة، رئيساً ووزراء، تأكيد فعاليتها في المشهد السياسي. وهي فعالية لا يرى عبد المهدي أن التصديق عليها سيكون بعيداً من مدينة النجف.
ينقل مقرّبون من عبد المهدي، إبّان توليه وزارة النفط (2014 – 2016)، أن «محركات العملية السياسية في البلاد أربعة: القوى الخارجية (الدولية/ الإقليمية)، القوى المحلية، الجمهور والقانون». يوضح هؤلاء أن المقصود بـ«القوى المحلية، الأحزاب السياسية، المتأثرة أساساً بالمرجعية الدينية… صاحبة الرأي المرجِّح في القضايا الأساسية». يدرك عبد المهدي دور «المرجعية الدينية العليا» (آية الله علي السيستاني) المؤثّر في العملية السياسية، سواء في تزكيته بشكل غير مباشر، أو في قدرتها على سحب المظلة من فوقه كما جرى في آب 2014، لحظة خسارة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي، منصبه. هذه المرة، قد لا يكون هذا السيناريو وارداً، في ظلّ فارق الظروف والمعطيات، لكن استمرار «المرجعية» في العزوف عن التفاعل مع عبد المهدي ربما لا يكون في مصلحته.
المطلوب من عبد المهدي تحقيق تقدّم خدمي ومكافحة الفساد
أوصد السيستاني، منذ 2011، أبوابه أمام السياسيين، في خطوة ترجمت نوعاً من السخط على أدائهم. واقعٌ كرّسه الرجل، ولا يزال، إلى اليوم. وعلى رغم أن كلاً من رئيس الجمهورية برهم صالح، ورئيس الوزراء عادل عبد المهدي، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، سارعوا إلى طلب لقاءات مع السيستاني، من أجل «نيل رضى المرجع، وكسب شرعية مع بداية الولاية»، إلا أن الجواب كان مخيّباً. إذ اعتذرت «المرجعية» عن عدم استقبالهم، في موقف أريد من خلاله القول إن «المرجعية تلتمس تحولاً جدياً في أداء الرئاسات الثلاث حتى تشرّع أبوابها مجدداً».
وإذا كان زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وزعيم «تحالف الفتح» هادي العامري، منحا عبد المهدي فرصة عام لمعالجة القضايا الشائكة، فإن مبدأ «المهلة» ينسحب أيضاً على النجف، لكن المدة لن تكون بهذا القدر، «إنما أقل من ذلك» وفق ما تؤكد مصادر مطلعة في حديث إلى الأخبار، موضحة أن «المطلوب تحرك جدي على صعيدين: الأول تحقيق تقدم على المستوى الخدمي يحظى برضى الشعب، والثاني إنجاز خطوات جدية في مكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين».
في حال تحقيق تقدم على هذين المستويين، سيكون ذلك سبباً لـ«قطع صوم المرجعية»، أما الفشل فسيؤدي إلى «إطالة أمد» الامتناع عن إجراء أي لقاءات من هذا النوع، والاكتفاء بلقاء المسؤولين الأمميين بين حين وآخر، وإصدار بيانات تحمل عناوين عريضة مع حثّ القوى السياسية على التزامها. وتختم المصادر حديثها بالقول إن «الحقبة الحالية هي الأفضل لتحقيق تغيير وإصلاح حقيقي، وإلا فإن الأمور ماضية نحو الأسوأ»، وهذا ما تبدي المصادر تخوفها منه، لأن «الضحية سيكون الشعب».
رشى أميركية لمنع «قانون الانسحاب»!
علمت «الأخبار» أن مسؤولين أميركيين حاولوا، خلال الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لبغداد، رشوة عدد من البرلمانيين العراقيين، بهدف دفعهم إلى رفض تشريع قانون يطالب بإخراج القوات الأميركية من العراق. وعُرف من النواب الذين قبلوا «هدايا مادية» كلّ من: كاظم العتيبي وزياد أحمد من ائتلاف «الوطنية» الذي يرأسه إياد علاوي، وناهدة زيد من «قائمة القرار العراقي» التي يتزعّمها أسامة النجيفي. وتصاعدت، أخيراً، الدعوات إلى التصويت داخل البرلمان على قانون في هذا الاتجاه، قبل أن تعلن كتلة «سائرون» (المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر) التقدم بمشروع لإنهاء الاتفاقية الأمنية الموقّعة بين واشنطن وبغداد، وإلغاء القسم الثالث من اتفاقية الإطار الاستراتيجي. وأعقب هذا الإعلان كشف مصادر «البناء» عن مقترح قانون مماثل يدعو إلى «وضع جدول زمني ينظّم عملية انسحاب القوات الأجنبية». كذلك، علمت «الأخبار» أن رئيس هيئة أركان الجيش العراقي، الفريق عثمان الغانمي، أبلغ أعضاء لجنة الأمن القومي في البرلمان، أنه لم يتمّ بعد اتخاذ قرار قاطع باستقرار القوات الأميركية المنسحبة من سوريا، في العراق، إذ من المفترض أن «تستقر هذه القوات لفترة وجيزة في قاعدة عين الأسد والقاعدة الجوية في أربيل، قبل أن تغادر إلى الولايات المتحدة».