الاخبار الاخبار السياسية

كرة النار تكبر في كشمير… وواشنطن تغسل يديها

لا يزال شطر كشمير الخاضع لسيطرة الهند معزولاً عن العالم لليوم الثالث على التوالي، ولا تزال المواقف الدولية، على قلّتها، مرتبكة، باستثناء واشنطن التي تنتظر مآلات خطوة حليفتها، خصوصاً أنها «لم تنسّق معها». أما إسلام أباد فأعلنت سلسلة إجراءات، رداً على قرار نيودلهي، من المتوقع أن تفاقم التوتر بينها وبين جارتها

في أول خطوةٍ عملية للحكومة الباكستانية، اتخذت الأخيرة جملة إجراءات رداً على قرار الهند إلغاء الحكم الذاتي لإقليم كشمير، أبرزها خفض مستوى التمثيل الدبلوماسي بطرد السفير الهندي وتعليق التبادل التجاري مع جارتها. خطوةٌ من شأنها أن تفاقم التوتر، خصوصاً بعد وضع إسلام أباد الحرب خياراً، وغسل واشنطن يديها من هذا الملف، بإعلانها أن حليفتها، نيودلهي، لم تنسّق الخطوة معها.
إلغاء الهند الوضع الخاص لكشمير، الذي ظلّ قائماً على مدى سبعة عقود، وما أعقبه من إجراءات صارمة، بعزل الشطر الذي يخضع لسيطرتها عن العالم، استدعى رداً قوياً من باكستان. إذ أعلن وزير خارجيتها، شاه محمود قريشي، «(أننا) سنستدعي سفيرنا من نيودلهي ونعيد سفيرهم». تصريحاتٌ تزامنت مع بيان حكومي أعلنت فيه باكستان أنها ستعلّق التبادل التجاري مع الهند، وستعيد النظر في علاقاتها الثنائية مع نيودلهي. وجاء في البيان أن «رئيس الوزراء، عمران خان، ترأس اليوم (أمس) اجتماعاً للجنة الأمن القومي»، لبحث «الإجراءات الأحادية وغير المشروعة التي اتخذتها الحكومة الهندية» في كشمير. وقررت «اللجنة اتخاذ الإجراءات الآتية: أولاً، خفض مستوى العلاقات الدبلوماسية مع الهند؛ ثانياً، تعليق التبادلات التجارية معها؛ ثالثاً، إعادة النظر في الترتيبات الثنائية؛ رابعاً، طرح القضية أمام الأمم المتحدة، ولا سيما مجلس الأمن»، فيما أمر خان «بتفعيل كل القنوات الدبلوماسية لفضح وحشية النظام العنصري الهندي، وانتهاكاته لحقوق الإنسان»، داعياً الجيش إلى «اليقظة».

أعلنت واشنطن أن الهند لم تستشرها قبل تغيير الوضع الدستوري لكشمير

وجاء لافتاً موقف واشنطن التي اكتفت، بدايةً، بالدعوة إلى السلام واحترام الحقوق في كشمير، ولكنها عادت وشدّدت على لسان مساعدة وزير الخارجية الأميركي بالوكالة لجنوب آسيا، اليس ويلز، يوم أمس، على أن «الحكومة الهندية لم تستشر أو تبلغ الحكومة الأميركية قبل أن تغير الوضع الدستوري الخاص لإقليم جامو وكشمير»، المقسم بين الهند وباكستان منذ استقلالهما في عام 1947. أما بريطانيا، التي أعربت عن قلقها ودعت إلى الهدوء، فقد أكّد وزير خارجيتها، دومينيك راب، أن لدى بلاده، أيضاً، «قراءة واضحة للوضع من منظور الحكومة الهندية».
وفي ثالث أيام الأزمة، خضع الشطر الهندي من كشمير لإغلاق شامل فرضته السلطات الهندية، سعياً لتجنب اشتعال الوضع. وشمل ذلك حظراً صارماً للتجوال بدأ اعتباراً من مساء الأحد، ترافق مع قطع جميع وسائل الاتصال، حتى باتت المنطقة معزولة تماماً عن العالم. كذلك، أوقف أكثر من مئة شخص، بينهم مسؤولون سياسيون في الأيام الأخيرة، وفق ما نقلت وكالة «برس تراست أوف انديا» عن مسؤولين، أشاروا إلى أن الاضطرابات الوحيدة تمثّلت «بحوادث نادرة تخلّلها رشق حجارة». هذه الإجراءات ستؤدي، بحسب مصدر أمني في وادي سريناغار تحدّث إلى وكالة «فرانس برس»، إلى انفجار الوضع. إذ قال: «نعلم أن كشمير تغلي، وستنفجر بعنف، لكننا لا نعرف متى. لا أعرف كيف يمكن رفع حظر التجوال من دون حصول تظاهرات عنيفة».
ردّ الأمم المتحدة على الأزمة المتفاقمة جاء باهتاً، إذ أعلن الناطق باسم أمينها العام، ستيفان دوجاريك، أن رئيسه أنطونيو غوتيريش، «ليس متردداً» في ما يتصل بقرار الهند، مشيراً إلى أن «هناك اتصالات جارية على أعلى المستويات حول الوضع في الإقليم»، لكنه رفض تقديم مزيد من التفاصيل في شأنها. وقال: «لا يوجد أيّ تردّد في موقف الأمين العام إزاء ما أعلنته الهند… نحن نواصل متابعة الموقف بكثير من القلق، ونواصل دعوة جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس». ورفض مجدداً الرد على أسئلة الصحافيين عما إذا كان قرار الهند ينتهك قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، مكتفياً بالقول: «ما ذكرته للتوّ هو ردّي على هذا السؤال».

باكستان تحذّر الهند: إلغاء «قرار كشمير»… أو الحرب

تعتزم باكستان زيادة الضغط الدبلوماسي والعسكري على الهند، بعد قرار الأخيرة إلغاء الوضع الخاص للجزء الذي تسيطر عليه من إقليم كشمير المُتنازَع عليه. قرارٌ حذّر عمران خان من احتمال أن يؤدّي إلى حرب

حذّر رئيس الوزراء الباكستاني، عمران خان، من احتمال اندلاع حرب بين بلاده والهند، على خلفية قرار الأخيرة أول من أمس، شطب مادة دستورية تغيّر الوضع الخاص الذي يتمتع به سكان إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين، متوعداً باللجوء إلى مجلس الأمن للطعن في القرار، ومطالباً بتحرّك المجتمع الدولي في وقت تتصاعد فيه التوترات في تلك المنطقة.
وأمام جلسة مشتركة للبرلمان في إسلام أباد أمس، انتقد خان قرار نظيره الهندي، ناريندا مودي، إلغاء الوضع الخاص للقسم الهندي من الإقليم، متهماً إياه بانتهاك القانون الدولي «بصورة سافرة لتحقيق أجندة معادية للمسلمين» في بلاده. وقال: «أريد أن أوضح أننا سنقاوم هذه الخطوة في كل منبر، بما في ذلك مجلس الأمن»، واعداً بإثارة المسألة مع رؤساء الدول ورفعها إلى المحكمة الجنائية الدولية. وتابع رئيس الوزراء: «إذا لم يتحرك العالم اليوم، وإذا لم يحترم العالم المتقدّم قوانينه، فستصل الأمور إلى مكان لن نكون مسؤولين عنه»، مشيراً إلى أنه يخشى أن يشنّ الكشميريون الغاضبون من القرار هجوماً على القوات الهندية، ثم يُتوقَّع أن تُحّمل نيودلهي إسلام أباد المسؤولية عنه. وإذا ردّت الهند على ذلك بتنفيذ ضربة عسكرية داخل بلاده، فإنه يفتح المجال أمام إمكانية اندلاع حرب، وفق خان.

لاقت خطوة رئيس الوزراء الهندي انتقادات لاذعة من الصين

الرسائل الباكستانية «الحامية» إلى الهند جاءت بعدما أعلن الجيش الباكستاني «وقوفه بحزم» إلى جانب سكان كشمير عقب اجتماع للقادة العسكريين الرئيسيين للبلاد في روالبيندي، حيث مقرّ قيادة الجيش، لمناقشة الخطوة الهندية التي يُتوقع أن تفاقم التمرد المستمر في كشمير منذ مدة طويلة. وبحسب تغريدة للمتحدث العسكري، عاصف غفور، فإن قائد أركان الجيش، الجنرال قمر باجوا، صرح بأن «الجيش الباكستاني يدعم بحزم الكشميريين في كفاحهم العادل حتى النهاية. نحن مستعدون وسنفعل كل ما في وسعنا». وأكد قائد الجيش أنّ المشاركين في الاجتماع «أيّدوا تماماً» موقف الحكومة الباكستانية التي تعارض الإجراء الهندي، لأن «باكستان لن تعترف أبداً بجهود الهند لإضفاء شرعية على احتلالها» كشمير.
وفي شباط/ فبراير الماضي، وقع هجوم في الشطر الخاضع للهند من كشمير، وأدى إلى مقتل 40 جندياً هندياً، وردّت نيودلهي بتنفيذ ضربة عسكرية داخل باكستان، بعدما حمّلت جماعة باكستانية المسؤولية عن ذلك، فيما ردّت إسلام أباد بإسقاط طائرتين هنديتين.
في الوقت نفسه، لاقت خطوة رئيس الوزراء الهندي انتقادات لاذعة من الصين التي قالت إنها تعارض بشدة إلغاء الوضع الخاص لكشمير، داعية إلى «الحذر حين يتعلق الأمر بمسائل حدودية». وقالت المتحدثة باسم الخارجية الصينية، هوا شونيغ، إنّ «تحرك الهند غير مقبول، ولن يكون له أي أثر قانوني»، داعية نيودلهي إلى الالتزام الصارم بالاتفاقات التي جرى التوصل إليها بين البلدين لتجنب أي إجراء يزيد تعقيد المسائل الحدودية. وأضافت: «في المدة الماضية، واصلت الهند تقويض سيادة أراضي الصين بتغيير القانون الداخلي من جانب واحد. مثل هذه الممارسة غير مقبولة ولن تُطبق». تحذيراتٌ سارعت الهند إلى الردّ عليها، إذ أشار المتحدث باسم الخارجية الهندية، رافيش كومار، إلى أنّ بلاده «لا تعلّق على الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وبالتالي تتوقع من الدول الأخرى الشيء نفسه»، مؤكداً أن الجانبين ملتزمان الحفاظ على «السلام والهدوء في المناطق الحدودية».