الاخبار الاخبار السياسية المقالات

«تعافينا». هذه هي الرسالة التي يطلّ بها حزب الله في الذكرى الأولى لمذبحة الـ«بايجرز» التي نفّذها العدو الإسرائيلي قبل عام.

«تعافينا». هذه هي الرسالة التي يطلّ بها حزب الله في الذكرى الأولى لمذبحة الـ«بايجرز» التي نفّذها العدو الإسرائيلي قبل عام. «تعافينا» ليس مجرّد شعار، بل مسار اتّبعته هذه «المؤسّسة» لإعادة إدماج آلاف الجرحى في مجتمع تعمّد العدو الإسرائيلي محاولة طحنه بالكامل. «تعافينا»… وحدنا لأنّ مئات ممّن خسروا أعينهم وأيديهم وجدوا أنفسهم فجأة، من دون مساعدة من أحد، بعدما اقتصر دور الدولة على إدارة الملف بشكل طارئ، ثم تركتهم في أول الطريق لمصيرهم، و«لزّمتهم» لمؤسّسات «البيئة» التي ينتمي إليها الضحايا. وهذه ليست حال استثنائية أو جديدة، لكنّها الأكثر فجاجة في التعاطي مع جريمة غير مسبوقة

فجأة، سال الدم في الشوارع. لم يستطع أحد استيعاب ما كان يجري، ولم يكن ثمّة مَن يقدر على تركيب الرواية الكاملة للأحداث. وجوه مشوّهة، أكفّ مقطوعة، وعيون مفقوءة، وصراخ يتصاعد في الشوارع والمنازل وعلى أبواب المستشفيات. لم تكن حرباً، لكنها كانت مذبحة حقيقية، وكان من الصعب جمع خيوطها في اللحظات الأولى. شيئاً فشيئاً، اكتملت الصورة: إسرائيل فجّرت أجهزة الـ«بايجرز»، ليس بـ«الشباب» فقط، بل بعائلات بأكملها، وقتلت ما لا يقلّ عن 20 شخصاً، فيما تجاوز عدد الجرحى ثلاثة آلاف، عُطبت حياة الغالبية منهم.

كانت المذبحة نقطة تحوّل في المواجهة مع العدو الذي تعمّد ألّا يقتل فحسب، بل أن يشلّ مجتمعاً بأكمله ويترك أثر التشوّهات على المدنيين. هكذا، استخدم «فكرة الرسالة»، على ما يقول «طبيب الحروب» غسان أبو ستّة، فلم ينهِ حياةً كما يتقن وإنما عطبها، محدثاً صدمة استيعاب واسعة، كون هذه الحادثة كانت الأضخم والأولى من نوعها، ولا تزال تداعياتها مستمرّة حتى اليوم، سواء في دمج المصابين الذين التحقوا بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة، أو في استكمال مسار التعافي، حيث يواصل عدد كبير من الجرحى تلقّي العلاجات.

لكن، رغم هول المذبحة وغزارة الدماء، لم يكن التعاطي العام مع الحادث متوازناً، وليست مبالغة القول إنّ الحبل قُطع مع الضحايا فور انتهاء حال الطوارئ. ورغم حفاظ بعض المؤسّسات الصحّية، بما فيها مستشفيات جامعية كبرى، على واجبها الإنساني والأخلاقي، لم تحظَ القضية بأي استثناء، بل عُومل الجرحى كما بقيّة المرضى في مسارات علاجاتهم، رغم كلفتها المادية والمعنوية الباهظة. لذلك، تولّت المؤسّسات التابعة لحزب الله، من «مؤسسة الجرحى» إلى «الهيئة الصحّية الإسلامية» وبعض الجمعيات، الاحتواء والمتابعة الأساسية للملف.

الصدمة الأولى وما بعدها

لم يُترك الجرحى في الأيام الأولى التي أعقبت الجريمة، سواء في أثناء الدفعة الأولى التي تحلّ ذكراها اليوم أو الثانية التي وقعت في اليوم التالي.

فقد وقف القطاع الصحّي وقفة واحدة منذ اللحظة الأولى، وانتشر الأطباء والممرّضون والعاملون الصحّيون عند أبواب طوارئ المستشفيات لاستقبال الجرحى وتقديم الخدمات الطبية اللازمة. وكان لافتاً انخراط الأطباء في معظم المؤسّسات الصحّية، حتى ممّن لم يكونوا من ضمن الاختصاصات المطلوبة، فشارك جرّاحو المسالك البولية والقلب وغيرهم في إسعاف الجرحى، خصوصاً مع وجود أعداد كبيرة من الإصابات التي كانت تحتاج إلى وقف النزيف أو تضميد الجروح قبل اتّخاذ القرار بالإجراء المناسب.

بالتوازي، فتحت غرف العمليات لاستقبال الجرحى ذوي الإصابات الحرجة، وقدّرت وزارة الصحة في ذلك اليوم عدد العمليات الطارئة التي أُجريت مع تفجيرات الأول بنحو 500 عملية.

مع استيعاب الصدمة الأولى، أطلقت وزارة الصحّة ونقابة الأطباء في بيروت، بعد أيام من التفجيرين (27 أيلول)، مبادرة «لعلاج طويل الأمد للجرحى والمصابين»، عبر تخصيص عيادتين في مستشفيَي رفيق الحريري الحكومي الجامعي وبعبدا الحكومي. وتمّ تنسيق مواعيد المعاينات والعمليات الجراحية عبر نقابة الأطباء، التي شكّلت لجنتين، واحدة للأعين وأخرى لجراحة وتجميل الأطراف. بدأت العيادات عملها سريعاً.

ففي مستشفى الحريري الجامعي، أعيد تفعيل مركز الحروق تحت اسم مركز الصدمات (Trauma Center)، وتمّ تجهيزه بالكامل مع الكادر الطبّي، لا سيّما من اختصاصي جراحة التجميل والترميم والوجه والجراحة العامة.

وبحسب مدير المصلحة الطبّية، الدكتور ماهر الكستي، «استقبل المركز أعداداً هائلة من الجرحى»، واستمرّ العمل فيه حتى استعاد مستشفى الرسول الأعظم قدرته على استقبال الجرحى، «وعندها، لم يعُد يأتي إليه أحد»، مشيراً إلى أنّ «جزءاً من الأكلاف كانت تؤمّنه الوزارة وقسم آخر عبر جهات أخرى».

في مستشفى بعبدا الحكومي وحده، أُجريت في أثناء المدّة الأولى نحو 100 عملية للجرحى على حساب وزارة الصحّة، بحسب مدير عام المستشفى الدكتور فريد صبّاغ. ولكن، رغم التغطية المبدئية الكاملة، جاءت «التسعيرة» التي حدّدتها الوزارة أقلّ من النصف، ما دفع العديد من المستشفيات، بما فيها الخاصة، إلى الامتناع عن استقبال الجرحى في المراحل اللاحقة. كذلك، تخلّف بعض الجرّاحين عن متابعة الحالات. وحتى الذين دفعهم الالتزام الإنساني في البداية، لم يتمكّنوا من الاستمرار بالوتيرة نفسها.

«العونة» التي شهدتها المرحلة الأولى من الحادثة لم تستمرّ بالزّخم نفسه. أتت الحرب وزاد العبء على المستشفيات، ومع دخول جرحى الحرب، انسحبت قصص جرحى الـ«بايجرز» تدريجياً إلى الظلّ. هكذا انتهى الدور الرسمي للسلطة في متابعة هؤلاء عند انتهاء حال الطوارئ.

وليست هذه أزمة جرحى فقط، بل أزمة نظام صحّي وقانوني، إذ تتوقّف الخدمات الطبّية التي توفّرها السلطة بمجرّد خروج الحالات من حال الطوارئ، وهو ما يؤكّده أبو ستة، طبيب الجراحة التجميلية والترميم، الذي يتابع عدداً من المصابين، مشيراً إلى المعاناة المستمرّة التي يعيشها الجرحى مع كل عملية أو إجراء طبّي يخضعون له. وبحسب أبو ستّة، وطبيب الأعين النائب الياس جرادي، فإنّ جرحى الـ«بايجرز»، وبرغم مرور عام كامل، لا يزال معظمهم يخضع لمسار علاجي طويل لم يصل بعد إلى التعافي.

وشبّه جرادي الأمر بمن يتلقّى رصاصة، ثم يدرك بعد ذلك أنه لا يزال يتألّم بسببها. الدولة رافقت مرحلة تلقّي الرصاصة، لكنها تركت الجريح في أوجاعه المستمرّة حتى اليوم. علماً أنّ حال الجرحى كانت استثنائية، إذ ترافقت الإصابات الكبيرة مع تعقيدات ومضاعفات جعلت كل جريح يحتاج إلى تدخّلات من أكثر من جراح، نتيجة إصابات مزدوجة بين الوجه (وخاصة الأعين) والأطراف أو محيط البطن. وقدّر أبو ستّة، عدد العمليات لمعظم هؤلاء الجرحى بين 5 و12 عملية لكل شخص.

وكانت إصابات العين أصعب ما واجه الجرحى، فحتى مَن بقيت عيناه أو إحداهما، احتاج إلى مراقبة دقيقة ومتابعة من أكثر من اختصاص في مجال الأعين، نظراً لحساسية هذا العضو وإمكانية حدوث ضمور في القرنية أو انفصال شبكي. أمّا مَن فقدوا أعينهم تماماً، فباتت عملية تأهيلهم وإعادة دمجهم في المجتمع أكثر صعوبة. وتقدّر أعداد هؤلاء بـ300 شخص، معظمهم من الشباب، وبينهم 11 امرأة و7 أطفال.

الوضع الصحّي للجرحى

مشكلة التعاطي الرسمي مع جرحى الـ«بايجرز» تشبه إلى حدّ كبير ما يحصل مع جرحى الحروب الأخرى، ومنهم جرحى عدوان تموز 2006. وقد خلصت دراسة أجرتها مجموعة من الأطباء المتخصّصين، بينهم أبو ستّة، بعنوان «خصائص الإصابات أثناء حرب لبنان عام 2006»، إلى أنّ الدولة تميل إلى التخفيف من عبء المتابعة بعد انتهاء الصدمة الأولى. ويوضح أبو ستّة، إلى أنّ معظم جرحى حرب تموز استغرقت مدّة تعافيهم من الإصابات قرابة عشر سنوات، تحملوا في أثنائها تكاليف العلاجات على نفقتهم أو اعتماداً على دعم الجمعيات.

واليوم، يتكرّر السيناريو ذاته، إذ تقتصر البرامج الرسمية على بعض المبادرات، ومنها برنامج أطلقته وزارة الصحّة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف، لمعالجة جرحى الحرب من الأطفال (1400 طفل)، من بينهم أطفال جرحى الـ«بايجرز» (113 حالاً).

أمّا متابعة بقيّة الجرحى، فتقع على عاتق الهيئة الصحّية الإسلامية، وبعض الجمعيات الأخرى كجمعية الهلال الأحمر الإيراني التي تكفّلت بتغطية الكلفة الصحّية للجرحى الذين سافروا إلى إيران. وأوضح المسؤول الإعلامي للدفاع المدني في الهيئة الصحية الإسلامية، محمود كركي، أنّ «متابعة الحالات في إيران اليوم تقتصر على عدد قليل يتكفّل الهلال بمتابعتهم، فيما يتحمّل الجرحى أنفسهم كلفة السفر».

نظام لا يتماشى مع الحروب

في المتابعات التي تلت الصدمة الأولى، تولّت الهيئة الصحّية الإسلامية متابعة ملفات المصابين وتحمّل الكلفة المترتّبة عليها، لأنّ «الدولة منذ البداية لم تقدّم خدمات كاملة في هذا المجال»، أو بعبارة أوضح: «لم تعتبر ذلك من مسؤوليّاتها المباشرة، خصوصاً أنّ قصور خدمات الدولة تجاه الناس موجود منذ زمن»، بحسب المصادر. أضفْ إلى ذلك، في حال جرحى الـ«بايجرز»، كان ثمّة تسليم كامل بأنّ هؤلاء من «حصّة» حزب الله.

هكذا، «لزّمت» الدولة مواطنيها للحزب. أمّا الجزء الآخر من المشكلة فهو أنّ النظام القائم لا يتماشى في الأصل مع الحروب، حيث تكون الحاجة إلى المتابعة أكبر بعد الحرب، مع حاجة المصاب إلى الكثير من التدخّلات المكلفة، ومن جهة أخرى بتركيبة القطاع الصحّي الذي يعاني ضعفاً مزمناً في مقابل إمبراطورية القطاع الصحّي الخاص الذي يعمل على تسليع الصحّة، فتغيب المساحة التي يمكن أن تعطى للمحتاج.

وما يزيد الطين بلّة أنّ وزارة الصحة هي جهة منظمة للعمل الصحّي، ولا تدير المستشفيات ولا تملك سلطة عليها، ولذلك تبقى العلاقة بين الطرفين محكومة بقوّة قبضة المستشفيات الخاصة. وبغضّ النظر عمّا فعلته بعض المستشفيات الجامعية الكبرى، إلا أنّ «الدواعي الإنسانية» لم تستمرّ طويلاً، وصار جريح الأجهزة كأي مريض عادي يدفع كغيره فروقات الصناديق الضامنة. وهذا الأمر، بحسب جرادي، يفترض مقاربة شاملة تشمل مراكز متخصّصة تلحظ رعاية دائمة للجرحى، لكونها «مسؤولية وطنية وليست مسؤولية طرف أو بيئة».


الدفاع المدني في الهيئة الصحية: خطّ الدفاع الأول

في اللحظة الأولى لانفجار أجهزة الـ«بايجرز»، كان لعناصر الدفاع المدني، ومن بينهم عناصر الهيئة الصحّية الإسلامية، الدور الأبرز في عمليات الإنقاذ، التي تمّت على مراحل متعدّدة، بحسب المسؤول الإعلامي محمود كركي.

المرحلة الأولى ترافقت مباشرة مع حدوث الانفجارات، حيث تولّى هؤلاء نقل الجرحى إلى المستشفيات، بالتنسيق مع وحدة الطوارئ في وزارة الصحة. واستكملت هذه المرحلة بعد توزيع الجرحى على المستشفيات بالعمل على إجلاء الجرحى من مستشفيات الجنوب وإعادة توزيعهم على مستشفيات بيروت وحتى الشمال.

المرحلة الثانية بدأت في اليوم التالي، وشملت إجلاء الجرحى إلى دول أخرى لاستكمال العلاج، وفق معيار أساسي: مدى قدرة الجريح الصحّية على السفر وتحمّله للرّحلة. وكانت الوجهة الأولى إيران، حيث أجلت الهيئة الصحّية، بالتعاون مع الهلال الأحمر الإيراني، 445 حالاً مع مرافق لكل جريح على خمس دفعات، وتكفّل الهلال الأحمر الإيراني بمتابعتهم صحّياً ومالياً. كما أُجليت 30 حالاً إلى العراق و47 إلى سوريا، بالتنسيق مع وزارة الصحّة.

بدأت المرحلة الثالثة في اليوم التالي، مع بدء الإجلاء إلى دول أخرى. وكان المعيار في هذه المرحلة، بحسب كركي، هو الوضع الصحّي للجريح وإمكانيّة سفره أم لا وقدرته على التحمّل. وفي هذا السياق، كانت الوجهة الأولى إيران، حيث أجلت الهيئة الصحّية، بالتعاون مع الهلال الأحمر الإيراني 445 جريحاً ــــ مع مرافق لكل جريح ــــ نقلوا على خمس دفعات «وتكفّل بمتابعتهم الصحّية والمادية الهلال الأحمر الإيراني»، فيما أجلي إلى العراق 30 مصاباً و47 إلى سوريا، بالتنسيق مع وزارة الصحّة العامة. وتضمّنت هذه المرحلة جمع المرضى من المستشفيات والاطّلاع على أوضاعهم قبل الإجلاء، مع إجراء فحوصات طبّية تمهيداً للصعود إلى الطائرات، حيث كان طاقم طبّي من الهلال الأحمر الإيراني على متن الطائرات لمتابعة حالات الجرحى طوال الرحلة.


مؤسّسة الجرحى: إطلاق المسار التأهيلي مع الصحّي

كانت اللحظة الأولى صادمة بكل معنى الكلمة. فرغم خبرة «مؤسّسة الجرحى» الطويلة في لبنان في أثناء أكثر من حرب ومتابعتها المستمرّة للجرحى، شكّلت قضية جرحى الـ«بايجرز» التجربة الأقسى. يقول الدكتور إبراهيم نعيم، الذي تابع الملف الصحّي للجرحى في المؤسّسة: «لم نشهد حادثة بهذا الشكل من قبل، ولا حتى في أي مكان في العالم، حيث يأتيك في يوم واحد هذا الكمّ من المصابين ممّن فقدوا عيونهم أو أصيبوا بها، وحتى بنوعية وطبيعة الإصابات التي كانت معقّدة ومتشابكة».

قبل اليوم الكارثي، كانت مؤسسة الجرحى تتابع بين «10 إلى 12 كفيفاً»، قبل أن تنقلب الأمور رأساً على عقب مع الضغط الكبير من قبل الجرحى الذي رافق البدايات. صحيح أنّ مسار التأهيل، وهي الوظيفة الأساس للمؤسّسة، يبدأ مع استقرار حال الجرحى صحّياً، إلا أنها انخرطت باكراً في العمل، وعكفت على دراسة ملفات الجرحى وتقدير حجم الإصابات ونوعيّتها، وعلى أساس ذلك «جهّزنا الكادر البشري المتخصّص في موضوع التأهيل لمتابعة الحالات».

مع ذلك، لم يكن الأمر سهلاً، إذ سرعان ما بدأت الحرب «فأقفلنا مراكزنا، وفي أثناء مدّة الشهرين تابعنا أوضاع الجرحى في البيوت والمستشفيات». مع انتهاء الحرب، «كان لدينا تصوّر وإحصاء معيّن لنوعية الإصابات، وعملنا على أساسها على تأمين الاختصاصات المطلوبة».

بالنسبة إلى المؤسسة، كان التحدّي الأصعب هو نوعية الإصابات «إذ كانت أمامنا إعاقات بصرية وفقدان أطراف»، ما استدعى التركيز على مستويَين من العلاج «الإنشغالي والفيزيائي، بهدف إعادة دمج هؤلاء مجتمعياً، عن طريق العمل على تدريبهم على الاستقلالية في حياتهم بعدما فقدوا حاسّة مهمّة».

وجزء من عدّة الشغل هنا «استرجاع وظيفة العضو المصاب أو في أحسن الأحوال إيجاد بديل وظيفي له». وبالتوازي، يسير برنامج التأهيل النفسي خصوصاً أنّ الإصابات تركت أثرها النفسي، «ولذلك أَولى القسم النفسي اهتماماً لهذا الجانب إن كان عبر العلاج بالأدوية عندما يستدعي الوضع ذلك أو عبر الجلسات». برغم ذلك، لم يكن ثمّة خوف من تخطّي هذا الموضوع، فبحسب نعيم «قلّة فقط من استمرّوا بالمتابعة النفسية»، وقد يكون مردّ ذلك إلى «الأحداث التي حصلت وكانت ضاغطة على الكلّ بلا استثناء». ولذلك، «معظم الجرحى تكيّفوا مع واقعهم وعادوا للإندماج في المجتمع بشكل أو بآخر».

طريق طويل وشاقّ، يقول نعيم، لكن في كل الأحوال كانت «مؤمّنة»، سواء لناحية توفّر الاختصاصيّين أو الأطراف الصناعية مع وجود «مركز لتصنيع الأطراف والأجهزة الاصطناعية». وأبعد من ذلك، تستعدّ مؤسّسة الجرحى لإطلاق جراحة التجميل الاصطناعية في أثناء شهر «حيث نعمل على تدريب فريق متخصّص من الأطباء لإجراء عمليات تجميل للأطراف الاصطناعية لتأدية مهمّتين تتعلّقان بوظيفة الطرف الاصطناعي وشكله أيضاً».

مع الذكرى الأولى للمذبحة، يمكن القول إنّ «تأمين الخدمة الأساسية المبتغاة من العملية التأهيلية قد أنجزت وعدنا إلى عملنا الانسيابي معهم بعيداً عن الضغط».

راجانا حمية