مقترح إماراتي بامتياز أثار ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي
بعد أن أعلنه مؤخراً قائد شرطة دبي السابق ونائبها الحالي “ضاحي خلفان”، والذي يؤكد المراقبون أنه صوتاً للحكومة الإماراتية ومعبراً عن خطواتها وممهداً لها، واتهم “خلفان” على أثرها بخيانة الأمة والدين.
فيما ترفض السعودية عزلة إسرائيل وتتحدث عن وجوب التعاون، هذا ما قاله الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، الذي يوصف بأنه مقرب للعائلة المالكة، إنالسعودية تريد من إسرائيل أن تعلن قبولها للمبادرة العربية للسلام، ومن ثم تبدأ المباحثات مع إسرائيل وربما يبدأ الفلسطينيون المباحثات مع إسرائيل، والسعودية تدعم ذلك، مضيفا: “لا نحبذ أن تكون إسرائيل معزولة في المنطقة ولا نحبذ أن يستمر العداء بين الفلسطينيين والإسرائيليين وبيننا، يجب أن نتعاون سويا”.
يبدو أن هذه التصريحات لم تكن مقترحات أو أراء فردية، ويبدو أن المراقبون محقون في رؤيتهم، حيث فضحت صحف إسرائيلية إرتماء الإمارات ودول عربية في حضن الكيان الصهيوني إسرائيل بحجة “العدو المشترك”.
تفاصيل العلاقات (الإسرائيلية – العربية)
فقد كشفت صحيفة “معاريف” العبرية تفاصيل جديدة تخص تحسن العلاقات بين إسرائيل من جانب وكل من السعودية ومصر والأردن والإمارات العربية من الجانب الآخر، معتبرة أن الحديث يدور عن شرق أوسط جديد تتطابق فيه المصالح بين تل أبيب والعرب.
وقالت الصحيفة إنه على مدى عامين التقى سرا ثلاثة إسرائيليين مع ثلاثة سعوديين في كل من روما والتشيك والهند. وأوضحت أن المجتمعين الستة تحدثوا باستفاضة عن التحديات المشتركة، وفي مقدمتها إيران، فضلا عن استقرار المنطقة.
ولفتت إلى “دوري جولد” الذي كان وقتها باحثا في مركز القدس للشئون العامة ترأس الوفد الإسرائيلي، إضافة إلى “شمعون شابيرا” المسئول الحالي بالخارجية الإسرائيلية، مقابل الدكتور أنور عشقي المقرب من الأسرة الحاكمة السعودية والسفير السابق للمملكة في الولايات المتحدة.
كان الإسرائيليون وكذلك السعوديون متحمسون يقول أحد الإسرائيليين المشاركين في اللقاء “لا تلتقي سعوديين كل يوم. فجأة ترى سعوديين أذكياء جدا وخبراء بما يحدث بالعالم، أناس لديك الكثير من الأمور لتحدثهم فيها. تحمسوا عندما رأوا إسرائيليين يتحدثون بنفس الروح حول الأشياء مع رؤية مماثلة. فجأة تشعر أن معاهدة سلام مع السعودية ليست بالأمر البعيد. يجب توافر الظروف المناسبة وسوف يحدث ذلك. عندما فرغنا من اللقاءات قلنا لأنفسنا أننا في شرق أوسط مع الكثير من الآمال لمستقبل أفضل”.
الخروج من الستر إلى العلن
في يونيو 2015 أصبحت اللقاءات علنية، عندما تصافح جولد وعشقي في فعالية بمعهد أبحاث بواشنطن. قال عشقي أمام عدسات الكاميرات إن التعاون بات ممكنا. هناك العديد من المصالح المشتركة.
بعد عدة أيام تعين جولد في منصب مدير عام الخارجية الإسرائيلية. أما عشقي فقد زار منذ نحو عام القدس بدعوة من السلطة الفلسطينية وصلى بالمسجد الأقصى.
زار مسئولون كبار بمنظومة الأمن الإسرائيلية بينهم رئيس الموساد السعودية. ووفقا لمواقع أمريكية اعتمدت على مصادر عربية، التقى يائير لبيد عضو الكنيست ورئيس حزب “هناك مستقبل” في نيويورك الأمير السعودي تركي الفيصل، الرئيس السابق للمخابرات السعودية وسفير بلاده في الولايات المتحدة.
والتقى وزير الدفاع موشيه يعالون بالفيصل في مؤتمر ميونيخ للأمن، وذلك رغم تصريحات الفيصل مؤخرا التي قال فيها إن العرب رفضوا في الماضي محاولات مصالحة، بينما الإسرائيليون هم من يرفضون الآن أية خطوات للسلام.
لا يمكن بحال تجاهل تطابق المصالح الذي تطور مؤخرا بين إسرائيل وكل من الأردن ومصر والسعودية ودول خليجية أخرى.
يشهد على ذلك استطلاع رأي أجري قبل عدة شهور في السعودية ووجد أن معظم السعوديين قلقون من إيران بشكل يفوق قلقهم من إسرائيل. صحيح أن العلاقات تتحرك بين الأمل وخيبته، ويقدم الحكام العرب والإسرائيليين لبعضهم الشوك والورود، لكن مسئولين إسرائيليين يتنزهون في العالم العربي بشكل مستمر وغير مسبوق، على حد تعبير “معاريف”.
زار “يتسحاق مولوخو” المبعوث الخاص لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو القاهرة عدة مرات مؤخرا. فيما أعاد جولد افتتاح سفارة إسرائيل بالقاهرة قبل عدة شهور. والتقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفدا من زعماء يهود الولايات المتحدة وفي مقدمتهم مالكولم هونلاين المقرب لنتنياهو.
مصر والإمارات وإسرائيل واللقاءات الودودة
قال السيسي إنه يتحدث مع نتنياهو من حين إلى آخر. وأخطرت مصر إسرائيل مسبقا بعزمها نقل جزيرتي تيران وصنافير للسعودية. وكشف أفيجدور ليبرمان مؤخرا أن مصر تساعد إسرائيل في الحوار مع حماس.
وتضيف “معاريف” أن وزير البنية التحتية الإسرائيلي يوفال شتاينتس التقى مطلع العام الجاري في أبو ظبي مسئولين إماراتيين. كذلك زار جولد الإمارات قبل بضعة شهور وافتتح هناك المفوضية الدبلوماسية الإسرائيلية.
ووفقا لمصادر أجنبية، تنطلق رحلة جوية خاصة بين أبو ظبي وإسرائيل مرتين أسبوعيا. وشارك آرئيل هيلمان وشون بيجا وهما لاعبان في منتخب كرة الطائرة الشاطئية في اللعب مؤخرا بقطر. لم يشعر اللاعبان بأي عداء تجاهما، وقال هيلمان “وكأننا نلعب في أوروبا. صحيح أن حارسين كانا برفقتنا، لكن لم تحدث أية مشكلة. وافق شرطي محلي على دخولنا قطر خلال خمس دقائق، وخلال وجودنا هناك تجولنا في المركز التجاري وتناولنا الطعام في مطعم محلي دون خوف. بدت قطر كما لو كانت القدس من حيث التنوع، فالنساء ترتدين النقاب والرجال بالجلاليب، لكن هناك أيضا رجال بزي غربي. الطعام في المطاعم متنوع والأسعار أرخص من إسرائيل”.
تعاون اقتصادي (خليجي – إسرائيلي)
وكشفت “معاريف” عن التعاون الاقتصادي بين إسرائيل ودول الخليج، بما في ذلك مشاركة رجل الأعمال الإسرائيلي ليف لافيف في قطاع الألماس بدبي، التي يمتلك فيها محل مجوهرات. إضافة إلى دعوة منتجي ألماس إسرائيليين للمشاركة في مؤتمر الألماس بدبي الشهر المقبل.
وأضافت أن العلاقات التجارية بين إسرائيل ودول الخليج تجرى عبر تركيا وقبرص، حيث يتم إزالة بلد المنشأ من على تلك المنتجات. وذلك فضلا عن الصفقات العسكرية بين إسرائيل وكل من السعودية والأردن، والتي اشتملت بحسب تقارير على طائرات بدون طيار، وأنظمة دفاعية.
تاريخ التطبيع الإماراتي الصهيوني
وعن تاريخ التطبيع الإماراتي مع الكيان الصهيوني، قال السفير إبراهيم يسري، مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق ومنسق حملة لا لبيع الغاز المصري لإسرائيل، أن العلاقة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والكيان الصهيوني لم تبدأ منذ وقت طويل كما لم تبدأ أيضًا منذ وقت قصير، لافتًا إلى أن أول الأخبار المعلنة عنها كانت عام 2009 عندما تم منح لاعب تنس إسرائيلي تأشيرة دخول للمشاركة في بطولة للتنس بدبي.
وأضاف “يسري” خلال مشاركته ببرنامج “رؤيتي” على قناة الشرق التلفزيونية نهاية العام الماضي، أن العلم الإسرائيلي رفع لأول مرة بأبو ظبي خلال اجتماع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة في حضور مسؤولين إسرائيليين.
ولفت إلى أن أول زيارة رسمية لمسؤول إسرائيلي للإمارات كانت في أوائل 2010 حيث قام وزير البنية التحتية الإسرائيلي عوزي لنداول بزيارة الإمارات رسميًا. كما استضافت الإمارات فريق سياحة اسرائيلي، وفي يناير 2014 زار الإمارات وزير الطاقة الإسرائيلي سيلفان شالوم .
وواصل “يسري” حديثه عن أبرز مظاهر التطبيع الإماراتية مع الكيان الصهيوني، مشيراً إلى أنباء افتتاح خط جوي سري بين الإمارات وإسرائيل بديسمبر 2014، مضيفًا أنه خلال نفس الفترة تعاقدت الإمارات كذلك مع شركة “آي جي تي” الإسرائيلية الخاصة لتركيب أنظمة مراقبة بأبو ظبي قد تكون متعلقة بالخط الجوي السري.
ولفت إلى ما كشفت عنه وثائق “ويكليكس” بشأن وجود علاقة شخصية قوية بين وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ووزيرة الخارجية الإسرائيلية في ذلك الوقت تسيبي ليفني.
وأشار السفير “يسري” إلى مخاطبة شمعون بيريز، عبر الأقمار الصناعية ممثلين عن عدة دول عربية وإسلامية في اجتماع بالإمارات بنوفمبر 2013 بالإضافة لحضوره ندوة سرية وفقًا لما نقلته تقارير صحفية.
واختتم “يسري” تصريحاته حول التطبيع الإماراتي الصهيوني باعتبار استخدام الإمارات لتوني بلير وترتيب زياراته للقاهرة أكثر من مرة من أبرز الأدلة على ذلك واصفًا بلير بـ”الصهيوني”.
التطوّر الذي تحققه إسرائيل في الخليج
وكان الباحث الأمريكي سايمون هندرسون -مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن، قد نشر مقالا نهاية العام الماضي بعنوان نشر الباحث الأمريكي سايمون هندرسون مدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن مقالاً بعنوان “التطوّر الذي تحققه إسرائيل في الخليج”، سلط فيه الضوء على العلاقات الخليجية الإسرائيلية.
هندرسون في مقاله المنشور على الموقع الخاص بمعهد واشنطن، تناول العلاقة الخفية -إلى حد ما- بين دول الخليج وإسرائيل على المستوى السياسي والدبلوماسي والاقتصادي، وهي العلاقة التي لطالما اكتنفها الغموض، فمنذ أيام منحت الإمارات العربية المتحدة إسرائيل إذناً رسمياً لإقامة مكتب دبلوماسي في أبوظبي تحت رعاية الوكالة الدولية للطاقة المتجددة “إيرينا”، وهي هيئة متعددة الأطراف تضم أعضاء من 144 دولة.
ويشير هندرسون إلى أن كلا الحكومتين عملتا جاهدتين على الإيحاء بأن المكتب الجديد يهدف فقط إلى تسهيل عضوية إسرائيل في “الوكالة” التي يقع مقرها الرئيسي في أبوظبي.
وتحولت هذه العلاقة من السر إلى العلن، ففي حين كان دبلوماسيون إسرائيليون يحضرون اجتماعات “الوكالة” في أبوظبي منذ سنوات، صار بمقدورهم اليوم إنشاء مكتب في العاصمة الإماراتية والعيش فيها بشكل دائم أيضاً.
وربط الباحث الأمريكي انعدام العلاقات الدبلوماسية الرسمية بين دولة الإمارات وإسرائيل، بإيجاد بعثة إيرانية معتمدة لدى الأمم المتحدة في مدينة نيويورك، على الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران، ولكن في حالة “إيرينا” يبدو الترتيب الجديد أكثر أهمية بكثير على الرغم من البيانات الرسمية الحذرة.
ومن وجهة نظر هندرسون، يتجلى هذا الحذر في رغبة وسائل الإعلام الإماراتية على ما يبدو في الحد من أهمية الموضوع، بالإضافة إلى الرقابة الرسمية التي تحد مما تنشره وسائل الإعلام حول مواضيع معينة، بما فيها العلاقات مع الدول العربية، ويعكس هذا المكتب الجديد الحضور الإسرائيلي الدبلوماسي الثاني في مدينة خليجية، وذلك بعد القنصلية التي أحيطت بالتكتم الشديد والتي تم الكشف عن وجودها دون تحديد موقعها في وثيقة ميزانية إسرائيلية تم تحريرها عَرَضاً على ما يبدو في عام 2013.
وقارن هندرسون بين نمو التجارة الإسرائيلية مع دول الخليج العربي باستمرار والروابط السياسية التي تتأرجح بين مد وجزر، ويشيرعلى سبيل المثال إلى ما حصل في عام 2010، حين غضبت الإمارات العربية المتحدة من اغتيال القيادي في حركة حماس محمود المبحوح، الذي أغتيل على يد عناصر من الموساد الإسرائيلي وتحت أنظار سلطة عيال زايد في أحد فنادق الإمارات.
ولفت الكاتب الأمريكي إلى أنه من غير المرجح أن تعود الروابط السياسية بين إسرائيل ودول الخليج على الفور إلى أوجّها كما كانت في التسعينيات، عندما قام القادة الإسرائيليون، بعد اتفاقية كامب ديفيد، بزيارة عُمان وقطر وإنشاء بعثات دبلوماسية صغيرة وُصفت بأنها تجارية أو مكاتب اتصال.
نقلا عن شؤون خليجية