الدراسات

الموصل: صراع ما بعد «داعش»

تتقدّم القوات العراقية المشتركة على أكثر من محور في محافظة نينوى عقب إعلان بغداد بدء

«عمليات تحرير الموصل»، في وقت تشير فيه مصادر ميدانية إلى تخوفها من إمكانية انسحاب أعداد كبيرة من عناصر «داعش» باتجاه الحدود. لكن أياً يكن واقع التطورات الميدانية، فإنّ إطلاق المعارك بدأ يكشف «حسابات الأقلمة» وطموحات «العودة التركية»… فضلا عن مشاريع أميركية وأخرى فرنسية معدّة لمرحلة «ما بعد التحرير»

يكاد المشهد الآتي من ميادين معارك محافظة نينوى، ومركزها الموصل، أن يعكس وحدة قرار الأطراف العراقية المشاركة في العمليات، في وقت تتشارك فيه الطائرات العراقية الجو إلى جانب مقاتلات “التحالف الدولي”، وبصورة خاصة المقاتلات الأميركية والفرنسية.

وبينما تتضح يوماً تلو الآخر أجندات كل من واشنطن وباريس لمرحلة “ما بعد التحرير”، فإنّ ضجيجاً إقليمياً، ذا لهجة طائفية، يصدر عن أنقرة وحلفائها الخليجيين، يوحده “التحذير من دخول الميليشيات الطائفية” إلى مركز الموصل، في إشارة إلى “الحشد الشعبي“.
وترفع تركيا من سقف خطابها، بغية حجز دور مباشر لها في عمليات المحافظة والعاصمة التي دعا الرئيس التركي، المهتمين “بتحريرها”، أمس، إلى قراءة التاريخ، وإلى معرفة علاقة بلاده بالمنطقة وسكانها من التركمان والعرب والأكراد. وفيما أكد أردوغان أن بلاده “لا تتلقى أوامر من أحد ولن تخرج من معكسر بعشيقة… (وأن أنقرة ستكون) داخل العملية، وعلى الطاولة”، جدد وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، معارضته لأي “مشاركة من المليشيات الشيعية”، محذراً من أنه “إذا دخلت الموصل، وهي مدينة أكبر بكثير من الفلوجة، فإني أتوقع رد فعل معاديا جداً”. ومن المعروف أنّ لتركيا والسعودية نفوذاً مهماً في محافظات العراق الغربية، وأنّهما بنتا خلال السنوات الماضية تحالفات جدية، ترتكز على تبني شخصيات محلية يتقدمها كل من أثيل النجيفي ورافع العيساوي. ويسعى هذان الأخيران إلى تكريس مشاريعهما في نينوى والأنبار، وتسعى إلى تحويل المحافظتين إلى إقليمين، على غرار إقليم كردستان الذي شهدت حدوده توسعاً كبيراً منذ تمدد “داعش” في العراق. وللإشارة، فإنّ رئيس الإقليم، مسعود البرزاني، كان قد دعا مراراً في الأشهر الأخيرة إلى “إعادة رسم حدود سايكس بيكو”، فيما يجري حديث جدي راهناً عن أنّ فرنسا تؤيّد تنظيم استفتاء بهذا الشأن داخل الإقليم عقب “تحرير الموصل“.

ومن ضمن مشهد المعارك القائمة، تخشى بغداد أن تكرّس العمليات القتالية القائمة اليوم في محافظة نينوى خريطة نفوذ “أمر واقع”، وخاصة أنّ واشنطن (الطرف الأقوى) تعمل على هندسة خريطة الشمالين السوري والعراقي وفقاً لأولوياتها، فتشترط مثلاً انتشار قوات معينة داخل الموصل “بعد تحريرها”. وقد صرّح وزير الدفاع الأميركي، آشتون كارتر، أمس، أن بلاده وبقية دول “التحالف الدولي” تقف مستعدة لدعم العراق في”المعركة الصعبة المقبلة”. ومن المعروف أنّ واشنطن، التي واصلت في الأشهر الماضية زيادة عدد عسكرييها في العراق تحت شعار “الدور الاستشاري”، تريد أن تتسلم القوى المحلية (حشد النجيفي وحلفاؤه من العشائر) المدينة بعد “تحريرها”، وهي كانت قد طرحت عبر وزير خارجيتها، جون كيري، في بداية “تمدد داعش” مشروع “الحرس الوطني” للمحافظات، التي كانت ترجمته العملية إبعاد المحافظات عن سلطة الحكومة المركزية.
ويزيد من تعقيد ذلك المشهد الفسيفسائي في الشمال العراقي (الذي للإشارة ساهم “تمدد داعش” سابقاً في رسم أطر عدة له)، أنّ بغداد عاجزة بصورة أو بأخرى عن ضبط “شهية إقليم كردستان التوسعية” من جهة، وقد تعاني للجم طموحات رجل تركيا في العراق، أثيل النجيفي، ورافع العيساوي، لتكريس الأقلمة في نينوى والأنبار. (يُضاف إلى التعقيدات أنّ “العرب السنة”، الذين يريد محور النجيفي ــ العيساوي مصادرة قرارهم، لا يقبلون توسّع دور قوات “البشمركة” (الكردية) في نينوى والموصل).
ضمن هذا المشهد، يطغى الحذر على حكومة بغداد التي لا ترغب بأي شكل أن تخلص المعارك القائمة حالياً إلى أمر واقع يفرض خريطة نفوذ جديدة من شأنها إخراجها من كل الشمال العراقي، وبالتالي بدء مسارات الأقلمة، ومن خلفها التقسيم.
وفي ظل ارتفاع الأصوات المنددة بمشاركة “الحشد الشعبي”، فقد أصدرت قواه أمس، بياناً أكد أنّ “مهمته تتمثل بقطع الامداد عن داعش، والتطويق من ثم تحرير المناطق الجنوبية والغربية للموصل، وبمقدمتها تلعفر، واذا تعقدت العمليات، فسيتولى الحشد الشعبي مهمات إضافية، منها تطويق مدينة الموصل بجهاتها الأربع، كما حصل في الفلوجة”. وأضاف البيان أنّ “الاتفاق بين القائد العام للقوات المسلحة وقادة الحشد الشعبي ينص على منع قواتِ البشمركة من الدخول الى مركز الموصل، واذا دخلت، يتصدى لها الحشد حفاظاً على عروبة المدينة الكبيرة وعراقيتها”، متابعاً أنّه “بحسب الاتفاق، فإن الوظيفة الاساسية لوجود الحشدِ الشعبي في الموصل، هي التصدي لمخاِطر محتملة قد تتعرض لها الموصل بعد الخلاص من داعش، وفي مقدمتها المطامع التركية”.
من جانب آخر، دعا زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، في بيان صحافي، العراقيين الى الخروج بتظاهرة حاشدة اليوم أمام السفارة التركية في بغداد “احتجاجا على التوغل التركي في الاراضي العراقية”، مشيراً الى ان التظاهرة ستكون “دعما للجيش العراقي في معركة تحرير الموصل من الارهابيين ومن الترسانة التركية التي تجثم على ارض المحافظة من دون احترام لاراضيها وسيادتها”.

صدى «الموصل» في سوريا: كأنّ المعركة بدأت الآن

لم يجرِ الاعلان عن معركة ضد «داعش» في العراق إلّا حُسمت لمصلحة القوات المهاجمة. لبّ المسألة يتعلق بمرحلة ما بعد التحرير، واليوم مع اعلان معركة الموصل تتوجّه الأنظار إلى اليوم التالي لـ«عراق نظيف من الارهاب» (تبقى بعض الجيوب وجزء من المنطقة الحدودية). وهذا اليوم هو سوريّ بدرجة أساسية أيضاً، حيث انعكاسات المعركة والخطط الأميركية تتجّه إلى تسعير الصراع في سوريا وحصر الاشتباك الدامي داخل أسوار هذا البلد

إيلي حنا

اطلاق صافرة معركة الموصل ليس سوى اعلان عن قرب انتهاء «داعش» بنسخته العراقية، وطيّ مشروع استخدمه الأميركيين لتثبيت «عودة» سياسية وعسكرية إلى العراق.

لم تدخل قوات «التحالف الدولي» معركة إلّا بعد ربطها بجدول أعمال يوضح مفرزات تداعيات التحرير، وحساب الربح والخسارة لواشنطن وحلفائها، إذ استطاعت أميركا عبر ضغطها على الحكومة العراقية أن تُؤجّل معارك عدة لم تكن ترى فيها أي مردود سياسي لمصلحتها. لذا، كانت الخطوط الحمر تُظلل جبهات مختلفة ضد تنظيم «داعش»، لكن أيضاً لم تنجح واشنطن في ابعاد «الحشد الشعبي» عن بعضها. في الفلوجة وتكريت مثلاً، ساعدت ظروف المعركة وقدرة «الحشد» على ابرازه كقوة رئيسية… لكن معركة الموصل اليوم مختلفة في السياقين السياسي والعسكري.
فهي، وإن كانت منسقّة مع حكومة حيدر العبادي وأنقرة وأربيل (قوات البيشمركة)، تبقى مظلّلة بتوقيت أميركي خالص يُراد منه نصر معنوي لإدارة الرئيس باراك أوباما في نهاية عهده، وتسديد نقاط لحزبه الديمقراطي في معركة هيلاري كلينتون الرئاسية. كما أنّ الهرولة نحو الموصل تشي بفتح صفحة جديدة من الحرب في سوريا. صفحة عنوانها تجميع عناصر «داعش» في الشرق السوري (من دير الزور إلى الرقة)، والاستفادة من هذه الورقة في زيادة الضغط على الجيش السوري وحلفائه وافقاده السيطرة على كامل شرق البلاد. كانت كلينتون واضحة في حديثها خلال مناظرتها مع منافسها الجمهوري دونالد ترامب، بأنّ «التقدم العسكري في العراق يساعدنا، ونأمل أننا خلال سنة سنتمكن من إخراج داعش من العراق ومحاصرتهم في سوريا»،
إذاً، يعود الرهان على «داعش» كقوة أساسية في الحرب تُمثّل أرقاً لقوات الجيش السوري (وموسكو) بعد النجاح في انتزاع ورقة مدينة حلب ودفعها نحو العودة إلى الدولة السورية بعد تعطيل ــ بفعل الأمر الواقع (حتى الآن) ــ اليد التركية ــ الخليجية والأميركية هناك.

المنطقة أضحت في مرحلة تظهّرت فيها الأبعاد الاقليمية والدولية للحرب. وهذا الأبعاد لم تتدحرج بل جاء التطوّر في سياق تظهيرها عبر نزوع «الأصيل» نحو التدخّل بعد فشل «الوكيل» في أن يمثّل ورقة ضغط في الميدان أو في المفاوضات
(ما حدث في حلب وغارة دير الزور نموذجاً)، وذلك يعزّز الحاجة إلى «داعش» كورقة ضد دمشق.
أمّا في العراق، فتظهر التساؤلات عن «عراق ما بعد داعش» ودور الحكومة المركزية وعلاقتها مع الأطراف الاقليمية في ظلّ سقوف أميركية واضحة المعالم. والتساؤل الآخر هو عن دور «الحشد الشعبي» (الذي وُجد بفعل خطر «داعش» الارهابي) في العراق، وأيضاً في سوريا حيث يقاتل عدد من فصائله إلى جانب الجيش.
مصدر قيادي في «الحشد الشعبي» قال لـ«الأخبار» إنّ هنالك «تحديا واضحا لما بعد التحرير، والحشد يريد افشال المشروع الاميركي ـ التركي في الموصل وهذا ممكن».
ويرى أنّ «منفذ الهروب» (للمسلحين نحو سوريا) هو تحت رعاية «التحالف الاميركي»، ويؤكد أنّه «ما من دور أساسي للحشد في المعركة وتحديداً في خطوطها الاولى، لكن الحديث عن الحدود هو المحور الذي يريد الحشد السيطرة عليه وحسمه».
ويكشف أنّه قبل انطلاق العملية جرت «تحركات بين الموصل والأراضي السورية وكانت تحديداً لاستبدال العناصر… والمعلومات لدينا تؤكد أنّ العناصر التي دخلت الموصل هي الأكثر موالاة لتركيا، وهذا يعني أن التأثير التركي على قرار الانسحاب سيكون سريعاً».
ويشير القيادي إلى أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي يرجّح الرأي الاميركي «ويثق بهم رغم أن أغلب الأطراف العراقية تتحدث عن مصير الموصل بعد التحرير والمشروع الأميركي، إلا أنه لا يرى هذا مبرراً، وهو مقتنع تماماً بأن الأميركيين يريدون أن يقدّموا خدمة له بالمجان»، لكن في ما يخص الاتراك، يروي المصدر أنّ العبادي «رافض لهذا التدخل لكنه لا يريد الحل إلّا عبر الاميركيين الذين وعدوه بحل الأزمة (مع أنقرة)». ويشدّد على أنّ «الحشد الشعبي» لن يسمح بأن تُدير الموصل «جماعة تركيا» (عبر «الحشد الوطني» بقيادة محافظ نينوى السابق أثيل النجيفي)، وقد «يكون لهم دور كشريك مفروض».
نحن أمام مشهد مختلف وصورة جديدة، وكل الأنظار تشخص إلى ما بعد الموصل حين يقترب العراق من حسم معركته مع الارهاب لتنتقل الجبهات إلى أروقة السياسة، فيما تبقى عشرات الطائرات الحربية تحوم فوق سوريا، ولكل منها أهدافها المختلفة ضمن معادلات تضبط حركتها… لكن في النتيجة كأنّ المعركة في سوريا بدأت الآن!

اليوم الأول لمعارك الموصل… 26 قرية من دون خسائر

حققت القوات العراقية تقدماً لافتاً في اليوم الأول من معارك الموصل، محرّرة 26 قرية، في الوقت الذي من المتوقع فيه أن تشهد المعركة تقدماً في الأيام المقبلة، مع مباشرة “الحشد الشعبي” مهماته على المحور الجنوبي الغربي، إضافة إلى قطعات إضافية من القوات المسلحة العراقية في محاور عدة

محمد شفيق

بغداد | أخيراً، أعلن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الساعة الصفر، بعد ترقّب وتكهنات دامت أياماً عدة، وفرضيات تحدثت عن إمكانية تأجيل انطلاق المعركة إلى ما بعد تسوية قضية الوجود العسكري التركي في شمال العراق.

وكشفت الساعات الأولى للمعركة عن ثمار الاتفاقات والتفاهمات التي جرت خلف الكواليس وأمامها، خلال الفترة الماضية، بين بغداد وأربيل وواشنطن.
وفجر أمس، أعلن العبادي من مقر قيادة العمليات المشتركة في العاصمة بغداد، مرتدياً البزة العسكرية، بدء أهم معركة مع “داعش” منذ حزيران 2014. وقال مخاطباً أهالي نينوى: “قريباً نلتقي في أرض الموصل لنحتفل جميعاً بتحريرها وبخلاصكم، ولنعيش مرة أخرى بجميع أدياننا وبجميع طوائفنا، أحبّة متكافئين متعاونين، نقف جميعاً للاقتصاص من جرائم داعش وإعادة بناء هذه المحافظة الطيبة بجميع أهلها“.
العبادي كشف عن وجود “محاولة خلال الأيام الماضية لتأخير عملية التحرير وخلط الأوراق، ولكن والحمدلله وأدناها في قبرها وفي مكانها”، مؤكداً أن حكومته ستعمل على “إعمار ما دمرته هذه العصابة المجرمة (داعش)، وسنعيد الحياة ونعيد الاستقرار في الموصل وفي جميع المناطق حول الموصل“.
وتمكنت القوات المشتركة، في نهاية الجزء الأول من العمليات العسكرية، من الوصول إلى مناطق في المحور الجنوبي الشرقي لنينوى، الأمر الذي فاق التوقعات والترجيحات بحسب قادة عسكريين بارزين. وبلغ عدد القرى التي تم تحريرها 26 قرية، أبرزها: إبراهيم الخليل والعدلة وكان حرامي وعباس رجب وجديدة وقرى الكبيبة والمخلط والشروق والحميدية وقرى بلاوات والشهيد صبحي وكهاري وقرية الجايف، وكهاري وقرية الجايف، ونمرود، وخضر، وباصخرة وبازكرتان.
في المقابل، شهدت مناطق حمام العليل والحمداني (سهل نينوى) تقدماً كبيراً وانتفاضة لأهاليها.
وأبلغ قائد محور جهاز مكافحة الإرهاب في عمليات نينوى، الفريق الركن عبد الوهاب الساعدي، “الأخبار”، عدم وقوع أي خسائر بشرية في صفوف القوات المحرّرة، خلال اليوم الأول من العمليات. وأشار الساعدي إلى أنه “لم تشارك جميع القطعات العسكرية في عمليات التحرير لغاية الآن، بينها قواته جهاز مكافحة الإرهاب، باعتبار أن المرحلة الأولى أنيطت بقوات البشمركة“.
وأعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني، الذي وصل إلى محور عمليات قواته مع رئيس حكومته نجيرفان البرزاني، حيث عقد مؤتمراً صحافياً مشتركاً مع قادة في الجيش العراقي، عن “تطهير 200 كلم مربع من داعش، في المرحلة الأولى من معركة استعادة الموصل”. وأشار إلى أن “هناك تنسيقاً كاملاً مع بغداد بشأن معركة استعادة الموصل”، مضيفاً أن “القوات تحقق نجاحاً كبيراً”. وقال إنها “المرة الأولى التي يقاتل فيها الجيش العراقي إلى جانب قوات البشمركة في جبهة واحدة ضد عدو مشترك”، لافتاً إلى أنه “لن تكون هناك عمليات ثأر وانتقام ما بعد التحرير، ولن نقبل بأن تتحول الموصل إلى حلب جديدة“.

وبشأن الوضع في مدينة الموصل التي تدور المعارك على أطرافها، أبلغت مصادر ميدانية وأخرى محلية “الأخبار” بأن المدينة أصبحت خالية من سكانها تماماً، بعد أوامر أصدرها “داعش” للأهالي بلزوم منازلهم. المصادر أوضحت أن التنظيم قام بنقل جميع مقاره إلى مواقع بديلة في الأحياء والمناطق السكنية. كذلك أشارت إلى أن “داعش” قام بقطع الشوارع والطرق الرئيسية والفرعية في الموصل بالسواتر الترابية، في محاولة لإعاقة تقدم القوات الأمنية، مضيفة أنه عمد إلى ركن سيارات مفخخة وتفخيخ بعض المنازل والطرق في المدينة.
وفي السياق، كشف الخبير في شؤون الجماعات المسلّحة هشام الهاشمي عن اعتماد “داعش” على ثلاث كتائب هي “طارق بن زياد” و”الخلافة” و”الصارم البتار”، موضحاً أن غالبية المنتمين إلى تلك الكتائب من الأجانب وشمال أفريقيا. ولفت الهاشمي، في حديث إلى “الأخبار”، إلى أن معركة الموصل ستكون أشبه إلى حدّ ما بمعركة الفلوجة. من جهة أخرى، أشار الخبير في شؤون الجماعات المسلحة إلى أن “تعاون الأهالي له تأثير كبير، حيث تمت تصفية أكثر من 40 داعشياً من الصف الثاني عبر تعاون الأهالي”، لافتاً إلى أن “التنظيم عمد خلال الأيام القليلة الماضية إلى إعدام أكثر من 50 شخصاً من أهالي الموصل بتهمة التعاون مع الجيش العراقي والبشمركة”.
وبشأن دور قوات “الحشد الشعبي”، أكد مصدر أنه “لم يبدأ فعلياً بعملياته، وأن ما يقوم به حالياً هو إسناد مدفعي وصاروخي”. وقال المصدر لـ”الأخبار” إن “قيادة العمليات المشتركة أوكلت إلى الحشد الشعبي مهمات عدة سيعلن عنها لاحقاً، أبرزها تحرير طريق بيجي (التابعة لصلاح الدين) ــ الموصل”.
وبدأت مديرية الإعلام الحربي التابعة لـ”الحشد الشعبي” بنشر بيانات رسمية ومواقف عسكرية لتطورات معركة تحرير الموصل. وفي هذا الإطار، أشارت في بيان إلى أن “جميع القوات العراقية تشترك في عملية تحرير الموصل، بما فيها قوات الحشد الشعبي بكافة فصائله”. وأضاف البيان أن “محور الحشد الشعبي يكون الجهة الجنوبية والغربية للموصل، في حين تكون الشرقية والشمالية للجيش والبشمركة والتحالف الأميركي، بالإضافة إلى الحشد الشعبي المحلي، الذي يضم متطوعين من سكان الموصل، خصوصاً المسيحيين والتركمان”.
وأضاف البيان أن “قوات الشرطة الاتحادية وقطعات من الجيش تشترك في محاور الحشد”، مشيراً إلى أن “الغطاء الجوي لمناطق الحشد الشعبي يكون من مهمة طيران الجيش والقوة الجوية العراقية حصراً”.
ووفق البيان، فإن “مهمة الحشد الشعبي هي قطع الإمداد لداعش والتطويق، من ثم تحرير المناطق الجنوبية والغربية للموصل، بمقدمتِها تلعفر”. وأشار إلى أنه “في حال تعقدت العمليات، يتولى الحشد الشعبي مهمات إضافية، منها تطويق مدينة الموصل بجهاتها الأربع، كما حصل في الفلوجة”.
من جهة أخرى، لفت البيان إلى أن “الاتفاق بين القائد العام للقوات المسلحة (العبادي) وقادة الحشد الشعبي، ينص على منع قوات البشمركة من الدخول إلى مركز الموصل”، مؤكداً أنه “في حال دخلت، يتصدى لها الحشد، حفاظاً على عروبة المدينة الكبيرة وعراقيتها”. كذلك لفت إلى أنه “في حالة دخول الاحتلال التركي إلى تلعفر، يتم التعامل معه من قبل قوات الحشدِ الشعبي الموجودةِ هناك مباشرة”. وبحسب الاتفاق، فإن الوظيفة الأساسية لوجود “الحشدِ الشعبي” في الموصل، هي “التصدي لمخاطر محتملة قد تتعرض لها الموصل، بعد الخلاص من داعش، في مقدمتها المطامع التركية”.
إلى ذلك، نفى مصدر حكومي وجود قائد “فيلق القدس” في الحرس الثوري قاسم سيلماني في “عمليات تحرير الموصل”. لكنه أكد في حديث إلى “الأخبار” وجود مستشارين إيرانيين يقدمون الدعم للبشمركة وبقية القوات العراقية “على حدّ سواء”. وأشار المصدر إلى وجود مستشارين أميركيين وبريطانيين وأستراليين، ومن جنسيات أخرى، في نينوى، بعلم وتنسيق مع الحكومة الاتحادية في بغداد