الدراسات

العراق والاسلام السياسي

 صدور كتابي رقم ٥٣ للدكتور صلاح عبد الرزاق

بعنوان
العراق والاسلام السياسي

المقدمة
تحتل الأحزاب الإسلامية بشقيها الشيعي والسني دوراً رئيساً في الحياة السياسية والدينية والمذهبية والاجتماعية في العراق بعد سقوط النظام في 9 نيسان 2003 . وقد لعبت دوراً هاماً في العملية السياسية والنظام الديمقراطي الذي تأسس بعد صدور الدستور العراقي لعام 2005 . وما تزال الكتل والشخصيات الإسلامية ذات تأثير ونفوذ واسعين في المشهد السياسي والاجتماعي العراقي.
إن ظهور الأحزاب الإسلامية أو ما يُصطلح عليه بالاسلام السياسي بعد 2003 لا يعني أنها لم تكن ذات جذور تعود لعقود من الزمن، أو ذات نشاط سياسي وثقافي وأمني في معارضة النظام السابق، ومن قبله الحكومات التي عادت التيار الاسلامي في سياساتها العامة. فالأحزاب الاسلامية كانت تشكل عمود المعارضة العراقية ، إضافة إلى التيار الليبرالي والكردي تميزت بحضور مكثف ولها نشاطات وعمليات كثيرة ضد النظام الصدامي ومؤسساته وعناصره.
في الفصل الأول يدرس هذا الكتاب دور الإسلام كعقيدة وشريعة في المجتمع السياسي العراقي بداً من دخول القوات البريطانية العراق في الحرب العالمية الأولى عام 1914 ، وما أعقبها من حركة الجهاد لمقاومة الاحتلال الانكليزي التي قادتها المرجعية الشيعية وزعماء العشائر ، ثم بلغت الحركة ذروتها في ثورة العشرين عام 1920 التي تُعد ثورة تأسيس الدولة العراقية الحديثة.
تناول الفصل الثاني دور الاسلام في الدساتير العراقية منذ العهد الملكي عام 1925 مروراً بالعهد الجمهوري عام 1958 إلى العهد العارفي 1964 ثم الفترة البعثية 1968-2003 ، إلى دستور 2005. إذ يُلاحظ أن عبارة (الإسلام دين الدولة الرسمي) بقيت هي القاسم المشترك في تلك الدساتير دون أن يكون هناك مضمون حقيقي يعكس هذه فحوى هذه العبارة. كما تناول تأسيس مؤسسات دينية رسمية كالمحاكم الدينية والأوقاف والعتبات المقدسة، إضافة إلى قضايا التكفير الديني والشعائر الدينية والعطل الدينية والمذهبية الرسمية.
تناول الفصل الثالث دور المرجعيات الشيعية والحوزة العلمية التي كان لها تأثير كبير في المجتمع الشيعي أولاً ، والحكومي العراقي ثانياً . كما سلط الضوء على أهم المراجع الذين كان لهم نفوذ اجتماعي وسياسي وديني واسع. وكانت لهم مواقف مهمة في التاريخ المعاصر كالسيد محسن الحكيم والسيد محمد باقر الصدر والسيد أبو القاسم الخوئي، والسيد محمد صادق الصدر.
أما الفصل الرابع فهو قراءة لنظرية السيد السيستاني في تأسيس الدولة العراقية بعد 2003. إذ يتابع خطوات ومواقف ورؤى السيستاني في أهم القضايا والمنعطفات التي واجهت العملية الديمقراطية. إذ يمكن تمييز مواقف سماحته بعدم التدخل بشؤون الدولة، وترك تحديد شكل نظام الحكم للعراقيين، ومنع استلام رجال الدين لمناصب تنفيذية، وأصر على تدوين دستور دائم من قبل لجنة عراقية منتخبة، ورفض كل محالات التعيين من قبل الأجنبي. كما أكدى السيستاني على مفاهيم التعددية والعدالة والمساواة واحترام الرأي الآخر ودور الأغلبية السياسية في إدارة البرلمان والحكومة.
يواصل الفصل الخامس متابعة تأثير السيد السيتاني في أحداث ما بعد سقوط النظام مثل النزاعات المسلحة في كربلاء عام 2003 والنجف الأشرف عام 2004 ، والفتنة الطائفية التي نشبت بعد تفجير قبة الإمامين العسكريين عام 2006 . كما تم تسليط الضوء على مواقف سماحته من تشكيل مجلس الحكم الانتقالي، ورفضه لصدور قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية، ومواقفه من الحكومة المؤقتة.
ويكرس الفصل السادس في البحث عن بصمات السيستاني في قضية تدوين الدستور الدائم ورأيه بمبادئه ، وتأكيده على انتخاب لجنة صياغة الدستور، ودوره الكبير في دعم الانتخابات البرلمانية وفتاواه الفريدة بهذا الصدد ، والموقف الحيادي من الكتل السياسية. كما يبحث في دور السيستاني في تشكيل حكومة العبادي، إضافة إلى موقف سماحته من الامتناع عن اسقبال السياسيين، وتأسيس الحشد الشعبي.
ويبحث الفصل السابع في حركة الجهاد الجديدة عام 2014 أي بعد مرور قرن على فتوى الجهاد التي أصدرها المرجع السيد كاظم اليزدي عام 1914 . إذ تناول هذا الفصل فتوى الجهاد الكفائي بقسميها وتفاصيلها . وهي الفتوى التي جاءت لتمنح المبرر الشرعي والامتداد الاجتماعي والسياسي للحشد الشعبي الذي تأسس حديثاً. كما تناول الفصل قواعد الحرب حسب الشريعة الإسلامية التي أصدرها السيستاني على شكل توجيها للمقاتلين. وينتهي الفصل بتسليط الضوء على منبر جمعة كربلاء الذي بات منطلقاً لبث التوجيهات ، ومواقف المرجعية من شتى القضايا السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية.
ويبحث الفصل الثامن في حركة الاصلاح الحكومي التي تزعمها رئيس الوزراء حيدر العبادي بتوجيه ودعم السيد السيستاني. ويوضح الخطوط الرئيسة للاصلاح المطلوب، وحزم الاصلاحات الثلاث وما تحقق منها، والعوائق الدستورية والقانونية والسياسية التي واجهتها وانته بعضها بقرار من المحكمة الاتحادية. كما يناقش انبثاق جبهة الاصلاح النيابية وأهم ما أنجزته كأول تجمه نيابي عابر للطائفية والقومية.
أما الفصل التاسع فيبحث في الأحزاب الإسلامية الشيعية ، نشوءها ، تاريخها، مبادئها، أبرز شخصياتها. كما تناول أداءها السياسي وعلاقاتها قبل 2003 وبما بعدها، بما في ذلك مشاركتها في مجلس النواب والحكومات المتعاقبة. وأبرز هذه الأحزاب هو حزب الدعوة الإسلامية والمجلس الأعلى الإسلامي وتيار الحكمة والتيار الصدري وحزب الفضيلة.
ويسلط الفصل العاشر الضوء على الإسلام السني في العراق، وتأريخ وتأثير المكون السني الذي حكم العراق منذ قرون مستمرة وسط أكثرية شيعية محكومة. وتناول علاقة السنة العرب بنظام صدام والامتيازات التي تمتعت بها ، إضافة إلى تعرضها إلى تصفيات لبعض زعاماتها. كما يناقش موقف السنة من إسقاط النظام وما أعقبه من نتائج أوجدها الاحتلال الأمريكي.
ويعرض الفصل الحادي عشر لأهم الأحزاب السنية وهما الحزب الإسلامي العراقي وهيئة علماء المسلمين. إذ يتابع جذورها الفكرية والتأسيسية ومواقفها تجاه الأحداث. كما يعرض للحركات السنية المسلحة التي رفعت السلاح ضد الدولة العراقية بعد 2003 أو الاحتلال الأمريكي. ويحلل جذور الفكر التكفيري وعلاقة المجتمع السني بتنظيمات القاعدة وداعش، معرجاً على أبرز الحركات السنية المسلحة ، وحجم مشاركة العراقيين من بعثيين وعسكريين سابقين في هذه التنظيمات الارهابية.
ويعالج الفصل الثاني عشر الانتفاضة السنية ضد الدولة العراقية وضد الشيعة عام 2012 والتي تتوجت بإقامة منصات الاعتصام ، والتجمعات والشعارات التي ترفع فيها كل جمعة. كما تابع وقائع الاحتجاجات السنية في الأنبار والموصل وسامراء والحويجة والفلوجة، حتى انتهائها برفع الخيام .
أما الفصل الثالث عشر فيعرض للفصائل الشيعية المسلحة ونشاطاتها السياسية وعملياتها العسكرية ضد نظام صدام ، ومحاولات اغتيال رأس النظام وابنه. كما تناول الانتفاضة الشعبانية في آذار 1991 ، مروراً بتحولها إلى العمل السياسي بعد عام 2003 عدا منظمة بدر. إذ يعرض لأهم الحركات الشيعية المسلحة كجيش المهدي، عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، وحركة النجباء، سرايا السلام، سرايا الخراساني، وبقية الجماعات المسلحة. وفي ختام الفصل يعرض لأداء الفصائل الشيعية ومستقبلها وأداءها السياسي والعسكري وارتباطاتها الخارجية.
ويتناول الفصل الرابع عشر التركيبة الأيديولوجية والمذهبية والقومية للمؤسسات الدستورية التي نشأت ببعد سقوط النظام. إذ يحلل تركيبة الشخصيات السياسية وانتماءاتها المتنوعة ليرسم صورة حقيقية بطريقة إحصائية لمجلس الحكم ورئاسة مجلس النواب خلال أربع دورات. كما يتابع انتماءات حكومات مجلس الحكم وعلاوي والجعفري والمالكي والعبادي. وبذلك تكتمل الخارطة السياسية والمذهبية والقومية في المشهد العراقي ، وتحديد نسبة كل مكون فيها بعيداً عن المبالغات التي ترفعها هذه الجهة أو تلك.